كتاب أكاديميا

منوة محمد العكاري تكتب: مدى حاجة فئة كبار السن الى خدمات العلاج بالعمل

 

قد ينظر البعض منا الى التقدم في السن على أنه نوع من أنواع الخلل الذي يمرض أعضاء جسم الإنسان المختلفة،فيسلبه أوجه قواه وحيويته. بناءً على ذلك، يتم تلقائياً ربط مفهوم الصحة بخلو الجسم من الأمراض. 

ومن زاوية أخرى، يرى آخرون أن قدرتهم على ممارسة الأنشطة اليومية بشكل مستمر وكذلك إمكانية إدارة حياةمنتجة كفيل بتحقيق تمام الصحة. فبغض النظر عن الحالة المرضية، استطاع هؤلاء ان يكوِنوا لأنفسهم صورة عمليَة مستقلة بذاتها تمكنهم من التأقلم مع ظروف الحياة ومعوقاتها. فهذا التصور يعتبر محور أساسي من المحاورالمختلفة التي يرتكز عليها اخصائيو العلاج بالعمل في عملية تأهيل فئة كبار السن.

يعد العلاج بالعمل او ما يسمىبالعلاج المهني، أحد اهم التخصصات الطبية التي بدأ تدريسها منذ العقد الماضي في جامعة الكويت، وتحديداً، كلية العلوم الطبية المساعدة. حيث انطلقت خدماته الصحية بدءاً من مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل الصحي منذ أكثر من ثلاثون عام.وانتشرت بعد ذلك في مستشفيات حكومية عده، منها: مستشفى العدان، مبارك الكبير، مركز الكويت للصحة النفسية، ابن سينا، وغيرها. 

بشكل عام، يلعب المعالجون المهنيون دوراً حاسماً في مساعدة الناس من جميع الأعمار، وليس فقط كبار السن، على التغلب على آثار الإعاقة الناجمة من المرض أو الشيخوخة أو الحوادث، حتى يتمكنوا بعد ذلك من القيام بمهام أو وظائف يومية. وكذلك تشجيعهم على الشعور بالاستقلالية والحزم فيما يتعلق بأداء أنشطتهم الحياتية على الوجه المرضي لهم. هذا بالإضافة الى مساعدة الأسر على التعامل مع احتياجات ذويهم وفهمهم بشكل أفضل من خلال التقييم المستمر والحلول العملية التي تهدف الىتخفيف الضغط عن مقدمي الرعاية الذين ليس لديهم تلك المهارات العملية. فبمساعدة أخصائي العلاج المهني، يتسنى للعائلات ومقدمي الرعاية وضع خطة تسمح للجميع بتحقيق أهدافهم الفردية فيما يتعلق بصحة المريض وسلامته وسعادته.


إن خدمات العلاج المهني الموجهة لفئة كبار السن فريدة من نوعها إلى حد ما. وخصوصاً في حقيقة أنها تستخدمنهج شموليعند النظر في احتياجات كبار السن الذين يخضعون للعلاج. فيترقب المعالج ما وراء الأعراض السطحية ويحاول اكتشاف أي مشكلات أساسية التي قد يكون لها تأثير سلبي على حياتهم العملية. كما أنه مؤهل لمساعدة أولئك الذين يعانون من مجموعة من الاضطرابات الإدراكية،إعاقات النمو، مشاكل التحكم في الحركات، فقدان الذاكرة، وكذلك المشكلات السلوكية والعاطفية. 

فبغض النظر عن أسباب البحث عن العلاج، لا يستخدم المعالجون المهنيون تقنيات العلاج اليدوي كالتدليك وغيرها. عوضاً عن ذلك، فهم يساعدون كبار السن في الحالات التي يكافح فيها المرضى عند أداء الأنشطة الأساسية للحياة اليومية، مثل الاستحمام، ارتداء الملابس، الطهي، والتنظيف،إلخ. كما يساعدون كبار السن أيضًا على تعلم كيفية التكيف مع أي تحديات بيئية تتم 

مواجهتها بسبب إعاقات مؤقتة أو دائمة خلال تواجدهم فيالمرافق العامة أو داخل المنزل.

ويحرص المعالج المهني على توفير خدمات عديدة منها:

 مواجهة التحديات: ويتمثل في مساعدتهم على مواجهة أي عقبات ممكن مواجهتها بشكل روتيني أثناء محاولة أداء المهام اليومية والتعامل معها، سواء كان المشي أو تنظيف الأسنان بالفرشاة أو غيرها.
 تعزيز الصحة البدنية: ويكون بإعادة تصميم نمط حياتهم، فيتمكنوا من البقاء نشيطين باتباع نمط حياة أكثر صحة. فبينما يتغلب كبار السن على تحدياتهم من خلال العلاج المهني، فهم يستعيدون الشعور بالاعتماد على الذات والحياة الطبيعية.
 توفير قدر أكبر من العافية العاطفية: أصبح العديد منكبار السن أكثر عرضة لحالات الاكتئاب ومرحلة فقدانالأمل عندما تكون قدراتهم الجسدية محدودة أو عندما يواجهون مصاعب في أداء المهام اليومية بنجاح. غالبًاما يكون للمعالج المهني تأثير عاطفي إيجابي علىالمرضى، حيث يتم تدريبهم على مساعدة المرضى علىرؤية الاختلالات الوظيفية المؤقتة والدائمة والتركيز علىما يمكنهم القيام به.
 الوقاية من السقوط: لاعتبارها أحد الأسباب الرئيسية للإصابات الكبيرة، فإن الانزلاقات والسقوط هي حوادثيمكن للمعالج المهني المساعدة في تجنبها والوقاية منها.
 السلامة المنزلية: حيث يتم تدريب المعالجين المهنيين لمساعدة المرضى وعائلاتهم على استكشاف طرق لإجراء تعديلات بيئية منزلية لأغراض السلامة والأغراض الوظيفية. على سبيل المثال، سيحتاج أحد كبار السن المصاب بشلل أو أحد الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة إلى تعديلات منزلية خاصة تتيح لهم القيام بأنشطة الحياة اليومية بسهولة أكبر من خلال رفع مستوى الأمان وتجاوز حواجز التنقل من خلال الأرضيات غير القابلة للانزلاق، درابزين دورات المياه، مصاعد كراسي السلالم، وما إلى ذلك، على تحسين نوعية حياة كبار السن واستقلالهم.
 التعامل مع فقدان الذاكرة: يمكن لكبار السن فيالمراحل المبكرة من حالة فقدان الذاكرة الاستفادة من مهارات المعالج المهني التي في الواقع، تبطئ معدل التدهور العقلي وفقدان الذاكرة. أما في المراحل المتقدمة، يمكنهم توفير التحفيز الحسي ومساعدة كبار السن في التركيز على تبسيط الأنشطة اليومية.

 

 

لذلك يستطيع ممارس العلاج المهني أن يعمل يداً بيد مع كبار السن ويساهم في توفير سبل عيش كريمة لهم مهما كانت حالتهم الصحية باستخدام أساليب حياتية متجددة تتسم بالإبداع والمرونة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock