د. حليمة إبراهيم الفيلكاوي تكتب: التكنولوجيا والأسرة
للتكنولوجيا الحديثة أهمية كبرى في تقدم الشعوب وازدهارها في جميع المجالات، الا أننا نرى في مجتمعاتنا العربية خاصة سوء استخدام لهذه التكنولوجيا من قبل معظم الأشخاص ، وسوء الاستخدام هذا ينعكس على حياتنا في جميع مناحيها سواء الاجتماعية والشخصية والصحية وغيرها. ليس هذا فحسب، بل الأدهى من هذا هو استخدام الأطفال لها وهذا ما يضر بالجيل القادم بشكل كبير وللأسف الشديد نجد أن الكبار هم من يشجعون الصغار على استخدام هذه التكنولوجيا دون وعي منهم بأضرارها ومخاطرها المستقبلية عليهم.
فنجد الصغار يستخدمون سواء المواقع المفيدة للأطفال، أو مواقع الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة، في الوقت الذي كان أسلافهم يقضون هذا الوقت باللعب مع أقرانهم في العالم الحقيقي. ولذلك أثر سلبي عليهم وهو فقدانهم لمهارة التفاعل الاجتماعي، وتطوير الشخصية، والتمرس علي مواجهة التحديات، علاوة علي مشكلات صحية جسيمة أهمها السمنة هذا غير الآثار النفسية السيئة، بسبب تعرُّضهم لموجاته الكهرومغناطيسية، التي تؤدِّي إلى القلق، والاكتئاب، والشيخوخة المبكرة. والأخطر من ذلك هو أن هذه الوسائل حلت محل الوالدين في التربية والتعليم، حيث أضحي المراهقون والنشء يتعلمون السلوك والأدب والأخلاق والمثل من أصدقائهم في المواقع الإلكترونية، بدلاً عن المدرسين أو الوالدين أو الأسرة أو العائلة. وهذا اعترافٌ مِن أحَد الأبناء، قائلاً: لا أريد أن ألقي اللوم على أحد، ولكني للأسَف، لم أتلقَّ تربية سليمة منذ صغري، فتربيتي وثقافتي تلقيتها من التلفاز وقنواته الفضائية، واليوم يلومني أهلي على تصرُّفاتي المؤذية لمشاعرهم، ومشاعر الآخرين، ولم يسألوا أنفسهم أولاً عن أسباب تصرفاتي السيئة!!
أما بالنسبة للكبار فقد بات أغلبهم يعانون من حالة إدمان للتكنولوجيا ، و التقليد الاجتماعي الأعمى بكل صغيرة وكبيرة، أضف الى ذلك شبه انعدام للتواصل الاجتماعي فنجد أن الموبايل هو سيد الموقف ومحور الاهتمام في الجمعات العائلية، وتأتي أهميةُ العَلاقات الاجتماعية في أنها تزيد في صحة الإنسان أفضل من اللقاحات التي تمنع الإصابة بالمرض؛ ذلك أن الإنسان خُلِق كي يعيش مع غيره، وأن عزلته عن الناس تُسبِّب له أمراضًا نفسية وصحية. وهذا ما توجّس منه العالم ألبرت أينشتاين، إذ قال: إني أخشي اليوم الذي تحل فيه التكنلوجيا محل التفاعل البشري، عندئذٍ سيسيطر علي العالم جيل من الحمقى!
د. حليمة إبراهيم الفيلكاوي