نور العجيل تكتب: الإلتفاتة شنقاً
لأكون مشردة لأموت بدلاً عن أحلامها الصغيرة، سأجعل منها طبيبة، بعد أكثر من عشرة أعوام بدلاً من أم بعيد تسعة أشهر، تُرى هل كانت أمي ستفعل ما أفعله من جنون؟ لو كانت على قيد الحياة آنذاك؟ ولِمَ سيكون جنوناً؟ هو أكثر الأشياء عقلانية على هذه الأرض ضد عاداتهم البالية، سأكون بوجه كل سلوك مجحف ينتزع براءة طفلتي، تُرى كم من الوقت سرت..يقطع حبل أفكاري رجل يشبه عبد الغني ببطنه المكتنز والشعر الأبيض الذي يخالطه سواد خفيف، كان سيتوقف قلبي لو لم ألمح بيوتنا الريفية وهي بعيدة، النساء هنا ثيابهن جميلة كم تبدو ثيابي رثة، كما لو أنني عجوز طاعنة في السن أنا في المكان الصحيح، ماذا لو يجدنا عبد الغني، سيجعل مني أشلاء، كل انجازاته أنه رجل متزوج من أربعة نساء
سيد لعشيرة كبيرة، من يُبدي فيها عدم قبوله لقرار يموت شهيداً للضمير، لا الأمن يقف بوجه العشائر ولا حتى أكبر سُلطة على هذه الأرض، رباه وحدك تعلم كم من المرات رث الحزن في قلبي، بهرطقاته ربي لتشعل النار في لسانه أنه لا يتوقف عن قول الأكاذيب في الدين مُستغلاً جهل العشيرة،
ها أنا يا أمي أحتضن القلادة التي تبقت لي منكِ مذ كنت في السابعة، كنت دائماً وأنا أضعها أشعر وكأنك معي تسمعينني حينما أنام كانت أسفل وسادتي لربما تزوريني حُلُماً، أماه أنا اليوم بحاجة لبيع تلك القلادة للسفر عن بلاد ذاك المختبل وعشيرته، كوني دوماً بقربي بت اليوم كبيرة أُدرك بأنكِ لا تسكني تلك القلادة، ها هي ابنتي تهرب معي ولا تعلم لِمَ وماذا سيكون مصيرها لو بقيت هنا!
ابنتي طفلة ليس هنالك بوجهها أو جسدها أي ملامح تدل على أنها باتت امرأة رباه لِمَ سيزوجونها؟
ما تزال طفلتي في التاسعة تبتلع معظم الحروف تُخطئ في قول كثير من الكلمات، وتفرح في تناول المثلجات، وتُدهش عند رؤية أفلام الأطفال، ويُعجبها حذاء ساندريلا، وثياب بياض الثلج لا تزال طفلتي لا تخجل من الدموع، تُنادي جميع الرجال بأبي، وكل النساء بأمي، لا تزال طفلتي بعين العالم وحتى بعين الله طفلة، لا تزال طفلتي تمسح دموعي ولا تعلم بأن مصيبتها في أرضها أكبر، أركب القطار المزدحم كلٌ له جرحه، أحدهم يشق طريقه ويود لو يتوقف القطار، وأحدهم مثلنا يود لو يطير ولا يلتفت، ربما دقيقة يتأخر بها القطار تحكم على أحلامنا بالإعدام شنقاً..
مد لي العون إلهي ونجني من القوم الظالمين.
@nooral3jeel