كتاب أكاديميا

للـه دُرّك يـا مناهـج بهلـول !!

 

unnamed 4

السّيال – اللينير – الضغط العياري – التيار الإصطلاحي – ريوستات – الملوية – شطوط – الشريط الأدرياتيكي – الورنية – المسراط – المحرار – التفليق – المسعار – المطراف …

أحببت أن أفتتح المقالة بتلك الكلمات التي لا علم لي إن كانت عربية أم معربة ،، بربرية أم مبربرة ،، متمنيا أن نسترشد من المتخصصين معاني واضحة لتلك المصطلحات إن كانت بالفعل قد مرت عليهم ولو مرور الكرام ..

كلمات ( إستفهامية ) لم نسمع بها من قبل ،، فكيف سيكون واقعها على الأجيال القادمة ؟؟

أعتقد أن الأمر بحاجة إلى غربلة مثل تلك الكلمات الدخيلة والتي التقطتُ بعضاً منها في مناهجنا على وجه السرعة ،، ناهيك بأن العلم يتطور ساعة بعد ساعة ،، والأمم تقاس بحضاراتها ،، وإن لم تكن لها حضارة فإنها تقاس بما تقدمه للعالم أو على أقل تقدير بما تقدمه لشعوبها ..

وصحيح أن دول الصرح التكنوحضاري قد سبقتنا بعصور لعوامل قد يكون القاريء الكريم على دراية أكثر مني بها ،، وأن عملية التعليم في سائر المجتمعات تعتمد على أسسها وقواعدها القديمة ،، ومن خلال تلك الأسس يتم تطوير تلك العملية وفقاً للمتطلبات الدولية والمتغيرات العلمية ،، شريطة المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا في مجتمعاتنا الخليجية ذات الخصوصية ..

ومع شديد الأسف أخذ فيروس التخبط العلمي وسياسة الموت البطيء في مؤسساتنا التعليمية بالإستفحال ،، ولم تكتفي بل قامت بتصدير عدواها إلى ما تطول إليه مما تبقى من صروح علمية ،، من دون النظر إلى القدرات والعطاءات والإمكانات الموجودة لديها ..

حتى أصبحنا في وضع لانحسد عليه ،، وكأننا ننتظر كارثة تفيقنا من غفلتنا هذه في ساعة لم يفد معها الندم ،، نتيجة لقرارات تجعل الولدان شيباً ..

ولعل القارئ يسأل عن سر العلاقة بين كلمات الألغاز المذكورة في بداية المقالة وفكرة التشاؤم تلك .. ؟؟

أقولها في بوقٍ من ذهب ،، ترفرف منها أشرطة كأجنحة الطير !!

إنها المناهج !! أجل !! المناهج التعليمية التي يفترض أن ينهض بها البلاد والعباد ،، ولكن ما عسانا أن نقول عنها ،، بعدما أردت أبناؤنا ضحايا لستة مرات متتالية وفي سنوات عجاف !!

يا سادة .. هذه مناهج وليست برامك ،، يضع يده عليها كل غادٍ وآت لاعتقادات الحلول من دون حساب أو مسئول ،، ليكون النصر بها حليفا لمناهج بهلول .. !!

بدأت المشكلات عندنا منذ التحرير وبالأخص حينما تم دمج السنتين الدراسيتين بسنة واحدة ،، فالسنتين ذهبتا هباءً كمظهر أمام العالم دون استفادة الطلبة على الحصيلة العلمية المرجوة ..

ولا علم لي بالقدرات التي كنا نمتلكها حتى نقوم بتطبيق مرحلة تعليمية في سنة واحدة من خلال فصل دراسي واحد لايتعدى ثلاثة شهور بامتحاناته .. !!

أعتقد أننا دفعنا ثمنها في جيل كامل !!

يا سادة .. إن واقع مناهجنا لا تواكب طموحاتنا ولا طموح الأجيال القادمة ،، لأنها وضعت بعد جولة عصيبة من شد أطراف الدشاديش ورفع الأيدي والعقل في اللجان ،، لتصل أخيراً لحد الإمساك بالحجب والشعور ،، وتعالي الصيحات بين أخوات إنّ ويرجف الجميع في مشهد دراماتيكي فُقد فيها العقل لعدم تمالك الأعصاب ،، ليزداد عدد ضحايا أبنائنا في بوتقة التعليم لتلد منها مناهج بهلول ..

وحينما فاض بهم الكيل حولوا القضية برمتها إلى شركات خاصة لرسم مناهج جديدة بثمن 20 فلساً للحرف الواحد وبشروط جزائية مدتها خمس سنوات !!

إن منطق التغيير في المناهج يجب أن تمر بعمليات مفلترة تكمن في التطوير التدريجي والمعقـول ،، ومن ثم الترميم بعد غربلتها من المناهج القديمة والتي تعتبر الأساس الرصين لها ،، بوجود لجان علمية والأخذ بآراء أهل الميدان وأولياء الأمور والأخصائيين الإجتماعيين والخبراء التكنولوجيون وحتى ممثلي الطلبة ،، مع عملية إعادة التقييم أولاً بأول طوال العام الدراسي لتفادي زوبعة المشكلات ،، وتأسيس التلميذ والطالب بقـوة وإحكام ..

إن أخذ مقترحات الطلبة في المدارس بورقة مستقلة سنوياً نحصد من خلالها على أكثر من مئتي ألف مقترح طلابي تصنف وفٍق لجنة علمية بدءاً بالمدرسة الواحدة وإرسال أفضل المقترحات المدرسية إلى اللجنة الأم لعل أحدها تسهم في إثراء فكرة سليمة ومنطقية ،، دون الإستهانة بالأمر ،، فتطوير العملية التعليمية لا تتم إلا من خلال المشاركة العامة من أبنائنا الطلبة بهدف إثرائها وتفعيلها ..

( يقولون ) .. بوجود قسم علمي وحيد في الكويت ،، وتحديداً في كلية التربية الأساسية ،، يسمى بقسم المناهج ،، هذا القسم الرائع الذي يحتوي على نخبة متخصصة في مجال المناهج وطرق التدريس ،، لم يتم إستشارة أحد منهم قط ولو مجاملة ،، أبان تأسيس تلك المناهج التي تغيرت ستة مرات متتالية ،، لا شك بأن هذا إجحاف في حق أكثر من أربعون أستاذاً جامعياً متخصصاً وضربة موجعة في خصور أهل الميدان وآرائهم … أجل إنهم ( يقولون ) .. !!

وحتى نقوم بتأسيس مناهج حديثة إن صح التعبير علينا أن نستوعب المناهج الحالية والتعرف على مشكلاتها الواقعية ..

فأم المشكلات التي لايزال شبحها يطاردنا هي قضية القراءة والكتابة ،، مع ملاحظة أن الكتابة أهم من القراءة لأنها تعبّر عن قوة التعليم ..

يقول المثل الإنجليزي ..

( قوة التعليم باللغة تكمن في الكتابة وبعد عشرة مراحل تكمن في القراءة ) ..

ومن هنا يجب التركيز بمقرر اللغة العربية تركيزا شديداً ،، وبالأخص بمقرر المطالعة والنصوص والنحو والأدب والصرف والبلاغة مع تعليم الطلبة أبجديات الحروف الهجائية ومخارج الحروف بشكل قويم ..

أتذكر أننا كنا ندرس في المرحلة الإبتدائية كيفية قراءة وكتابة الحروف حتى منتصف العام تقريباً ثم نبدأ بمنهج اللغة العربية باعتبارها اللغة الأم ..

حالياً .. لايأخذ التلميذ نصف علوم ومعارف اللغة العربية مقارنة مع زملائه في الأجيال السابقة لوجود اللغة الإنجليزية التي دخلت كمنافس بعد مرحلة التحرير ومن إحدى الدول الخليجية ..

وصحيح أننا تحمسنا للفكرة في البداية ،، ولكن حينما ثبت فشلها بشكل منقطع النظير” بدليل رسوب أكثر من 70 % من الطلبة باختبار القدرات الخاص بمقرر اللغة الإنجليزية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي ،، كان لزاما علينا إيقافها وترحيلها إلى المرحلة المتوسطة والثانوية بحيث يكون الطالب في تلك المرحلة أكثر استعداداً وثقة لتلقي لغة أخرى ..

ولكن بالفعل تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن ،، فقد سمعنا بإدخال اللغة الصينية في أحد مناهج دول الخليج إبتداءاً من العام القادم ..

ويا خزياه إن تم تطبيقها على باقي دول المنطقة ليتشتت التلميذ بين ثلاث لغات في مرحلة التأسيس تكون بمثابة ضربة قاضية يقرع من خلالها جرس التربية ،ن على تلاميذ لم تتأسس نخاع عظامهم بعد ..

وتأكيدا لما نقول .. يتجلى لنا الأمر أثناء مقابلة الطلبة لقبولهم في الأقسام العلمية في الكلية بحيث لايستطيع غالبية الطلبة كتابة كلمات مثل ..

( سأل – عزى – اللامّة – بارتياح – مسؤولية ) …. ناهيك عن أخطائه بكتابة إسمه الكامل وما تليها من مصائب النحو ورداءة الخط أو حتى عملية القراءة الإعتيادية ..

إن بناء ( جيل قادر ) يجب أن يكون من خلال قوته وعنفوانه في لغته الأساسية لتكون له الأحقية المطلقة بالإفتخار بهذا الأمر ..

يقول المثل العربي ..

( ليست المشكلة أن يتخرج الطالب من المرحلة الثانوية وهو غير ملم بالمواد العلمية كالكيمياء والرياضيات ولكن من العار أن يتخرج الطالب من هذه المرحلة وهو ضعيفا بلغته الأم ) ..

وفيما يخص المناهج السابقة فإن منهج الأحياء كان بمثابة المرجع الطبي المميز ،، والكيمياء كان مرجعاً صيدلانياً محكماً أما الفيزياء فكان مصدراً لأساسيات الكون والرياضيات فكان بمثابة الحاسوب المبتكر الذي قل حاملوه ..

تلك المناهج التي لازلت أحتفظ بجزء منها ،، كلما احتجت إلى معلومة رجعت إليها لأنها لم تخذلني وأكون منتظراً لعودتها العقيمة ..

إن وجود مقرر التربية الإسلامية مع مقرر القرآن الكريم أو مستقبلا الحديث الشريف تشعر الطالب بكثرة عدد المواد الدراسية على عاتقه مما يترتب عليه ضغطاً نفسياً والحل هو توحيد مقرر التربية الإسلامية ودمجه بهيئة الفصول كما في السابق ( قرآن – حديث – سيرة – عقائد … ) مع التركيز على أسس وقواعد القراءة والترتيل ودراسة علامات الوقف وفهم المعانـي اللغوية والتفسيرية لأنها تسهم في عملية حفظ الطلبة وتبقى بالذاكرة لأطول فترة ممكنة ،، وبالأخص إذا كان حفظ الآيات والأحاديث بشكل جماعي بالفصل الواحد ،، ليكمّل بذلك منهج اللغة العربية ويكتمل به ..

وللعلم .. فإن منهجا تحت مسمى المخدرات أو المرور أو الدستور أو الترشيد … لم أجد لها باباً مناسباً تحت وطأة مناهجنا التعليمية ،، واحترت بين أحقيتها للإنتماء للإسلامية أم للعربية أم للإجتماعية ..

نعم .. قد تنجح تلك الأمور إعلامياً حيثما كانت التوعية الإعلامية منتشرة في كافة أرجاء المجتمع وطوال الموسم الدراسي ،، وإنني على يقين بأننا سنجني ثمارها ،، شريطة استمراريتها وفق برنامجها الإعلامي ،، لوجود تجارب مماثلة سابقة ،، باعتبارها الجزء التربوي المكمل للجزء التعليمي لدى منظومتنا الغراء ..

وفيما يخص مقرر اللغة الإنجليزية فأقول لرجال التربية بأن تقويمها في الإبتدائية أفضل من تدريسها للرياض ،، لأنها تتسبب باستمرارية المشاكل اللغوية لدى أطفالنا ..

ولنتساءل ما هي الفائدة المرجوة من تدريسها في الرياض ؟؟

فهل تم الرجوع إلى مستشاري التربية وأهل الميدان أم كالمعتاد كانت قرارات إرتجالية جوفاء !!

ومن باب التوكيد .. قمت بزيارة شخصية لبعض المدارس الثانوية لأخذ الآراء عن المناهج ،، فقال أحد المدرسين : أنا معلم أحياء ولاعلم لي بمقرر الجيولوجيا الذي أقوم بتدريسه ،، وقال آخر : نحن ندرس دون أن تكون لنا علاقة بالدرجات ،، وتحدث آخر وقد اعتصره الألم : نحن الأساتذة ضائعون من هذا النظام وكان الله في عون الطلبة ،، لأن قضية المعدل التراكمي تحتاج إلى إعادة تأهيل المدرسين قبل الطلبة ..

فارقص يابهلول .. واطرب يا أستاذ .. وتغنى يا مسراط .. !!

ومن هنـا .. ننشد أصحاب الضمائر وعمداء التربية بإعادة النظر بتلك المناهج ونظام التعليم ؛؛ فلا أنا قانع بمفهوم طالب يقول أنا بالصف سابعة / تاسع ولا علم لي بنظام التعليم الثانوي الموحد الذي رمـى بمجموعة كبيرة من الطلبة خارج السرب التعليمي في واحدة من أكبر عمليات الإطاحة الطلابية ..

وربما أحتاج لسنوات حتى أدرك مفهوم دمج الكيمياء بالفيزياء أو التاريخ بالجغرافيا ،، ليقوم بتدريسها معلم غير متخصص جبراً وقهراً ،، أو لربما القيام بعمل فصلين في النظام الصيفي الموحد في روائع أشهر يوليو – أغسطس – سبتمبر .. ونغدو بالفعل أمة قد ضحكت من أجلها الأمم .. !!

فلنتعلم من اليابان التي تداركت خطئها الفادح حينما أسست مناهج حديثة بعد حربها مع الولايات المتحدة وبعدمـا اكتشفت أن مخرجات التعليم لديها ليست على مستوى الطموح لجيلين متتاليين ،، لتختصر الطريق مباشرة وتعود لمناهجها القديمة التي كانت هي الأساس وأخذت تقوم بتغييرات بسيطة لا تتجاوز 5% من تغيير المناهج كل بضع سنوات لتصبح في طليعة الدول على كافة المستويات وبتحدٍ صارخ لمن ينكر مستوى التعليم فيها ..

وهاهي تونس رجعت لمناهجها القديمة وتم تعديل مسارها ،، ناهيك عن سنغافورة وبريطانيا وألمانيا .. !!

وهذا رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق الذي قبل منصبه شريطة أن تكون وزارتي التربية والعدل تحت إدارة مجهره التام ،، يتدخل بهما كيفما يشاء وقتما يشاء حيثما يشاء ،، فوافقوا على طلبه لتستقر البلد برمتها باستقرارهما ،، وبعد التركيز على المناهج الدراسية في كافة مراحلها أصبحت فرنسا واحدة من طليعة بلدان العالم علمياً .. !!

علينا باستبدال مفهوم النظام المدرسي جذريا وفق منظومة أكاديمية يتقبلها الطالب والمعلم وولي الأمر وسائر المجتمع ..

بحيث نؤسس بيئة علمية وفق مناهج هادفة ومدعمة بهوايات وأنشطة ثقافية وإذاعية وزراعية ورياضية ونظام مسرحـي متكامل وإعادة التفكير بنظام الفتوة للبنين والتمريض للفتيات ،، مع تخصيص يوم الجمعـة كيوم مفتوح لمرافق المدرسة وفصولها أو للرحلات العلمية ومناسباتها ،، فتكون المدرسة شعلة من النشاط وبيئة الطالب التي يتحمل من خلالها كامل المسئولية .. فلعمري هي أفضل من طلب الوجبات السريعة حين الإيقاظ من النوم بمنتصف نهار اليوم التالي .. !!

فهل مناهج ( مع حمـد قلم ) و ( كان جاسم في لبنان ) و ( القسمة الخوارزمية) و ( Monira in England ) و ( Hamad the diver ) و ( حول المدفأة )

و ( قدرة الله ) و ( رحلة إلى قرية الفنطاس ) تستطيع القيام بتعديل مسارنا من جديد … ؟؟ أم تبقى كلمات ( المطراف ) و ( المسراط ) و ( المحرار )

و ( شطوط ) ترسم لنـا خارطة الطريق التي تقودنـا نحو المجهول .. ؟؟

يقول المثل : ( إقتبس من الماضي مشعلا يضيء لك باقي الطريق وإياك أن تكسر مقبض المقبس حتى لايحرق لك هذا الطريق ) ..

لازلت أتذكر موقف أحد الطلبة في الجامعة ؛؛ يقول بأول محاضرة سألنا أستاذ المقرر من منكم درس منهج ( مع حمد قلم ) .. ؟؟ يقول : كنا ثلاث أو أربع طلاب فقط بعموم الشعبة ممن رفعنا أيدينا ،، فما كان من أستاذ المقرر إلا أنه قام بهز رأسه باتجاهنا ،، يقول هذا الطالب عرفت مغزى السؤال حين النتائج في نهاية الفصل الدراسي حيث كنا الأفضل وكنا طوال الفصل الدراسي تحت مجهر أستاذ المقرر الذي تأكدت غايته ..

فلا كل تغيير تطوير ولا كل تطوير ناجح على مفترق الدرب واعلم بأن الحلول الترقيعية والمؤقتة لا تغني ولاتسمن من جوع ..

ويحدو بنا الأمل إذا ما تعاضدت عموم الأطراف وتظافرت جميع الجهود لإحداث نقلة نوعية في هذا المسار لإيصال محملنا إلى بر الأمان ومنا إلى عمداء التربية..

ولله درك يا مناهج بهلول .. !!

أ / داود عبدالله جوهر

عضو هيئة تدريب

قسم تكنولوجيا التعليم


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock