قسم السلايدشو

قبول عدد كبير من الطلاب وملء القاعات مقابل تدنّي المستوى التعليمي ( لا رؤوس مملوءة)

imagshshe

 

أكاديميا | خاص – بشاير الديحاني

دائمًا ما تُواجه الجامعات مشكلات بين تقديم تعليم متميّز والوفاء بمتطلبات المجتمع في قبول أكبر عدد من خريجي الثانويات. وتتأرجح تلك الجامعات بين قبول عدد كبير من الطلاب مقابل تدنّي المستوى التعليمي، أو التركيز على هدف الجودة التعليمية وصرف النظر عن تلبية احتياجات المجتمع.

لقد طالبت اليونسكو منذ سنوات برفع شعار: رؤوس مُشََكَّلَة بطريقة جيدة، لا رؤوس مملوءة بطريقة جيدة، إلا أننا ربما لم نقرأه بالكيفية الصحيحة مادام القائمون على قطاع التربية عندنا مازالوا يتخبطون في مشكلات لها علاقة بملىء قاعات التدريس، ملء الجامعات وملء المقررات وملىء البرامج وملء المساكن وأخيراً ملء الجيوب.

ونَسِيَت المضمون !

غرقت في حل مشكلات لا تحتاج إلى كل هذا العناء والتأجيل والتماطل والتسويف. نمط ترقية الأساتذة، أو تحسين وضعيتهم الاجتماعية، أو ظروف العمل أو تطوير قانون أساسي للمهنة ليست بالمشكلات التي تحتاج إلى عبقرية كبيرة أو لسنوات لتحل، بل تحتاج فقط إلى إرادة فعّالة وشجاعة في تحمل المسؤوليات. المشكلات الحقيقية والمستقبلية مرتبطة بنوعية التعليم الذي يُقدَّم لأبنائنا، بذلك التناقض الكبير الذي نُعلنه في كل سنة بين نسب النجاح العالية في البكالوريوس وضعف المستوى الملاحظ عند الالتحاق بالجامعات.

أحيانا يبدو لي وكأن هناك سياسة متعمّدة تجاه هذا القطاع ليبقى يتخبط في مشكلات الشكل كل سنة ولا يتمكن من الخروج منها إلى المسائل المتعلقة حقا بالمضمون. ما الذي نُقدِّمه لأبنائنا لكي يتعلموا في راحة من أمرهم، اللغات والمواد العلمية والثقافة العامة؟ كيف ينبغي علينا أن نجعل منظومتنا التعليمية مرتكزة على التعليم القائم على تثمين الذكاء والعبقرية بدل ذلك القائم على الحشو والحفظ الأعمى والتشجيع على النقل والغش ومكافأة البعض على شطارتهم في ذلك.

لا أتصور بأن هناك رضا لدى هيئة التدريس أو الإدارة في قطاع التربية على محتوى البرامج التي يُطلب منهم إتباعها لتعليم التلميذ. الكل يشتكي من كثافة المقررات ومن صعوبة تعميم فائدتها على كل التلاميذ، والكل يشتكي من ضعف الإطار التربوي الذي يتحرك ضمنه الأستاذ والإدارة، بما في ذلك قطاع التفتيش الذي فقد صرامته وهيبته، أي أن الكل يعرف أن هناك مشكلة في المضمون، ولكنه لا يصل إلى طرحها مادام الشكل هو الغالب. أدنى الحلول للصعوبات المهنية المتعلقة بما يقدمه الاستاذ للتلميذ غير متوفرة، فكيف ينتقل إلى المطالبة بمستوى أعلى من التكوين للتلميذ أو حتى لنفسه كأستاذ.

لقد ولّى زمن ملء عقول الناس ورصّها بمعلومات بلا معنى، ونحن نعيش في زمن تشكيل العقول بطريقة جيّدة لكي تعرف ما تَملأ به نفسها.

تبقى مشكلة تكدس الفصول بالطلاب والطالبات من الأسباب الرئيسة التي تضر العملية التعليمية، وضررها عام على الجميع، سواء الطالب أو الأستاذ. قد تكون أسباب الكثافة الطلابية في الشعبة نتيجة لقلة أعضاء هيئة التدريس أو عدم توفير منتدبين من أعضاء هيئة التدريس وربما نتيجة لاحتكار المواد، لن أقول انه نتيجة لقبول أعداد كبيرة من الطلبة ، فلهم حق التعلم وحق ارتياد الجامعات الحكومية ، ولكن الاستاذ له حق أيضاً ، حق تحمل الشعب الإضافية أو رفضها.

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock