التعليم في طريقه إلى أن يصبح سلعة تجارية تحتاج إلى دعاية وإعلان!
أكاديميا | خاص – خلود الشمري
لا تزال مافية الدروس الخصوصية خطر يجتاح قطاعات التعليم في معظم البلدان العربية، ولا يزالون معتادوها على الاحتماء بها من تعسف النظم الدراسية في بعض المنظمات التعليمية، هنا .. تأتي حاجة الطلب الى اللجوء للدروس الخصوصية، وتوجه أولياء الأمور إليها لضمان جودة التحصيل العلمي لأبنائهم.
هذا وقد أكدت دراسة أعدها متخصصون كويتيون (دشتي وسبتي ٢٠١٢) أن الأجر مقابل الساعة الواحدة يتراوح بين ١٠ إلى ٢٠ دينار كويتي، وأن الطالب يحتاج ساعتين في الإسبوع للمادة الواحدة. وإستنتجت الدراسة بأن هناك ٢٤٠ ألف أسرة وبلغ معدل الإنفاق لكل أسرة سنوياً على الدروس الخصوصية 5426 دينار، وبذلك يصبح إجمالي الإنفاق السنوي مليار و300 مليون دينار كويتي على الدروس الخصوصية.
كما قد تناولت الدراسات التربوية ظاهرة الدروس الخصوصية مع التركيز على أسبابها وطرق علاجها إلا أن المسئولين في التربية والتعليم لم يكتب لها النجاح في الحد من هذه الظاهرة ، حتى وصل الأمر إلى تأييد أولياء الأمور بالتحاق أبنائهم بالدروس الخصوصية كما أشارت أحدث دراسة بنسبة 86% ( الصالحي وملك والكندري ،الكويت 2011 ) ، فهل وصل الأمر أن ينفق أولياء الأمور من ميزانية الأسرة من أجل شراء نجاح وتفوق أبنائهم؟ علماً بأن هناك أصواتاً تصرخ بتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية وأنها تشكل أعباء مالية على كاهل رب الأسرة، كذلك بذلت وزارة التربية جهوداً من أجل الحد من الدروس الخصوصية، إلا أنه لم يحقق شي من ذلك حيث أن دروس التقوية بأسعارها الرمزية لم تثني أولياء الأمور من التحاق أبنائهم بالدروس الخصوصية وقد يعني ذلك فقد الثقة بالمدارس ، خاصة لمن يريد أن ينجح ابنه في بعض المواد أو أن يتفوق في مادة ما أو أن يحافظ على تفوقه في المواد، ولعل هناك أسباباً كثيرة وراء تردي المستوى التحصيلي للطلبة ، مما يعني أن لا يثق الأولياء بطريقة التدريس والتعليم لأبنائهم في المدارس الحكومية، ولذا توجد شريحة كبيرة من أولياء الأمور تلحق أبنائها بالمدارس الخاصة لأن التعليم فيها أفضل من التعليم في مدارس الحكومة. وفيما يلي، سنطرح بعضاً من أسباب وسلبيات وآثار الدروس الخصوصية، التي باتت خطراً يهدد العملية التعليمية.
أسباب الدروس الخصوصية
توجد أسباب عديدة تؤدي بالطلبة وأولياء أمورهم للتوجه الى طريق الدروس الخصوصية يظنون أنهم بذلك يحسنون من مستوى التحصيل العلمي، مثل:
أولاً: أسباب أسرية؛ تفاخر الأسرة بتلقي الابن الدروس الخصوصية، حيث أن أغلب الطلبة الذين يتلقون الدروس الخصوصية هم من أسر ذات الدخل المحدود، تعويد الولد منذ الصغر على تلقي الدروس الخصوصية، انشغال الوالدين عن الابن في متابعته دراسياً، عدم تربية الابن على الاعتماد على نفسه، المشكلات الاجتماعية بين الأبوين وإهمال الأبناء، رغبة ولي الأمر حصول الابن على أعلى الدرجات دون مراعاة لتفاوت القدرات بين الأبناء.
ثانياً: أسباب ترجع إلى الابن؛ عزوف عن الدراسة والانشغال بالألعاب الاكترونية، رسوب الابن في بعض المواد، عدم فهم ووعي الطلبة بطريقة المذاكرة الصحيحة وكيفية تنظيم الوقت كثرة الغياب بعذر وبدون عذر، الاتكالية وعدم الاعتماد على النفس، تقليد الزملاء بتلقي الدروس، بناء على نصيحة المعلم عدم فهم الطالب ما يقوله المعلم في الفصل، والخوف من الامتحان ومن الرسوب.
ثالثاً: أسباب ترجع إلى المعلم؛ ضعف في المادة العلمية وفي الشخصية، كثرة نصاب المعلم من الحصص، استغلال بعض المعلمين لظاهرة الدروس الخصوصية كنوع التجارة والربح السريع، كثرة غياب المعلم بسبب المرض وغيره، تشجيع المعلم الطالب لتلقي الدروس الخصوصية، واستيراد ثقافة الدروس الخصوصية من قبل 80% من المعلمين الذين مروا بهذه التجربة ونقلوها إلى الدول الأخرى التي يعملون بها واعتماد المجتمع على المعلم الوافد الذي يسعى جهده لتأمين معيشته.
رابعاً: أسباب تتعلق بالمدرسة؛ عدم توفر المناخ المناسب للطالب والمعلم لأداء الواجب على أكمل وجه، عدم توفر البيئة التعليمية الجاذبة للطالب التسيب وعدم متابعة الحضور والغياب للطلبة، عدم مكافأة المادة العلمية مع زمن الحصة الدراسية مما يؤدي بالمعلم لإلقاء المادة على الطلبة وليس شرحها شرحاً وافياً.
خامساً: أسباب تتعلق بوزارة التربية؛ صعوبة المنهج على الطلبة، لا تكفي الحصة على شرح المعلم وفهمه لطلبته، تشترط الجامعات والكليات القبول بالمجموع العالي، كثرة عدد الطلاب في الفصل الواحد
تطوير بعض المواد الدراسية المعاصرة وعدم قدرة الوالدين بمساعدة ومتابعة الأبناء إلا بالتحاق ابنهما بالدروس الخصوصية، نظام الامتحان الذي يجعل الطالب يعتمد على الحفظ فقط.
تسهم المدارس الخاصة والأهلية على انتشار الدروس الخصوصية بسبب تدني رواتب مدرسيها وأن هذه الدروس توفر لهم أموالاً طائلة أسوة بمعلمي مدارس الحكومة.
سلبيات الدروس الخصوصية
توجد سلبيات عديدة وراء الدروس الخصوصية تجعل الطالب اتكالياً لا يستطيع الاعتماد على نفسه في تلقي العلوم، واهدار وقت الطالب فبدلاً من صرف وقته بالمراجعة وكتابة الواجبات المنزلية فأنه يقضيه بتلقي الدروس الخصوصية، وايضاً ارهاق الطالب وقلة النوم خاصة عندما تكون ساعات تلقي هذه الدروس ليلاً وبعد منتصف الليل نتيجة انشغال المعلم بهذه الدروس، وبالتالي ينام الطالب بعد منتصف الليل وفي الصباح يكون خاملاً ولا يستفيد من شرح معلم الفصل، استهتار بعض الطلاب بالمدرسة وإثارة الفوضى وإخلال نظام الفصل لقناعتهم عدم جدوى الدروس في المدرسة، طالما يتلقون الدروس الخصوصية، كثرة الأعباء المالية على ولي الأسرة الذي يخصص بعض المبالغ الدروس الخصوصية، تراجع مكانة المدرسة كمؤسسة تعليمية في نظر أولياء الأمور وأبنائهم لاعتقادهم أن التعليم الأفضل يكون من خلال الدروس الخصوصية، تقاعس بعض المعلمين في أداء عملهم التدريس والاعتماد على الدروس الخصوصية، تسريب أسئلة الامتحان وبيعها للطلبة قبل الاختبار، التحرش أو الاغتصاب الجنسي يتعرض له الطالب أو الطالبة من قبل المعلم الخصوصي، وفقدان الثقة بمكانة المدرسة ودورها التعليمي والإرشادي.
أثار الدروس الخصوصية
أثر الدروس الخصوصية على ارهاق ميزانية الأسرة، حيث جاء في مجلة التجارة، تحت عنوان تأثير الدروس الخصوصية على ميزانية الأسرة أن بعض الأمهات يضعن مبلغاً من المصروف الشهري للدروس الخصوصية خاصة عند اقتراب الامتحانات ويتركن الترفيه وشراء الملابس وهناك من تستقرض لتوفير المبلغ المطلوب لهذه الدروس وبعضهن تبيع بعض مجوهراتها، وبعض الأسر تلغي السفر في العطلة الصيفية.
كما أن ولي الأمر له دور كبير في المشكلة فمع حبه الشديد لابنه ورغبته في ألا يقصر معه في أي شيء يحاول أن يوفر له جميع السبل للنجاح والتفوق وهو ممن يتحمل فاتورتها التي فاقت كل التصورات فأولياء الأمور انتهوا من أعباء وميزانية كل شهر وبدأت مصروفات بدء العام الدراسي ودخلوا في ميزانية جديدة تستمر معهم طوال العام الدراسي وهي ميزانية الدروس الخصوصية وقد تضاعفت الميزانية هذا العام وبلغت ذروتها نتيجة مبالغة المعلمين في أسعارهم.