كتاب أكاديميا

شهد البياع تكتب: مُراد، أين طريق العودة الى المنزل؟

كم اشتقت إلى أحاديثنا يا مراد، منذ رحيلك لم أعد أعلم أين طريق العودة إلى المنزل!”

كان مراد أحد أصدقائي المقربين جدا،كان دائم الحديث عن الذين يفقدون من يحبون و هم أحياء، و كيف تصبح الحياة و الايام و الساعات لا قيمة لها في غياب من تعلقت بهم الروح،و كيف ان الحياة تعود الى وضعها بصعوبة و بعد سنوات،،و قد لا تعود كما كانت أبدا!

كان رغم فقدانه لحبيبته “فريال” مازال متفائلا و مشرقا بما هو آتٍ، كان دائما يهوى التحدث عن حبيبته التي وافتها المنية منذ خمس سنوات. كان دائم التغني بجمالها و كم كانت ذي قلب رقيق و حساس، و منذ ذلك الوقت لم يتوقف عن كتابة القصص و الروايات التي جمعتهما مع بعضهما البعض.

كنت أراه كل يوم في تمام الساعة السابعة و النصف مساءا في المقهى المفضل لي، كنت أراقب ملامح و إيماءات وجهه حينما كان يكتب عنها في دفتره الصغير الذي ابتعاته له في عيد ميلاده الاخير قبل وفاتها،،،يكتب بعض الجمل و ينظر الى البحر الذي كانت تعشق حبيبته فريال نسماته الباردة التي كانت تداعب شعرها الاسود، يُغمض عينيه و يتذكر ابتسامتها البريئة في كل مرة تأتي قطرات مياه البحر على وجهها.

و في يوم من الأيام التي اعتدنا ان نلتقي فيها لنتحدث و نحتسي قهوتنا المفضلة،،لم يأتِ مراد!!

اتصلت به و لم يجب و هذا ما أقلقني أكثر على صديقي الذي اعتاد دائما الرد على هاتفه بسرعة!

و بعد عدة ايام من الاختفاء ذهبت إلى بيته و إذ بحارس بيته يخرج لي من شقته الصغيرة ليخبرني بأن مراد في المشفى و أن حالته غير مستقرة البتة!

ذهبت إلى المشفى المقيم فيه مراد لأكتشف ان صديقي الذي كان السبب في تمسكي بالحياة سوف يفارقها خلال بضعة أيام و ذلك لوجود ورم سرطاني في الدماغ، و كانت حالة مراد متأخرة للغاية، و.ما أدهشني بعد رؤيتي له و الحديث معه أنه قال لي “لن يفيد العلاج الا في زيادة عدد الايام التي سوف أعيشها، و قد عشت ما يكفي بعد موت فريال، أريد أن أكون بجوارها،، فقد اشتقت إليها كثيرا!”

سألته و الدموع تملأ عيناي: ” يا مراد، إذا ذهبت للموت من سيلهمني الصبر على الحياة و على فقدانك”

فأجاب: “عزيزتي، قد أعطيتكِ النصائح الكافية لتكوني قوية و قادرة على مواجهة هذا الجحيم بمفردك، أنتِ الآن مستعدة”

كان يتحدث و التعب يملأ صوته و كانت عيناه غارقتان في التعب و المرض،،و بعد بضعة أيام،،توفى مراد ذلك الشخص الذي كان رفيق و صديق الروح لي و لم يترك لي من إرثه سوا نصائحه و كتاباته عن فريال..منذ رحيلك يا مراد لم أعد اشتهي شيئا البتة،،فلترقد انت و كل من كان سبب في سعادتنا و رحل في سلام و أمان..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock