” راحة بالك ” بقلم أ.إيمان السنان
من حقائق هذه الحياة الدنيا أنها مليئة بالمنغصات، ومشوبة بما يكدر الخاطر، ففيها ابتلاءات ومصائب، ولأننا بشر فغالباً ما يمتلكنا الهم، ويلفنا الحزن، ويستثيرنا الغضب، وتمر بنا ساعات بل وأيام نكون فيها مكتئبين تعيسين، فلا نعود مرتاحي البال كما كنا، ويصبح شعار الكثير منا :
يا قومِ ولا تستيقظوا . . ما فاز إلا النوم
ناموا ولا تتكلموا . . إن الكلام محرم
ونتيجة لهذا الشعور بالتعاسة يميل غالبيتنا إلى الكسل لا العمل . .
ويركن إلى القعود لا الحركة . . وإلى السلبية لا الإيجابية والتفاعلية
وبفضل التقليد والروتين والممل على الإبداع والإنجاز . .
وينطق لسانه بالتبرير, ويضع اللوم على غيره، بدلاً من التغيير . .
والسبب في ظهور كل تلك الإعراض والمشاعر هو عدم راحة البال.. ؟ فما هي راحة البال ..؟
راحة البال ..
قالوا : راحة البال “هي حالة نفسية من مشاعر الراحة والطمأنينة والرضا عن النفس، والقناعة بما كتب الله سبحانه وتعالى، وهي أميل إلى الديمومة والاستمرار في نفس الإنسان إجمالاً ،وتعتبر مؤشراً على مدى علاقته بربه وخالقه.
تعلم . .
عندما لا تكون مرتاح البال تتوتر أعصابك ،ويحتد مزاجك ، وتتأثر أعصاب معدتك ، وتتحول العصارات الهاضمة إلى عصارات سامة تؤدي في كثير من الأحيان إلى قرحة المعدة .
تعلم . .
عندما لا تكون مرتاح البال فسوف تقلق كثيراً ، وتفكر مراراً وتكراراً في المشكلة نفسها دون الوصول إلى أي حل .
لماذا نحتاج إلى راحة البال ؟
هناك فوائد أساسية يمكن أن تحصل عليها في جوانب مختلفة من حياتك إذا شعرت براحة البال، وعلى النقيض تماماً ستفقد الكثير إذا شعرت بالتعاسة وعدم راحة البال ؟
- لا حياة بلا مشكلات ، لذا نحتاج إلى راحة البال ، لكي نخطط بوعي لحل مشاكلنا، ولكي نتغلب على ضغوط الحياة المختلفة .
- نحتاج إلى راحة البال حتى نتواصل مع ذواتنا، ونعيد بناء أنفسنا ، نسترجع قوة أمتنا ، ونكون مفاتيح للخير في هذا العالم .
- نحتاج إلى راحة البال :لمواصلة الإنجاز في حياتنا ، وحتى ننجح في تربية أبنائنا ، ومع زملائنا في العمل ،ومع المحيطين بنا ..
- نحتاج إلى راحة البال حتى نستطيع أن ننجح ونبدع ونعمل بجد ونشاط وحيوية ، وأن نبني حساة سعيدة وناجحة .
- نحتاج إلى راحة البال حتى نستطيع العيش في هذه الدنيا ، ولك أن تتخيل حياة مليئة بالقلق والخوف ،والاضطراب والاكتئاب ،والملل والألم .. كيف تكون؟
يقول علماء النفس : ليس هناك شيء أغلى من أن يعيش الإنسان مرتاح البال في هذه الحياة .
الهم أقوى من الجبال : يُسأل علي بن أبي طالب رضى الله عنه عن أقوى جنود الله عز وجل ، فيقول : أقوى جنود الله الجبال ولكن الجبال يكسرها الحديد فأقوى جنود الله الحديد ولكن الحديد تذيبه النار فالنار أقوى جنود الله ولكن النار يطفئها الماء فالماء أقوى جنود الله ولكن الماء يحمله السحاب فالسحاب أٌقوى جنود الله ولكن الريح تحرك السحاب فالريح أقوى جنود الله والإنسان يتقي الريح بيده فالإنسان أٌقوى جنود الله ولكن النوم يغلب الانسان فالنوم أقوى جنود الله ولكن الهم يغلب النوم فالهم أٌقوى جنود الله . .
إضاءة ..
فإذا كان الهم أقوى جنود الله … فلا عجب أن يستعيذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ويلح في الدعاء بسببه ، ويكرره كثيراً .. ( عن أنس بن مالك قال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه كثيراً يقول : اللهم إنّي أعوذ بك من الهم والحزن وضلع الدين وغلبة الرجال ) أبو داود .
إعداد: أ/ إيمان السنان المعهد العالي للخدمات الإدارية