“أنامل صغيرة لمهن كبيرة”.. أطفال غزة يتدربون على وظائف المستقبل
في مكان كبير أشبه ما يكون بمدرسة أو ساحة تدريبية يجتمع 150 طفلا وطفلة من أرجاء قطاع غزة كافة يرتدي بعضهم زي الطبيب ويمسك بيده أدوات طبية، ويضع البعض الآخر قبعة المهندس المدني بينما ينشغل آخرون بالتقاط صور احترافية بواسطة كاميرا صحفية.
هؤلاء الأطفال اجتمعوا لتحديد مهنهم المستقبلية والانخراط فيها منذ الصغر، فيخضع كل واحد منهم لتدريبات نظرية حسب التخصص الذي يحلم أن يعمل به مستقبلا.
“أنامل صغيرة لمهن كبيرة”.. هو اسم البرنامج التدريبي الأول في قطاع غزة الذي تشرف عليه مؤسسة متعة للتعليم المستمر، ويتيح للأطفال من 4 إلى 15 عاماً دراسة القواعد الأساسية للمهن التي يرغبون بها ويتقمصون خلالها دور الأشخاص العاملين لاكتساب خبرات عملية في المجال الذين يريدون العمل به مستقبلا.
ويحمل البرنامج صبغة تربوية وتعليمية وترفيهية في الآن ذاته ويساعد الأطفال في اكتشاف مواهبهم وتنميتها وتدريبهم عليها، ليشقوا طريقهم نحوها مستقبلا.
ثمانية تخصصات
يتلقى الأطفال تدريبات عملية في مهن تتعلق بمجالات متعددة من الطبية والهندسية والإعلامية وكذلك الفنية والأكاديمية والدينية فضلا عن المجالات الرياضية والحرف اليدوية، ويتم توجيههم من خلال الألعاب والتطبيق العملي وعقد اختبارات شاملة مع نهاية كل مستوى للوصول إلى المستوى العاشر، وهو المرحلة النهائية.
ويقول مدير مؤسسة متعة للتعليم المستمر والمشرف على البرنامج التدريبي محمد النزلي في حديثه للجزيرة نت “يكون لدى الأطفال شغف وحلم بالعمل في مهنة ما في المستقبل، والأهل ورياض الأطفال لا يستطيعان اكتشاف مواهب الأطفال وكيفية تثبيت تلك الموهبة لديهم وتنميتها، لذلك ابتكرنا طرقا جديدة لاكتشاف مواهب الأطفال وتنميتها”.
ويضيف “أردنا من خلال هذا البرنامج تأسيس جيل مهني وتقريب الأطفال من المهن التي يحبونها ويحلمون بالعمل فيها، ويتم إطلاعهم على خمسين مهنة بشكل عام والتركيز على المهن الثماني الأساسية للبرنامج وتطبيق جميع المعلومات التي اكتسبوها من خلال اللعب لتثبيتها في أذهانهم حتى لا يذهب المجهود الذي نبذله خلال فترة التدريب سدى”.
وكشف النزلي أنه يتم إجراء امتحان شامل لقياس القدرات العقلية والجسدية والتعرف على البيئة التي يسكن فيها الأطفال قبل اختيار المهن المناسبة لهم، وأنه بناء على النتائج النهائية للاختبارات التي صممها مختصون نفسيون واجتماعيون يتم تحديد المهنة المناسبة لكل طفل.
وأوضح أن الطفل يكتسب خلال البرنامج التدريبي خبرات ومهارات ويحصل على معلومات المهنة التي تدرب عليها كما لو كان طالبا جامعيا بالسنة الأولى في إحدى الجامعات، مشيرا إلى أنه يتم تدريبهم بأدوات حقيقية وعلى أيدي خبراء في جميع تخصصات البرنامج.
أحلام أطفال
تحلم محاسن الحايك (15 عاماً) أن تكون طبيبة تداوي المرضى وتخفف من جراح أبناء شعبها، واستطاعت من خلال البرنامج تحقيق حلمها والتعرف على أساسيات مهنة الطب التي تعشقها.
وتقول محاسن “شغفي بالحياة أن أصبح طبيبة.. التحقت قبل عامين بدورات برمجة الحاسوب لكني لم أستمر بها لأني لا أرغب بتلك المهنة وتوجهي كان نحو الطب وعلومه، فالتحقت بمخيم أنامل صغيرة في مجال المهن الطبية فهذا هو المكان الأمثل لتنمية قدراتي في المجال الذي أحببته منذ الصغر واكتسبت خبرات وأساسيات الطب ونجحت في تطبيقها بصفة عملية”.
وتوضح “الطبيبة الصغيرة” أنها أصبحت على دراية ببعض تخصصات مهنة الطب وتعمل على تقديم الإسعافات الأولية عند تعرض أحد أفراد عائلتها أو الجيران لمرض مفاجئ، مضيفة أنها اكتسبت جميع المهارات الطبية مثل فحص الحرارة والضغط السكري وتضميد الجروح والتعرف على أغلب الأجهزة الطبية المستخدمة داخل المستشفيات والعيادات.
ويقول “المهندس الصغير” أحمد عاشور (11 عاما) “أحلم أن أكون مهندسا مدنيا في المستقبل لكي أساعد في بناء الأبراج السكنية، والآن صرت أعرف الأمور الهندسية كافة وكيفية إنشاء المباني، كما تعلمت الرسم الهندسي من خلال التدريبات التي تلقيتها في البرنامج”.
المصدر :
الجزيرة