كتاب أكاديميا

محمد بن خواش يكتب: فنجال قهوة سادة مع هيثم


  على وزارة التربية استحداث مادة دراسية جديدة تُدرَّس للطلاب في جميع المراحل الدراسية، بِدءاً من الصف الأول الابتدائي حتى نهاية المرحلة الثانوية، باسم (اللهجة الكويتية القديمة) حفاظاً عليها من الإندثار؛ هذا ما يطالب بههيثم“.!


  ذات يوم زارني في مكتبيهيثم، وهو شابٌ متوسط الطول، مكتنز الجسم، له عينان خضراوان، كثيف شعر الحاجبين، وبشرتة حمراء بعض الشيء، حاد الصوت، كنت قد تعرفت عليه في إحدى الدورات العلمية، تناولنا القهوة سويةً واستذكرنا أيام الدورة، وبينما نحن نتجاذب أطراف الحديث قاطعنا مراجع يسأل عن معاملته فأرشدته إلى المكتب المختص بها، وبعد أن خرج المراجع، استهجن هيثم لهجة المراجع، فدار بيننا هذا الجدال:


  قام هيثم بفرك شاربه، وقال من غير أن ينظر إلي: يجب أن ندرّس أبناءنا اللهجة الكويتية القديمة فقد أثّر عليها الدخلاء.


فنظرت إليه وسألته مبتسماً: وأي لهجة ستدرسّهم؟!


فرد عليّ هيثم بصوته الحاد بعد أن جحظت عيناه: أقول لك لهجتنا الكويتية القديمة!!


فقلت له بهدوء: أجبني ياهيثم، كيف تأسست الكويت؟ أليس مجتمع الكويت قديماً مكون من حاضرة وبادية؟ أليست الكويت بلد هجرات وتنوع ثقافات؟ أوليس حكام الكويت أصلاً قد أتوا مهاجرين إلى الكويت من نجد؟ أوليس أهل (السور) وماجاورهم خليط من عرب وفرس وغيرهم من الأعراق؟


  وأردفت قائلاً: اللهجه الكويتية منذ نشأتها وهي متنوعة بتنوع مكونات المجتمع، فأهل البادية لهم لهجاتهم المختلفة، فلهجات قبائل الجنوب تختلف عن لهجات قبائل الشمال، والحاضرة كذلك لهم لهجاتهم أيضاً المختلفة فأهل (جبله) و(شرق) و(المرقاب) تختلف لهجاتهم ومفرداتهم عن بعضهم البعض.

ثم عليك ياهيثم أن تتعلم شيءً عن علم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، فَعِلم الأنثروبولوجيا يقول أن ثقافة ولغة المجتمعات تتطور بمرور الزمن بسبب الاحتكاك بالمجتمعات المحيطة بها، فلو أنك قرأت كتاباً من العهد الأموي غالباً أنك لن تفهم الكثير من مفرداته وذلك لأن لغتنا الحاليّة قد تغيٌر الكثير من مفرداتها ولذلك وُضع شيء اسمه (معجم). وعليك أن تقبل حقيقة أن اللهجة مثل الكائن الحي تتعرض لتغيّرات مختلفة وأحيانا تندثر وتموت.


بعد أن ساد الصمت في المكتب قليلاً، رد عليّ هيثم والذهول والحيرة كانا باديان على وجهه: من أين أتيت بكل هذا الكلام؟!

لا! لا! لا! لن تندثر لهجتنا ولن تموت سنحييها بتدريسها لأبنائنا في المدارس

فأهل الكويت واحد ولهجتهم واحده ومعروفه.


هنا يأست منه، فقلت له: أسمع، حافظ على لهجتك وعلمها لأولادك وأفتخر بها، لكن عليك أن تعرف بأنك أنت ولهجتك وأهلها لاتعيشون وحدكم في هذا الوطن، فهنالك آخرون يعيشون معكم ويستهجنون لهجتكم مثلما تستهجنون لهجتهم، كما عليك أن تفهم أن كل من يحمل الجنسية الكويتية هو مواطن كويتي، بنص الدستور هو كويتي، وبحكم القانون عليك أن تحترم لهجة وثقافة كل مواطن كويتي يعيش تحت سماء الكويت وفوق أرضها.


يقول أمير الكويت الحادي عشر (الشيخ عبدالله السالم الصباح) رحمه الله

[لا فرق عندي بين مواطن ومواطن ، ولا بين كبير أو صغير الكل سواسية في الحقوق والواجبات ، أحبهم إلى الوطن أكثرهم نفعًا له ، وكلنا من هذا الوطن ، وكلنا له، نفديه ونخلص له ونذود عنه كيد الكائدين ، وطمع الطامعين].

إذا تنوعت الثقافات بالتبعيه تعددة اللهجات، وهذا شيء صحي لكل مجتمع



محمد بن خواش

‎‏Email: [email protected]

Twitter: @mrq8i11

 Instagram: mr_q8i111

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock