«سماسرة الأونلاين»… فضيحة جديدة تهدد التعليم الجامعي
ساعة الحضور بـ 5 دنانير والتفاعل بـ 10 وإجابة الاختبار تتراوح بين 20 و45 ديناراً
عقب انتشار ظاهرة الشهادات المزورة مؤخراً، والتي كان مدخلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أفرز التعليم عن بُعد قضية جديدة من العيار الثقيل وهي لجوء بعض الطلبة إلى سماسرة الانترنت في وسائل التواصل الذين وفروا خدمة 5 نجوم مقابل 5 دنانير للحضور البديل للمحاضرات الجامعية عبر المنصات الإلكترونية في مختلف المؤسسات التعليمية دون علم أستاذ المقرر، وذلك من خلال مراسلتهم عبر «تويتر».
وقدّم السماسرة عبر «التواصل الاجتماعي» مجموعة من الخدمات التي تضاف إلى عملية الحضور، كالتفاعل مع أستاذ المقرر خلال المحاضرة، ويأتي ذلك بناءً على رغبة الطالب في الوجود بالمحاضرة الدراسية، فضلاً عن حل الواجبات الجامعية والاختبارات النهائية والقصيرة وفقا لأسعار رمزية.
في فضيحة جديدة تهدد التعليم الجامعي أونلاين، يقوم مجموعة من “سماسرة التعليم” بعرض خدماتهم كبدلاء للطلبة في حضور المحاضرات أو المشاركة في التفاعل والاختبارات، خلال الحصص الدراسية التي تتم عن بعد، منتحلين هوية الطالب، وذلك لقاء بدل مالي، تبعاً لوقت الحضور ونوع المشاركة.
وحدد السماسرة مجموعة من الخدمات في قائمة أسعار كالتالي: «5 دنانير لحضور المحاضرات الطلابية دون المشاركة أو التفاعل، و10 دنانير للحضور والتفاعل والمشاركة دون علم أستاذ المقرر، فضلا عن حل الواجبات والتقارير الطلابية بـ 10 دنانير، وحل الاختبارات القصيرة (كويزات) بـ 20 ديناراً، أما الاختبارات النهائية فيصل سعرها إلى 45 دينارا».
وذكر السماسرة أنه «في حال استمرار المحاضرة الدراسية أكثر من ساعة فلذلك سعر آخر»، مشيرين إلى أن «الأسعار المطروحة حاليا تتفاوت من طالب إلى آخر، ومن خدمة إلى أخرى».
وأفادوا بأنهم من الكفاءات الأكاديمية التي يحتاج إليها الطالب خلال الدراسة في الجامعة، موضحين أنه يتم تحديد موعد الاختبار او المحاضرة الدراسية مسبقاً حتى لا يتعارض مع دخول الطلبة الآخرين.
واشترط صاحب الحساب أن تكون عملية الاتفاق مع الطلبة عبر برامج التواصل الاجتماعي، وعملية الدفع عبر خدمة الـ «PAYPAL».
ومن جانبهم، أكد عدد من الأكاديميين والقوى الطلابية في جامعة الكويت، أن حضور أي شخص بديل عن الطلبة للمحاضرات التعليمية عبر المنصات الالكترونية لمختلف المؤسسات التعليمية يعتبر جريمة انتحال شخصية، وشبهة تزوير يعاقب عليها القانون.
وطالب الأكاديميون الأساتذة بضرورة تفعيل فتح الكاميرا للتأكد من هوية الطالب وتوجيه أسئلة عشوائية إليهم لتحقيق المشاركة الفعالة في المنصة التعليمية، مضيفين ان «هناك تقديرات غير حقيقية للطلبة في الاختبارات ورصد الدرجات الخاصة بها، ولا تعبر على مستواهم المتعارف عليه».
وأشاروا إلى أن ضعف القوانين واللوائح الخاصة باستخدام برنامج التيمز في الجامعة ساهمت في لجوء بعض الطلبة وراء السماسرة الذين يقدمون الخدمات الطلابية، مطالبين بضرورة تفعيل لوائح جديدة تساهم في القضاء على هذه الظاهرة.
انتحال شخصية
من جانبه، أكد رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت د. إبراهيم الحمود أن “حضور أي شخص بديل عن الطلبة في المحاضرات الإلكترونية بالجامعة يعتبر جريمة انتحال شخصية وشبهة تزوير يعاقب عليها القانون، ويأتي ذلك بعد المشاركة في الحصول على درجات ليس له وجه حق فيها”.
وذكر الحمود أن “هذا الأمر مخالف للنظام الجامعي، ويجب أن تتخذ فيه جميع الإجراءات القانونية، وتطبق اللوائح عليه”، مضيفاً أنه “من الصعوبة الاستدلال على الطلبة المشاركين في هذه الجريمة، لأن هذا الأمر يحتاج إلى إثبات أو دليل قاطع، ولكن ربما تساهم الوسائل التكنولوجية الجديدة في رصد مثل هذه الحالات”.
وشدد على ضرورة أن توفر إدارة الجامعة آلية جديدة لرصد مثل هذه الحالات التي تستغل أشخاصاً من خارج الحرم الدراسي لحضور المحاضرات الإلكترونية دون علم أستاذ المقرر.
وفيما يخص الاختبارات الفصلية أو النهائية، أكد أن أفضل حل لهذه المشكلة، هو فتح الكاميرا أثناء الاختبارات للتحقق من شخصية الطالب.
أسئلة عشوائية
من جهته، أكد عميد كلية العلوم الإدارية في الجامعة د. محمد زينل أن “أفضل حل للقضاء على هذه الظاهرة في الوقت الحالي هو مطالبة الأساتذة بتوجيه أسئلة عشوائية من المحاضرة التي تسبقها لمعرفة ما إذا كان الطلبة متفاعلين عبر المنصة الإلكترونية أم يستغلون أشخاصاً آخرين في المحاضرة”.
وذكر زينل أن “أستاذ المقرر دائماً ما ينبه الطلبة بشكل متكرر لأن يكون ملبسهم لائقاً لحضور المحاضرة، إذ من الممكن في أي لحظة أن يقوم الأستاذ بتقييم الطلبة ويطالبهم بفتح الكاميرا، وذلك هو أفضل حل للقضاء على تلك الظاهرة”.
ولفت إلى أن مشكلة عملية عدم فتح الكاميرا تتمثل في احترام الخصوصية، لأن ثقافة المجتمع الكويتي تختلف عن ثقافة الغرب، خاصة أن هناك العديد من الطلبة لديهم ثقافة الخجل أثناء فتح الكاميرا.
وأضاف أن “أستاذ المقرر لديه صلاحية في حالة الاشتباه بمستوى الطالب من خلال طلب حضوره شخصيا وإجراء الاختبارات وفقاً للاشتراطات الصحية”.
اهتمام كبير
من جانبه، ذكر القائم بأعمال عميد كلية العلوم الحياتية د. أحمد اللافي أن “الكلية لم ترصد أي حالات حضور مدرسين خصوصيين بدلا من طلبة الكلية في المحاضرات التي تقدم عن بُعد”، موضحا أن الكلية تولي اهتماما كبيرا بالتركيز على جودة التعليم ونجاح العملية التعليمية خاصة بعد تطبيق نظام التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا.
وأوضح اللافي أن “اختبارات أغلب المقررات تكون في الكلية سواء كانت إلكترونية أو ورقية”، مبيناً أن درجات الكثير من المقررات النصيب الأكبر فيها للاختبارات، ولذلك يفقد الطالب الغائب عن المقررات الاستفادة من المادة العلمية التي تكون أساس الاختبارات سواء الشهرية أو التي تقام نهاية الفصل الدراسي”.
وبين أن الكلية تمتلك أساتذة على قدر كبير من العلم والمعرفة والقدرة على إيصال المعلومة الكافية للطالب سواء أثناء المحاضرات أو الأوقات المكتبية، لافتاً إلى أنه مع تطبيق التعليم عن بعد، يمكن للطالب أن يراسل أستاذ المقرر عن طريق برنامج “تيمز” أو البريد الإلكتروني لشرح جزئية من المقرر دون الحاجة الى الاستعانة بمدرسين خصوصيين يزيدون أعباء الطالب ولا يحققون الغاية المرجوة من التحصيل العلمي للاستعداد للاختبارات بالمعلومات الصحيحة.
وأضاف أن “طلبة الكلية سيطبقون ما درسوه خلال الجامعة في حياتهم العملية في المستقبل، ولذلك من الضروري أن يكونوا ملمين بالمادة العلمية التي يكتسبونها من مقرر المادة بدلاً من الاستعانة بمدرسين خصوصيين غير متخصصين في تقديم المقررات الأكاديمية، وليست لديهم دراية كافية بتلك التخصصات”.
شخصية الطالب
أما رئيس قسم المحاسبة في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د. صادق البسام، فقال إن “من أهم الأمور التي يجب علينا التأكد منها في الاختبارات، معرفة شخصية الطالب أثناء حضوره للجامعة لأداء الاختبار الورقي سواء كان قصيرا أو نهائياً”، لافتاً إلى أن “هناك صعوبة في تحديد شخصية الطالب وذلك بسبب عدم رؤيته في البرنامج”.
وأضاف البسام أن “مشاركة الطالب في المحاضرة تساعد بعض الأساتذة على تحديد صوته والتعرف عليه”، لافتاً إلى “أن تسجيل الغياب يتم في بداية المحاضرة ونهايتها حتى نتأكد من وجود الطالب في الحالتين”.
سماسرة
من جانبه، اعتبر عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة الكويت د. يوسف العويهان، إن ضعف القوانين واللوائح الخاصة باستخدام برامج التعليم عن بعد في الجامعة؛ ساهم في انصياع بعض الطلبة للسماسرة الذين يقدمون الخدمات الطلابية، لأن الموضوع جديد على الجامعة، وسط عدم تفعيل نظم ولوائح جديدة خاصة بذلك”.
وقال العويهان إن النظم التي تساهم في القضاء على هذه الظاهرة هي تفعيل بطاقات نموذجية للطلبة في الإنترنت، وفتح الكاميرا للتأكد من هوية الطالب”، لافتاً إلى أن “هناك تقديرات غير حقيقية من الطلبة في الاختبارات ورصد الدرجات الخاصة بها، كما أنها لا تعبر عن مستوى الطلبة المتعارف عليه خلال المحاضرة، وهذه الظاهرة لامسها العديد من الأساتذة خلال عمليات رصد الدرجة لطلبة وهم على دراية بمستويات الطلبة الأكاديمية خلال المحاضرة الدراسية”.
وتناول أهم الحلول متمثلة باللجوء إلى الاختبارات الورقية مع وجود الاشتراطات الصحية، أو يكون فتح الكاميرا للطالب أثناء سير المحاضرة عبر المنصة التعليمية والتي تحد من لجوء الطلبة إلى السماسرة، فضلاً عن وضع قوانين صارمة لضبط عملية التعليم عن بعد في الجامعة.
المصدر:
الجريدة