الخالد أمام القمة العالمية للحكومات: التعليم والتنمية صنوان متلازمان
• الكويت وضعت أولى لبنات الحكومة المعرفية لبناء اقتصاد قوي ومتطور وفق رؤية 2035
• إعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليكون أكثر اتساقاً مع متطلبات تعزيز النزاهة والتحول الرقمي
ألقى سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء اليوم كلمة دولة الكويت أمام القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
واستعرض سموه في كلمته أبرز ما تعاني منه العديد من حكومات العالم في سبيل معالجة تحديات القرن الحادي والعشرين، داعياً إلى استجابة دولية سريعة وتضافر جهود الحكومات للحد من آثار هذه القضايا والعمل على تحويلها إلى فرص واعدة لتحسين جودة حياة الشعوب في مختلف دول العالم.
وأكد سموه أن استخدام الحلول الرقمية والتكنولوجية المتطورة لتعزيز وتطوير بيئات الأعمال والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية يتطلب رؤية مشتركة للحكومات حول إعداد الخطط الاستراتيجية والتشريعات والسياسات وسبل تسخير التقنيات المتقدمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال سموه إن دولة الكويت وضعت أولى لبنات بناء الحكومة المعرفية من خلال إطلاق المركز الوطني للاقتصاد المعرفي الذي يضطلع بالعديد من المهام التأسيسية لبناء اقتصاد قوي ومتطور وفق رؤية دولة الكويت 2035.
وأضاف سمو رئيس مجلس الوزراء أن دولة الكويت تسعى لبناء المؤشر المعرفي للمؤسسات العامة وتطبيقه بهدف قياس فجوات المؤسسة العامة بين الأداء والنتائج بالتعاون مع البنك الدولي، معرباً عن سعادته بطرح المؤشر كمبادرة كويتية ومسؤولية معرفية تتشارك فيها مع الدول بخبراتها وقدراتها لتعزيز وتحسين أداء الحكومات وأجهزتها ومؤسساتها.
نص كلمة سمو رئيس مجلس الوزراء
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة
رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نجتمع اليوم في ظل عالم مليء بالتناقضات ما بين أزمات وصراعات وتحولات تسير بوتيرة متسارعة تقودها ابتكارات وإبداعات ونمو مطرد للاستخدام التكنولوجي والحلول الرقمية والشبكات المتطورة القادرة على نقل البيانات والمعلومات بسرعة غير مسبوقة على نحو طور أنماط حياة المجتمعات وأعمال المؤسسات بطرق استثنائية لتشكل عالماً جديداً لا يشبه شيئاً مما مضى من حيث السرعة والتفاعل والترابط الأمر الذي وضع حكومات العالم أمام خط المواجهة مع واقع معرفي ورقمي يفوق خيالنا وتصور إدراكنا وهي مواجهة تحمل في كنفها فرص وتحديات بين آفاق تساعد على استشراف المستقبل بأمل واعد للبشرية ومخاوف من مزاحمة العقل الآلي للعقل البشري ضمن أسواق العمل وبيئة الأعمال التجارية مما يستدعي فهما أعمق وتدبراً أوسع لشكل وطبيعة دور الحكومات في الألفية الثالثة.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
إن أبرز ما تعاني منه أجندة العديد من حكومات العالم سبل معالجة تحديات القرن الحادي والعشرين كالتغير المناخي وندرة المياه والصراعات الجيوسياسية والتحولات الديموغرافية والفقر والأزمات الصحية والاختلالات الاقتصادية والأزمات المالية مما يتطلب استجابة دولية سريعة وتضافر جهود الحكومات للحد من آثارها والعمل على تحويلها إلى فرص واعدة تحسن من جودة حياة الشعوب عبر التمكين التكنولوجي والترابط الاقتصادي العالمي والتوسع في بناء شبكة المدن المستدامة واستخدامات الطاقة النظيفة.
ورغم كل التحذيرات العالمية بخطورة الوضع البيئي على مستقبل اقتصاديات العالم إلا أنه مازال العديد من الدول بذات الوتيرة الاستنزافية المفرطة للموارد المتاحة الأمر الذي يدعو إلى تبصر في سبل المحافظة على مقدرات الشعوب والأجيال المستقبلية لضمان حياة آمنة ومستقرة.
وفي شأن التغير المناخي، تبذل دولة الكويت عناية شديدة لتطبيق بنود اتفاق باريس للمناخ عبر المساهمة بحزمة من المشاريع التنموية الصديقة للبيئة وإقرار خطط وبرامج التنمية المستدامة على المستوى الوطني للانتقال التدريجي نحو نظام اقتصادي منخفض الانبعاثات من الكربون المكافئ بناءً على توقعات انبعاثاتها المستقبلية ضمن أنماط العمل المعتادة للفترة ما بين 2015 إلى 2035.
كما خطت جهود الدولة بتنويع مصادر الطاقة عبر تبني حلول الطاقات المتجددة واستبدال الوقود الأحفوري بالغاز المسال وبناء وتطوير مصافي تكرير النفط لإنتاج الوقود البيئي النظيف لضمان استدامة امدادات الطاقة للأجيال القادمة علاوة على سعي الدولة إلى تبني استراتيجية وطنية خفيضة الكربون حتى عام 2050 مبنية على مبادئ الاقتصاد الدائري للكربون وذلك ضمن سياق استيفاء المتطلبات والالتزامات البيئية العالمية.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
لقد شكلت هذه التحديات نواة القلق الإيجابي بشأن مستقبل شعوب العالم في القرن الحادي والعشرين وهو قلق يدفع الحكومات نحو المزيد من التطور وتبني الأفكار الإبداعية ووضع الخطط الاستباقية التي تساعد على استيعاب توجهات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين وإدراك أدواته التنافسية القائمة على الاستخدام الكثيف للمعرفة والابتكار والتكنولوجيات المتطورة ضمن إطار من الشراكة الدولية وتحمل المسؤولية تجاه تنمية المجتمعات وتحسين جودة الحياة بما يحقق الرخاء والاستقرار في العالم.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
في ظل مبادئ وتوجهات الألفية الثالثة بات للحكومات أدواراً معاصرة تتعلق بمهام التمكين والتعزيز أكثر من التشغيل والإدارة وهي أدوار تتسق ومرئيات العديد من دول العالم ومبادئ وأهداف التنمية المستدامة 2030 التي تعول على استخدام الحلول الرقمية والتكنولوجيات المتطورة لتعزيز وتطوير بيئات الأعمال والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهذا يتطلب رؤية مشتركة للحكومات حول إعداد الخطط الاستراتيجية والتشريعات والسياسات وسبل تسخير التكنولوجيات المتقدمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
إن من مهام الحكومات المعاصرة السعي لبناء وتطوير نظام الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الرقمي والبنى الابتكارية وشبكة مراكز البحث العلمي لتوظيف الإنتاج المعرفي – الذي بات نفط القرن الحادي والعشرين – في بناء رأس مال بشري وتمكينه تعليماً وتأهيلاً وتدريباً ليكون قادراً على مواكبة الاحتياجات المستقبلية فالتعليم والتنمية صنوان متلازمان ووسيلة الدول للتحول نحو مجتمع المعرفة وهو استثمار أصيل يشكل الدعامة الأساسية للبنى الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية وركيزة محورية للنهوض بمستوى حياة الفرد وتطوير المجتمع.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
ساهمت الثورة الرقمية والمعلومات في تشكيل تفضيلات شعوب الألفية الثالثة التي تتطلع إلى نماذج حكومية معاصرة قادرة على مواجهة التحديات وتلبية متطلبات الألفية الثالثة وتحسين جودة الحياة على نحو يعزز من ثقة الشعوب بالحكومات وهي نماذج قائمة على مبادئ تعزيز كفاءة الخدمات العامة لتلبية احتياجات أفراد المجتمع وتعزيز ونشر قيم النزاهة والحريات ضمن أطر القوانين المنظمة لها وفي هذا الشأن أولت دولة الكويت اهتماماً كبيراً ضمن برنامج عمل الحكومة في رسم خارطة طريق لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي ليكون أكثر اتساقاً مع متطلبات تعزيز النزاهة والتحول الرقمي.
إن النماذج الحكومية كالإلكترونية والرقمية والذكية ما هي إلا تعبير عن درجة التطور الفكري والإداري والتشغيلي السائد في الدولة ومؤشراً لقياس سرعة الاستجابة والمواءمة مع التغيرات العالمية وإشارة إلى مستوى التطور والنمو والازدهار ضمن منظومة الخدمات الحكومية التي شهدت تحولات بارزة خلال العقدين الماضيين ولعل من المناسب في هذا التجمع العالمي للحكومات طرح أفكار جديدة بشأن مستقبل الحكومات في القرن الحادي والعشرين ومنها نموذج الحكومات المعرفية الذي يشير في جوهره إلى شكل الإدارة المستقبلية التي تجسد معاني التغير العميق ضمن جوانبها القيادية والإدارية والتشغيلية على نحو تكون المعرفة فيه إنتاجاً واستغلالاً مقصدها الاستراتيجي لتحقيق رؤيتها المستقبلية وتحسين جودة حياة شعوبها.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة
لقد وضعت دولة الكويت أولى لبنات نحو بناء الحكومة المعرفية من خلال إطلاق المركز الوطني للاقتصاد المعرفي الذي يضطلع بالعديد من المهام التأسيسية لبناء الاقتصاد المعرفي وفق رؤية دولة الكويت 2035 بالإضافة إلى بناء المؤشر المعرفي للمؤسسات العامة وتطبيقه في دولة الكويت بهدف قياس فجوات المؤسسة العامة بين الأداء والنتائج بالتعاون مع البنك الدولي.
وإذ يسعدني أن نطرح هذا المؤشر كمبادرة كويتية ومسؤولية معرفية نتشارك فيها مع الدول بخبراتها وقدراتها لتعزيز وتحسين أداء الحكومات وأجهزتها ومؤسساتها بما يتسق ومتطلبات الألفية الثالثة وأهداف التنمية المستدامة 2030 وتلبية لطموح الشعوب.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أجدد الشكر والتقدير على هذه الدعوة وعلى الجهود المبذولة لإنجاح هذا التجمع العالمي للحكومات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».