أخبار منوعة

الأمراض النفسية تتزايد معدلاتها

قف أنت مريض نفسي! ليست هذه العبارة مدعاةً للهلع والخجل، بل إشارة إلى وجود أعراض مرضية تستلزم التوقف إزاءها وأخذ العلاج الدوائي والإرشادي المناسب، وإذا تم تشخيص الاضطراب النفسي على أيدي الأطباء المختصين في وقت مبكر، كان هذا تسريعاً للعلاج ووضع الخطة المناسبة لكل حالة وفق تطوراتها وما وصلت إليه من مرحلة مرضية. ولم يعد المرض النفسي مُخجلاً ومثيراً للذعر كما كان في السابق، فوفق اختصاصيين واستشاريين نفسيين فإن «حاجز الخجل والخوف والهواجس» انكسر تجاه هذه النوعية من الأمراض، ومن ثم تزايد مراجعو مركز الكويت للطب النفسي، وكشفت الإحصائيات فإن %20 من سكان الكويت يعانون القلق! مع تزايد ضغوط الحياة تضاعفت العوامل المؤدية إلى العلل النفسية، فالنفوس أضحت مضطربة بسبب رتم العصر السريع، والصراعات البشرية المؤدية إلى التوتر والخوف من المستقبل فضلاً عن تزايد متطلبات الحياة المادية، والصدمات وعدم التكيف مع الواقع المعاش مما تسبب في ارتفاع الإصابة بالاكتئاب والانفصام والقلق وغيرها. ومع تزايد هذه النوعية من الاضطرابات، تزايدت التحذيرات من مدعي المعرفة بخفايا النفوس والذين يلجأ إليهم بعض المرضى النفسيين. وأجمع اختصاصيون في الطب النفسي على أن معدلات الاصابة بالامراض النفسية على مستوى الكويت تزايدت وفقا للمعدلات العالمية، لافتين الى ان ارتفاع الوعي الصحي ساهم في زيادة زيارات المرضى على عيادات مركز الكويت للصحة النفسية، او العيادات الخاصة، لاسيما مع معرفة كيفية التغلب على الخجل من المرض النفسي، وعدم جعله عقبة في طريق العلاج، بالنسبة للمريض وذويه. وأكد الاختصاصيون النفسيون : ان أبرز الامراض المنتشرة محليا، هي التي تتعلق بالاكتئاب والقلق والفصام وثنائي القطب والتوتر والهلع والفزع، مشيرين الى ان الأسباب التي تُؤدّي إلى ظهور الأمراض النفسية تتعلق بتداخل وتفاعل الظروف الخارجيّة البيئية (المادية والاجتماعية) مع الظروف الداخلية (النفسية، والجسمية) بشكلٍ مُعقّد وجارف، وهو الامر الذي يقود الفرد إلى الكثير من السلوكيات غير التكيفيّة على الصعيدين الداخلي والخارجي. وأشاروا الى وجود دراسات تربط بين الوقت الذي يقضيه المراهقون على منصات التواصل الاجتماعي والقنوات، مع اعراض مرض الاكتئاب، فضلا عن زيادة نسبة التنمر والعنف الالكتروني عبر هذه الوسائل، وآثارها السلبية في زيادة الاكتئاب والقلق، واحيانا الانتحار، اضافة الى تدهور الأداء الاكاديمي والوظيفي بسبب التشتت خلالها. ولفتوا، الى استخدامهم طريقتين لعلاج الامراض النفسية، الاولى من خلال الطريقة الدوائية واستخدام عقاقير طبية معتمدة، كمضادات القلق والاكتئاب والذهان ومثبتات المزاج والمهدئات، والثانية هي العلاج النفسي الذي ينقسم الى افرع متعددة، كالعلاج النفسي الإرشادي، وعلاج السلوك المعرفي، وعلاج الأزواج، والعلاج العائلي، وفيما يلي التفاصيل:

تأهيل واندماج
أكد مدير مركز الكويت للصحة النفسية د.نايف الحربي ان المركز يعتبر الوحيد في الكويت الذي يقدم خدمات نفسية شاملة لجميع سكان البلاد، مبينا انه يستقبل نحو 90 الف مراجع سنويا «جديد ومتردد»، كما تتجاوز قدرته الاستيعابية اكثر من 600 سرير. واضاف الحربي ان المركز يشارك بشكل فعال مع المجتمع، من خلال محاولة تقليل الخجل من المرض النفسي وزيادة الوعي عن طريق الخدمات المقدمة فيه وفي جميع مستشفيات البلاد، مبينا ان حقوق المريض وسياسات الدخول والخروج واساليب العلاج المتبعة بالمركز، تكون في اعلى مستوياتها، وتتفق مع السياسات العالمية في حفظ حقوق المريض النفسي، ومراعاة حقوق الانسان. واشار الحربي الى ان المركز يقدم خدمات صحية متفرقة، من خلال العيادات الخارجية، والاجنحة الداخلية، اضافة الى الاستشارات الخارجية التي تغطي معظم مستشفيات الكويت والعيادات النفسية الموزعة بالمستشفيات، لتقليل الخجل وتوفير الخدمات النفسية بشكل اوسع، منوها الى ان قسم الطوارئ بالمركز يعتبر اول جهة لاستقبال المراجع فيه، ويعمل على مدار الساعة لخدمة المراجعين. ولفت الى وجود وحدة اضطرابات النوم التي تم استحداثها مؤخرا تبعا للمقاييس العالمية، ومركز المنارة الاول في الخليج لتقديم الخدمات النفسية الشاملة للاطفال والمراهقين وذويهم.

الهلع والفزع
من جانبه، كشف استشاري الطب النفسي في مركز الكويت للصحة النفسية د. عبدالله الحمادي، عن معاناة ما يقرب من %20 من سكان البلاد (مواطنين ومقيمين) من مرض القلق، الذي يعتبر ابرز الامراض النفسية التي يعاني منها المجتمع، مع الاكتئاب والوسواس. وأوضح الحمادي ان هذه المعدلات تقريبية وبحسب سن المريض والاضطرابات الاخرى التي قد تكون متصلة بالقلق، اضافة الى ارتباطه بالهلع والفزع والخوف غير المبرر، لافتا الى ان كل شخص منا لديه فرصة احتمالية %20 اصابته باي اضطراب نفسي خلال مراحل حياته تختلف حدته بحسب الاعمار، مشيرا الى ان اعداد المصابين بالامراض النفسية تتزايد، الا انها متوافقة مع زيادة عدد السكان. وأشار الحمادي الى ان معدلات المصابين بالاكتئاب تتفاوت بين %5 و%10 من عموم السكان، حيث يرتبط المرض بعوامل متعلقة بالامراض العضوية، وعند المرأة قد يرتبط بالولادة والدورة الشهرية، موضحا ان مركز الكويت للصحة النفسية يواصل تقديم خدماته العلاجية والجلسات الحوارية مع المرضى، ومن خلال استشاريين لهم باع طويل في هذا التخصص. ولفت الى عدم وجود رابط مؤكد بين التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل، مع الاصابة بأي مرض نفسي، مبينا ان ما يلاحظ حاليا يسمى سوء استخدام وليس ادمانا كما يطلق عليه البعض، نافيا اتباع اساليب علاجية مشددة مع المرضى، كالربط بالحبال، مضيفا ان الحبال تستخدم مع المريض المصاب بحالة هيجان فقط. وذكر الحمادي ان الأسباب التي تُؤدّي إلى ظهور الأمراض النفسية تتعلق بتداخل وتفاعل الظروف الخارجيّة البيئية (المادية والاجتماعية) مع الظروف الداخلية (النفسية والجسمية) بشكلٍ مُعقّد وجارف، وهو الامر الذي يقود الفرد إلى الكثير من السلوكيات غير التكيفيّة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ثنائي القطب
بدورها،أشارت استشارية طب نفسي الاطفال ورئيسة اللجنة الاعلامية في مركز الكويت للصحة النفسية د. بيبي العميري، الى عدم وجود دراسات دقيقة عن معدل امراض الاضطرابات النفسية في البلاد، منوهة الى انها تبقى متقاربة مع المعدلات المسجلة عالميا، وفي الدول المجاورة. واوضحت العميري ان نحو %7 من السكان يعانون من امراض الاكتئاب، و%1 من مرض الفصام، و%3 من ثنائي القطب، فيما يعاني %7 من الاطفال من فرط الحركة وقلة الانتباه، مبينة ان اكثر الاضطرابات التي تتردد على عيادات المركز هي لمرضى الفصام وثنائي القطب، حيث تصاحبها عادة اعراض قوية واضحة للمجتمع، وتتطلب علاجا مكثفا ومستمرا. وتابع: ان علاج الاضطرابات النفسية عادة ما يكون متعدد التخصصات، ومن خلال فريق متكامل لمواجهة المسببات، حيث ان العلاج يتكون من دوائي ونفسي وتأهيلي، اضافة الى التدخل الاجتماعي لمحاولة تقليل الاثار الاجتماعية او علاجها بالتعاون مع ذوي المريض او جهة العمل او المدرسة او المؤسسات الحكومية الاخرى اذا تطلب الامر، منوهة بأن هذه التدخلات تتطلب الموافقة المسبقة من المريض او الوصي عليه، حتى يكون المريض جزءا من الخطة العلاجية. وعن امكانية ضلوع وسائل التكنولوجيا الحديثة في حدوث بعض الاضطرابات النفسية، قالت العميري ان هناك دراسات ربطت بين الوقت الذي يقضيه المراهقون على منصات التواصل الاجتماعي والقنوات، مع اعراض الاكتئاب، فضلا عن زيادة نسبة التنمر والعنف الالكتروني عبر هذه الوسائل، واثارها السلبية في زيادة الاكتئاب والقلق، واحيانا الانتحار، علاوة على تدهور الاداء الاكاديمي والوظيفي بسبب التشتت عبرها.

تقنين الاستخدام
لفتت د. بيبي العميري الى ان التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، فهي تنطوي على فوائد متعددة، الا ان الامر يتطلب تنظيم استخدامها وتقنينه، وقتا وموضوعا، لتقليل الاثار السلبية لها، مشددة على اهمية تنفيذ مزيد من الدراسات حول كيفية الاستفادة منها وتقليل اضرارها.

أدوية متطورة
أكدت العميري وجود ادوية جديدة في الاسواق العالمية يحرص مركز الطب النفسي على طلبها، كونها ادوية حديثة ومدروسة عالميا ومجربة، اضافة الى استخدام احدث التقنيات في العلاج، حيث طلب المركز جهاز TMS، لعلاج الاكتئاب، فيما تعكف لجنة دوائية على دراسة دواء اخر تمهيدا لتوريده.

طرق علاجية
أوضح استشاري الطب النفسي د. عبد الله غلوم ان الامراض النفسية كثيرة ومتشعبة، كما انها تصنف على حسب نوع الأعراض التي يعاني منها الشخص، كإضطرابات المزاج والقلق والتوتر والطفولة والشيخوخة، والاضطرابات الذهنية وغيرها. واشار غلوم الى انه ومن خلال معاينته الشخصية فان اكثر الاضطرابات التي لديه في العيادة هي لإضرابات القلق والتوتر، منوها بانها تصيب مواطنين ومقيمين على حد سواء، حيث تشكل هذه الأمراض %20 من الأمراض النفسية، كما انها الأكثر شيوعا على مستوى العالم، وهي اضطرابات نوبات الهلع والقلق العام والوسواس القهري والرهاب الاجتماعي والفوبيا بأنواعها، كفوبيا الطيران والحيوانات والأماكن المغلقة.

طرق علاجية

تحدث استشاري الطب النفسي د. عبدالله غلوم عن طريقتين لعلاج الامراض النفسية، الاولى من خلال الطريقة الدوائية واستخدام عقاقير طبية معتمدة، كمضادات القلق والاكتئاب والذهان ومثبتات المزاج والمهدئات، والأخرى هي العلاج النفسي الإرشادي، وعلاج السلوك المعرفي، وعلاج الأزواج، والعلاج العائلي وغيرها.

المطيري:بعض الخادمات مضطربات نفسياً

حذرت استشارية الطب والعلاج النفسي وعلاج الادمان د.هيا المطيري من أن شريحة واسعة من المرضى النفسيين هم من العمالة المنزلية، الذين يفاجأون بواقع يختلف عما كان في ذهنهم قبل وصولهم للبلاد. وبينت المطيري ان بعض الخادمات لا يصلحن للعمل داخل المنازل، فبعضهن يعانين اساسا من مشاكل نفسية قبل عملهن بالمنازل، وتبين أنهن غير لائقات صحيا من خلال تجربتنا الميدانية في أجنحة المركز، مؤكدة أهمية اعادة النظر في الفحوصات التي تتم لهؤلاء قبل طلبهن من موطنهن. وذكرت ان معدلات تزايد إصابة افراد المجتمع بالامراض النفسية تعتبر نوعا ما طبيعية، قياسا بتزايد عدد السكان «مواطنين ومقيمين»، مبينة ان ابرز الامراض تتعلق بالوسواس القهري والاكتئاب وإدمان المواد المخدرة والقلق والعنف. واضافت المطيري ان لهذه الامراض اسبابا متفرقة، ابرزها يتعلق بالعوامل الوراثية، واضطرابات النواقل العصبية والمواد الكيميائية بداخل المريض، والنشأة والظروف الحياتية التي يترعرع عليها الفرد، فضلا عن الافكار المزعجة ووفاة الاقارب وغيرها من العوامل المتعلقة بالامراض النفسية، حيث يتم التعامل مع كل مريض وفق نوع المرض وحدته. وأوضحت أنه وخلال عملها كرئيسة لمركز الكويت للصحة النفسية ومركز علاج الادمان سابقا، كانت الأسرّة تكتظ بالكامل في اغلب الاوقات «1200 سرير».

العنف ومواقع التواصل

ذكرت استشارية الطب والعلاج النفسي وعلاج الادمان د. هيا المطيري أن كثرة استخدام منصات التواصل الاجتماعي تساهم في حدوث العنف وقلة المدارك الذهنية للاطفال وقلة الحركة وزيادة السمنة.

علم النفس: قلة النوم تصيب بالهلع!

د.نايف المطوع كشف أستاذ علم النفس الاكلينيكي السريري في كلية الطب بجامعة الكويت د.نايف المطوع عن 4 أسباب رئيسة للاصابة بالامراض النفسية، أبرزها الجينات الوراثية للمريض، والاختيارات الحياتية، والعلاقة بالاحداث القريبة، والصدمة، فضلا عن اسباب فرعية اخرى، مشيرا إلى أن قلة النوم تصيب بالهلع. واضاف المطوع : من ابرز الامراض النفسية التي تنشر في المجتمع الكويتي: الاكتئاب والقلق والتوتر، مشيرا الى ارتباطها بعوامل عدة، كالأحداث اليومية التي يمر بها اي انسان والصدمات المفاجئة، ووفاة احد الاشخاص القريبين، وغيرها من العادات، كالتعاطي وقلة النوم. ولفت المطوّع الى ان عدم انتظام النوم وزيادة تناول المنشطات (القهوة والشاي) يساهمان في حدوث بعض الاضطرابات؛ كالتوتر والهلع، بسبب تغيّر نمط الحياة الصحي وقلة النشاط البدني. وأوضح ان التوعية بالامراض النفسية ساهمت في توافد اعداد غير قليلة من المرضى على العيادات، محذّرا من وجود اشخاص غير مختصين يمارسون الطب النفسي. وتابع: ان سوء استخدام منصّات التواصل الاجتماعي من قبل البعض ولفترات طويلة، او ما يطلق عليه ادمان الهواتف، يساهم في حدوث اعراض الاكتئاب لدى اي شخص، لا سيما مع اختلاط الشخص بعالم مجهول وهمي متغيّر وسريع تتبدل الاحداث فيه، ومقارنة المستخدم لنفسه خلال أسوأ حالاته مع افضل حالات مستخدم آخر، مشددا على ضرورة مراقبة اولياء الامور لابنائهم ممن يتواجدون لساعات طويلة بمواقع التواصل.

فصام الشخصية
يعرف الاطباء الفصام بانه اضطراب عقلي حاد قد يؤدي إلى مزيج من الهلوسة والأوهام والفكر المضطرب للغاية والذي يضعف الأداء اليومي للمريض، ويمكن أن يؤدي إلى عجز، ويعتبر حالة مزمنة تتطلب العلاج مدى الحياة غالبا.

ثنائي القطب
هو أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي لدى المريض، والتي تختلف عن الشعور بالابتهاج الطبيعي، كونها تؤدي بالشخص لقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة في بعض الأحيان.

تخفّفوا من الضغوط
شدد استشاريون نفسيون على اهمية تقسيم الوقت واستغلال الفراغ بما هو جيد، وتقليص ساعات استخدام مواقع وقنوات التواصل والافلام، التي تعرض خلالها مشاهد قد تؤثر سلبا في المتلقي، لا سيما الاطفال. ولفتوا إلى أن ضغوط الحياة تضاعف الاضطرابات النفسية، ويجب التخفف من المتاعب والتوتر وحل المشاك اليومية بالصبر وحسن التخطيط ورحابة الصدر.

شائعة ومنتشرة
أكد أطباء نفسيون أن الاضطرابات النفسية شائعة ومنتشرة كأي أمراض أخرى، مبينين انه بالإمكان مساعدة المرضى من خلال تقييم حالتهم واعطائهم العلاج المناسب، لتخفيف معاناتهم وممارسة حياتهم بشكل أفضل.

المصدر:
القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock