كتاب أكاديميا

محمد بن خواش يكتب: الحزن

‏ أحياناً يفقد الإنسان شيئاً من ملذات الدنيا، أو يُبتلى في أمرٍ ما، فيتألم ويشعر بالهم والغم وضيق الصدر واليأس والكآبة، وهذا هو مايسمى بالحزن.

‏هذه المشاعر السلبية تجعل الإنسان هامداً، منكسراً منزوياً. وقد يبحث الحزين عامداً عمّا يبكيه، فقد قال حزين: (فلما بكى الباكون وبكيت لبكائهم ، وجدت في مدامعهم شفاء نفسي ، وسكون لوعتي).

‏ مخطئ من يظن أن الحياة تدوم لأحد بل هي تتقلب بنا ما بين تَرَف وشَظَف، قُوَّة وضعف، ثَرَاء وفاقَةٌ، صحة ومرض، سَرَّاء وضَرَّاء. فسرور الدنيا ظلٌ بائد، أو كحُلم راقد، إن أضحكتنا قليلاً أبكتنا كثيراً ، و إن سرتنا يوماً ساءتنا دهراً. قال عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : لكل فرحة ترحة ، و ما مُلِىء بيت فرحاً إلا مُلِىء ترحاً.

‏:

‏وصدق أبو العتاهية حين قال :

‏وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختلافِه

‏وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ

‏وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ

‏وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ

‏وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ

‏وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ

‏ فطر الله تعالى في نفس كل إنسان السعادة والحزن، يسكن أحدهما بهيجان الآخر عليه وتمكنه منه، قال الله تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم:43].

‏ الحزن شعور مُتْعِب ومؤلم وقد يكون قاتل، فالحزن أنواع وأشدها فتكاً ذلك الذي يجعل الإنسان يشفق على نفسه.

‏ الحزن يذيقك الشهد علقمة، ويريك الزهرة حنظلة، والبُسْتَان بيداء قاحلة، الحزن أفعى سامة جائعة ملساء، لونها أسود، تتذوق طعم هم المهموم بلسانها من بعيد، فتسعى إليه تتطوى على عجل فتلدغه لتسممه وتشل حركته ثم تلتلف حوله فتعصره لتخنقه وتمزق قلبه وتطحن عظامه وتفتت روحه إلى أن تهلكه فتأكله.

‏ إن حزننا يحزن من نحب وسعادتنا تبعث البهجة في نفوس من نحب، {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَذْهَبَ عَنّا الْحَزَنَ ۖ إِنّ رَبّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر : 34] سنقولها فقط إن نحن حاربنا الحزن وتغلبنا عليه ليس من أجلنا فقط بل من أجل من نحب، ولا يكون ذلك إلاّ بالإيمان بالله جل في علاه وبالامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، ومن ثم نسيان مايسوؤنا من ماضينا وعيش كل لحظة فرح من حاضرنا والتفاؤل بمستقبلنا، والنظر للطرف المشرق من حيواتنا والتغاضي عن ركام طرفها المظلم.

‏ الحزن شعور مدمر للإنسان، ولن يفهمه إلّا من عانى منه، ولكن يجب أن نكون على يقين بأن كُل مُرّ سَيمضي مثل سابقهِ وأن الله يُرسل بعْد الحُزنِ فرح يأتي إليك ويحضنك.

‏لن يفارق الحزن روحك مادمت تُحسن ضيافته…..

‏محمد بن خواش

‏Email: ⁦‪[email protected]‬⁩

‏Twitter: ⁦‪@mrq8i11‬⁩

‏ Instagram: mr_q8i111

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock