سوسن إبراهيم تكتب: الإعلام بين مطرقة التقليد وسندان الحداثة
قبل سنوات مضت انبهرنا بالإعلام التقليدي والمتمثل في “الصندوق الخشبي“التلفزيون، والاذاعة التي كانت مصدر مهم يبث أخبار العالم ذاك الوقت، والصُحف الورقية التي احتوت على أقلام صاعدة ومخضرمة عُرفت بهيبتها في الدولة. لننتقلإلى القرن العشرين حيث أخذت التكنولوجياالإعلام التقليدي ونقلته نقلة نوعية غيرت ملامح الإعلام والتواصل.
فأصبح الإعلام الجديد هو المسيطر ليمتد عبر ومن المنصات التقليدية ويأخذ انبثاقالضوء عنها. حتى يبدأ المتلقي بالابتعاد تدريجيا ً نحو مواقع التواصل الإجتماعي والامتزاج مع كل جديد ومثير، ليقع الجمهور في دهشة طفولية نحو المواقع المختلفة والمنافسة كتويتر وانستغرام وغيرها الكثير. فيصبح المتلقي هو المسؤول عن نشر الأخبار وكتابتها والتعليق عليها.
مع ثورة الإعلام الجديد وتسيدها للمجتمع، أصبحت لها جوانب عديدة وتوزعت بين ما هو سلبي وما هو إيجابي ومفيد. فنرى الجمهور ينقسم تلقائيا ً لهاذين الجانبين ويتصدر قائمتهما. فالجانب الإيجابي يتعلق بكثرة المعلومات وتعددها وسهولة تحصيلها عبر مختلف وكالات الأنباء والمحطات المعترف بها التي تماشت مع الثورة المعلوماتية وتطور التقنية، لتساير توجهات العامة وتتخذ خطوة تقربها أكثر وأكثر من الجماهير خاصة أنها تستهدف مختلف فئات المجتمع بلا تحيز أو انتقائية.
ونتوجه لجانبها السلبي والذي مع ضمانها حريات التعبير والرأي أصبحنا نرى بشكل دائم الحسابات المزروعة المندسة لتأجيج الرأي العام ونشر الفتن. لينتقل الإعلام الجديد من أداة إعلامية شفافة ونزيهة إلى أداة سياسية مُؤدلجة تسعى لجمع هتافات فارغة تثبت كذبا ً المشاريع الحكومية وتأكد مسعاها وتلمع سمعتها. حتى أن بعض الجماهير أو مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة أصبحت تلتفت للفضائح وإعادة نشرها لكسب متابعين أكثر والسعي للشهرة على حساب سمعة الآخرين وانتهاك خصوصياتهم، بل حتى تشويش الرأي العام وبرمجتها لموافقة أهداف موضوعة لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتحوير الحقائق والتلاعب بالمصادر بل إدخال جزء من الحقيقة لإقناع مستخدمي وسائل التواصل ب“الكذبة“.
وبما أننا في عصر التقنية الحديثة والتكنولوجيا وذروة التقدم المعلوماتي، تعلُم أخلاقيات الإعلام واستخدام الأدوات الإعلامية أصبح ضرورة مُلحّة. وذلك لسبب بسيط، أن مستخدمي تلك الأدوات هم من جميع فئات المجتمع، الصغير قبل الكبير. ولإنجاز هذه الخطوة المُلحّة والمهمة يجب أن تُدرج هذه الأخلاقيات كمقرر ومنهاج تحت مسمى (الإعلام التربوي) ويكون متكاملومنفصل في المدارس والمعاهد ومختلف الأكاديميات. ليتعلم الفرد منذ نعومة أظفاره أن التعامل مع الإعلام الجديد يتطلب لباقة وثقافة عالية تؤهله لاستخدامها والتعمق بمواضيعها والقدرة على التحليل والتفسير.
ولهذا يجب أن تدرك المنظمات والمؤسسات الحكومية ومخضرمي الإعلام التقليدي كم هو مهم أن تنشأ بيئة إعلامية شفافة وحضارية وذلك من خلال الاهتمام بالمستخدم وإعطائه أسس التعامل مع الأخر والرأي المختلف مهما كانت بيئته التي ترعرع فيها أو مكانته الإجتماعية، لتبقى الثقافة والأسلوب هو النمط المتعارف عليه. ف“حضارة المجتمع من حضارة الشعب“.
سوسن إبراهيم محمد
@SawsanIris3