منتصف العمر أزمة أم نضج؟
إذا كنتَ في مرحلة الثلاثينيات فلا شكّ أنك لاحظتَ تغيرًا في أولوياتك ونظرتك إلى الحياة، فهل هذا يعني أنك نضجت أم ستمرّ بأزمة منتصف العمر؟ و كم تستمر أزمة منتصف العمر ؟
الحياة تمرّ بسرعة.. ما الجدوى منها؟!
منذ منتصف مرحلة الثلاثينيات من العمر، يبدأ كثير من الناس بطرح أسئلة على نفسهم مثل “ما جدوى حياتي؟” أو “هل سأسمح بمزيد من الضغوط التي جعلت شعري يشيب؟”! وتكثر مثل هذه الأسئلة عادة في الأربعينيات فيما بات يُعرف بـــــأزمة منتصف العمر.
كم تستمر أزمة منتصف العمر ؟
صحيح أن اسمها “منتصف العمر” وهو ما يشير عادة إلى مرحلة الأربعينات، لكن الأزمة قد تبدأ منذ منتصف الثلاثينيات وتستمر مع البعض حتى سنّ الخمسين.
هل “منتصف العمر” أزمة بالفعل؟
لا شكّ أن بلوغ الأربعين ليس أزمة، فالقرآن الكريم وصف هذا العمر بــــ” حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً”، أي أنه لا يتفق مع الأزمات واليأس، فما الذي يحدث بالضبط؟
في الستينات، ظهر مصطلح أزمة منتصف العمر لوصف حالة يمر بها الرجال والنساء على حد سواء، حينما يقتربون من سن الأربعين، حيث يبدؤون بالتدقيق بالإنجازات التي حققوها حتى اليوم، وتأمل مظهرهم الجسدي وحالتهم النفسية وعلاقاتهم بالمحيطين بهم من أبناء وشركاء حياة.
إذا لم يكن الشخص مستعدًا نفسيًا لتقبّل التغيير الذي يفرضه علينا العمر، فقد يمر بالأزمة. أما إذا كان مستعدًا جيدًا لهذه المرحلة، سيمر بهدوء إلى مرحلة أكثر نضجًا.
في هذا المقال نحاول أن نساعدك على فهم ما ستمرّ به قريبًا، حتى تنجو بصحتك النفسية والجسدية.
أعراض أزمة منتصف العمر :
هناك بعض الأعراض التي عليك متابعتها إذا لاحظتَ ظهورها، يمكن أن تكشف عن مرورك بأزمة منتصف العمر، أبرزها:
- نظرة مختلفة إلى نفسك: كأن تتضايق فجأة من بعض الخطوط في وجهك أو الشيب في شعرك، وتشعر أنك تنظر إلى شخص آخر.
- عادات وقرارات مختلفة: قد تشمل هذه القرارات تغيرات في العلاقات الاجتماعية أو المهنية، أو البحث عن هوايات قديمة، أو بعض القرارات الاندفاعية.
- المرور بتقلّبات مزاجية أو نوبات من العصبية الحساسية الزائدة أو الغضب أو الاكتئاب.
- التفكير بلوم الآخرين الذين سبق إيذاؤهم لك في الماضي أو الحاضر.
- الإحساس بالوحدة داخل أسرتك التي اعتدت عليها.
- اتّباع أنظمة صحية صارمة، كالتعلق الشديد بالرياضة أو أنظمة التنحيف أو مقاطعة اللحوم وغيرها.
نصائح لتنجو من أزمة منتصف العمر :
لأن الوقاية خير من العلاج، من المهم أن تستعد نفسيًا للتغيرات التي ستمر بها في كل مرحلة من مراحل حياتك، مثل بلوغ سن الأربعين.
- كن واعيًا إلى متطلبات ومتغيرات كل مرحلة من مراحل حياتك، وتقبّل شعورك ببعض الأزمات أو الإخفاقات، حتى تخرج منها بأقل الخسائر.
- لا تتأخذ أي قرار مفاجئ، خاصة إذا كان سيسبب تغييرات جذرية في حياتك وعلاقاتك.
- لا تنتظر وصولك إلى مرحلة الأربعين حتى تجدد نشاطاتك وهواياتك. ابدأ من الآن بتجربة أنشطة جديدة تثير اهتمامك وسعادتك، مثل السفر والتطوع في أنشطة خيرية.
- ابدأ بالاهتمام بجسدك وصحتك بتوازن واعتدال.
- احرص على استشارة مختص نفسي، إذا شعرت أنك ستمر أو تمر بالفعل في أزمة منتصف العمر.
أهلًا بمزيد من النضج!
الدراسات تؤكد أن معظم الناس يمرون بأزمة منتصف العمر، بأعراض معتدلة أو صعبة، لكن النجاة منها ممكنة جدًا. فالشخص يشعر أنه تسلق جبلًا عاليًا، وحان الآن موعد النزول الذي قد يكون هادئًا أو مليئًا بالتوتر.
الخبر الجيد أن هذا شعورك بالإحباط أو الأزمة، لا يشترط أن يكون بسبب المرور بأحداث سلبية، بل بسبب نضجك.
فالكثير من الناس بعد مرحلة ثورة الشباب، يمرّون بأزمة منتصف العمر، ثم يصبحون أكثر رضا وسعادة عمّا حققوه، وأكثر تصالُحًا مع طبيعة الحياة التي تفرض علينا مشوارًا واضحًا له نهاية في كل الأحوال.