أ. لطيفة عيسى الكندري تكتب: تعلَّم .. تدرَّب لتُنْجِز
العلم من أجمل الأشياء التي يستطيع الإنسان الحصول عليه أثناء حياته ، ولذلك أوصانا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام على أهمية الاستزادة من العلم و المعرفة و اكتساب المعلومات الجديدة بشتى الطرق ، و تنمية و تطوير تلك المعلومات و تلك المعرفة سواء النظرية أو التطبيقية .
ولابد منا أن نكون على دراية وعلم بالفرق بين ما هو نظري و ما هو تطبيقي ، والشيء بالشيء يذكر ، فلابد أن يكون هناك وعي و دراية بالفرق بين التعليم و التدريب الذي بدوره سيقودنا إلى تطوير و تنمية المعارف و المعلومات و المهارات بشتى أنواعها .
بدأت رحلة الانسان مع التعليم و التدريب منذ قدم الزمان ، و كان خير معلم و خير مدرب هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال الله تعالى : ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” .. بعثه الله تعالى ليكون معلما يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم حريصا على أن يصل بالدين الاسلامي دين الله تعالى إلى الكمال ، فحرص أشد الحرص على ينهج منهج التدريب لا التلقين .
كثيرون منا يعتقدون أن التعليم و التدريب هما الشيء ذاته ، و لكن الاختلاف بينهما كبير ..
التعليم في اللغة هو من الفعل علم ، و علمه الشيء تعليما فتعلم ، و التعليم اصطلاحا هو عبارة عن العملية المنظمة التي يمارسها المعلم بهدف نقل ما في ذهنه من معارف و معلومات إلى الطلاب المتعلمين و الذين يكونون بحاجة إلى هذه المعارف ، و نجد في التعليم أن المعلم تكون في ذهنه مجموعة من المعلومات و المعارف يحاول توصيلها للمتعلمين لأنهم بحاجة إليها فيقوم بتوصيلها بصورة مباشرة منه شخصيا عن طريق التلقين .
والتدريب لغة .. يقال : درب فلانا بالشيء و دربه على الشيء أي عوده و مرنه .
التدريب اصطلاحا : عبارة عن نشاط منظم يركز على الفرد لتحقيق تغير في معارفه و مهاراته و قدراته لمقابلة احتياجات محددة في الوضع الحالي أو المستقبلي في ضوء متطلبات العمل الذي يقوم به.
وما التدريب إلا مجموعة من النشاطات التي تعلم المتدربين و تنمي مهاراتهم و ترتقي بمستوياتهم المهنية و تطور أساليبهم و تغير سلوكهم نحو الأفضل و هو تطبيق للمعرفة .
إذا هناك شيء اسمه تعليم و هناك شيء آخر اسمه تدريب ، التعليم يعتمد على نقل المعلومات و التدريب ينقل المعلومات و المعرفة و بالتالي ينمي المهارات ومن ثم تتغير القناعات و بالتالي يتغير السلوك نحو الأفضل و هذا يؤدي إلى تطوير الأفراد ومن ثم المنظمات التي يعملون بها و هذا ينعكس انعكاسا طيبا على الدولة .
إن الفرق بين التدريب و التعليم واضح ، و امتلاك المعلومات العلمية المهمة عن العمل الذي يقوم به أمر ضروري ، و برامج التدريب لكي تكون فعالة يجب أن تستخدم أساليب متنوعة من العلم تتناسب مع الأنواع المختلفة من المهارات التي يسعى الفرد إلى اكتسابها وتنميتها وتطويرها .
و على الصعيد المهني .. التدريب يهدف إلى تحسين و تطوير الأداء و تنمية قدرات الأشخاص و مهاراتهم بما يتناسب مع أعمالهم ، و تغيير السلوك و الاتجاهات مع الالمام بكل ما هو جديد في مجالات عملهم مع مواكبة التطور و التقدم العلمي و اكتساب المهارة في استخدام الأساليب الحديثة لاحداث تغييرات إيجابية مستمرة ليجعلهم أكثر فاعلية في أداء أعمالهم ومهامهم ، و بالتالي سيكون هناك زيادة في الانتاج و ذلك بزيادة الكمية و تحسين النوعية ، و سيكون هناك الترشيد و الاقتصاد في النفقات و زيادة الأرباح و تقوية نقاط الضعف لدى العاملين مع رفع مستوى الأداء و اكتشاف ابداعاتهم المهنية و زيادة خبراتهم مع السعي الدائم لتحقيق مستويات أعلى من الانتاج ، و بذلك يقدّم التدريب الكفاءات البشرية التي تحتاجها أيّ منظمة لتحقيق أهدافها، ويعمل على تأهيلهم أفضل تأهيل بما يتناسب مع متطلبات العمل الحديث، كما ويحقق الاستقرار المطلوب في الانتاج، حيث أن وجود مجموعة مدربة تدريباً أمثل في المنظمة يضمن استمرار العملية الانتاجية بالصورة المطلوبة.
أيضا يعمل التدريب على تنمية وتطوير وتوسيع آفاق السلوكيات الإداريّة ذات العلاقة بالمرونة في العمل، والتفكير المنظّم والتعامل والقدرة على حلّ المشكلات المختلفة والتعامل معها، والقدرة على التأقلم مع التغيّرات وظروف العمل الجديدة، وامتصاص غضب الآخرين، وتنمية مهارات الاستماع والابتكار والاتّصال والتواصل والعلاقات والإشراف، وتحفيز الموظفين واستثمار قدراتهم بما يعود بالنفع على جميع الأطراف .
ختاما أستطيع القول أن التدريب و التعليم يكملان بعضهما البعض و يمثلان قلب عملية التنمية ، فلا تنمية و لا تطور و لا رقي بدون تدريب و تعليم هادفين .
أ. لطيفة عيسى الكندري
معهد التمريض
