المحامي عبدالله الصفران يكتب: قرار نشر الاسماء من المنظور الدستوري
بعد قرارات مجلس الوزراء بشأن نشر أسماء مخالفين حظر التجول و الحظر المنزلي في الصحف اليومية ومواقع التواصل الأجتماعي ، إلى ان اثار هذا القرار خلافات حول إن كان يشوبة عيباً دستورياً فقد أختلفت الآراء حول مجتهدون يؤيدون لهذا القرار و معارضين له ، إلى أن هذا القرار نظراً للظوف الاستثنائية التي تعيشها البلاد و وتفشي الوباء في جميع انحاء العالم ، ليكون نشر الأسماء إجراء من الإجراءات الإحترازية لتفشي الوبا ، ولكن في الواقع القانوني أن هذا القرار غير دستوري ومخالفاً لمبادئه و للقوانين ، بينما كان نص الدستور صريح بشأن مبدأ شريعية الجريمة و العقوبة فلا مجال للإجتها مع صراحة النص.
مع العلم لا يوجد أي قانون يسمح لمثل هذه الخطوة لتمثل إعتداءات وتجاوزات على حقوق الناس التي اقرها الدستور ونص على حمايتها ، كما يناقض مبدأ شرعية العقوبة ، حيث نص المادة ٣٢ من الدستور (” لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها “) ، وأيضاً نص في المادة ٣٤ (المتهم بريئ حتى تثبت إدانته في المحاكمة قانونية تٌؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع . ) ، وأيضاً اشارت المادة ٣٩ من الدستور على خصوصية الأفراد وعدم جواز إفشاء سرية حياة الأفراد ، ومنها السرية الطبية للمريض إلا في حدود القانون ، وذلك ما اكدته (المحكمة الدستورية في القرار التفسيري رقم ٣/١٩٨٢ )، وأيضاً نصت المادة ١ من قانون الجزاء رقم ١٦ لسنه ١٩٦٠ (” لا يعد الفعل جريمة ، ولا يجوز توقيع عقوبة من أجله ، إلا بناء على نص في القانون ”) ، وأيضاً قانون الاحتياطات الصحية ٨/١٩٦٩ لا يجيز مثل هذا الإجراء .
فإن نشر أسماء المخالفين ، إذا كان لابد منه ، فإنه لا يكون إلا بعد الإدانة لاقبلها لانه لا يوجد في النصوص الجزائية ما يسمح بنشر الأسماء عند إرتكاب جريمة أو مخالفة ، إلا إذا صدرت أحكام نهائية وتطلب القانون نشرها فحين إذ يكون النشر ، لذلك يعتبر النشر إساءة للمخالفين وتشهير فيهم ، فإن أرادت الحكومة ذلك فعليها أن تقدم مشروع قانون إلى مجلس الأمة لينظر ويناقش من جميع النواحي ((فالنشر عقوبة لاتقر إلا بقانون ))، كما أن نشر الاسماء يدينها إن لم يكن وفقاً لحكم قضائي ، فلو نظرنا إلى فائدته نؤكد أنه حتماً سيحقق عملاً ايجابياً للسيطرة على تفشي الوباء ، لكن لو نظرنا من الجانب القانوني سنرى بأنه باطلاً، ومعيباً ليأتي مخالفاً لنصوص الدستور ومبادئه فإنه القاعدة ” المتهم بريئ حتى تثبت ادانته ” فكيف يعاقب قبل ان تتم المحاكمة ؟؟
هل يجوز لسلطة إتخاذ إجراءات لم ينص القانون عليها ؟
بطبع يجوز للسلطات العامة استخدام إجراء لم ينص القانون عليه وذلك لمواجهة الحالات الطارئه التي تهدد حياة الأفراد ولكن تكون وفق منظومة قيدُها عدم مخالفة هذا الإجراء القواعد الدستورية .
إذاً متى يكون النشر صحيح ؟
بعد تأكد إصابة المخالف وهروبه فيجوز بهذه الحالة نشر اسمه و صورته لأنه الغرض وراء النشر لضبطه وهذا جائز في الحالات التي تقدرها سلطة الإتهام لتكون وسيله إحترازية لجهات التحقيق ، ليكون النشر في حدود ضيقة لسلطات التحقيق وليست السلطات الصحية .