أ. د. فيصل الشريفي يكتب: مستقبل التعليم الجامعي في دولة الكويت (4)
مع أهمية إنشاء جامعات حكومية وأهلية غير ربحية فإن هناك بعض القضايا الجوهرية المتصلة بتحسين وضع التعليم الجامعي في دولة الكويت ومنها الاهتمام بالبحث العلمي واستقطاب الكفاءات الأكاديمية وتطوير واستحداث البرامج التعليمية وتوفير الخدمات الأكاديمية المساندة من فصول ومختبرات ومكتبات تتماشى مع احتياج الكليات والأقسام العلمية وفق الأسس التي تقوم عليها الجامعات المتقدمة على مستوى العالم.
للأسف هناك بعض الاختلالات التي تستوجب معالجة جذرية، خصوصا ما يتعلق بالبحوث العلمية التي، مع الكم الكبير لأعدادها المنشورة في مؤسسات التعليم الجامعي، لم تساهم في رفع درجات التصنيف العالمي لها، وذلك بسبب غياب عامل التأثير وعدد مرات الرجوع إليها كمصدر، وعدم الالتزام أيضا بالأصول العلمية بنسب الاقتباس، وكذلك النشر في مجلات غير رصينة، والتي يتجاوز عددها الآلاف.
بالرغم من أن معدل الترقي بين الأكاديميين في الجامعة والتطبيقي يوازي مثيله في الجامعات المرموقة فإن معظم البحوث المنشورة ظلت عدداً بلا قيمة فعلية علمية مضافة إلى مؤسسات التعليم، وعلى ضوء ذلك لا بد من إعادة النظر في لوائح الترقي بما يتماشى وجودة البحوث النوعية بدلاً من الكم.
تغيير هذا الواقع يتطلب رسم سياسات واضحة تحدد اتجاهات وأهداف البحث العلمي بربطها مع احتياجات المجتمع المحلي والعالمي، وعلى المسافة نفسها التوسع في توفير متطلبات البحث من مختبرات ومساعدين علميين، وكذلك الاستفادة من طلبة الدراسات العليا بفتح المزيد من برامج الدراسات العليا، والاستفادة من وجود هذا الكم من حاملي درجة الأستاذية والأساتذة المشاركين بالجامعة والتطبيقي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية من خلال إيجاد مذكرات تعاون فاعلة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هناك الكثير من الزملاء لهم إسهامات في هذا المجال من خلال تعاونهم مع أرقى الجامعات للإشراف على طلبة الماجستير والدكتوراه.
الحديث عن تطوير واستحداث البرامج التعليمية ذو شجون، فمن زاوية ترى تشبع سوق العمل بالكثير من المخرجات، ومن زاوية أخرى يقابله عزوف الطلبة عن الكثير ممن التخصصات الفنية، مما أدى إلى خلل في التركيبة السكانية، وذلك يعود إلى عدة أسباب، منها غياب التخطيط ومنظومة احتياجات الدولة “الوظيفية” من مخرجات التعليم الجامعي، كما هو حاصل في القطاعات الصحية والنفطية والصناعية وإلى سيطرة مجالس الإدارات على القرارات التنفيذية في مؤسسات التعليم، ولكي أقرب المثال عندما تطرح جامعة الكويت وكليات التطبيقي برامج البكالوريوس تجد الرفض، في حين يفتح المجال في الطرف الآخر للجامعات الخاصة كما حصل في البرامج الهندسية مع وجود شخص الوزير نفسه!
ملاحظة بالرغم من سعي الكثير من الأقسام العلمية نحو الحصول على اعتمادات لبرامجها التعليمية فإن هذا الموضوع بدا محل تندر بعد أن بدأت مؤسسات الاعتماد بالتخلي عن الشروط والضوابط التي تعمل بها في بلد المنشأ.
محور التعيينات والابتعاث يعاني هو الآخر ما يعانيه في السنوات الأخيرة من التدخلات السياسية التي رمت بظلالها وفتحت الطريق أمام خريجي الجامعات الضعيفة إلى الأقسام العلمية دون مراعاة لأبسط قواعد التعيين أو الابتعاث، وبعض تلك التعيينات جاء دون موافقة اللجان المختصة بالأقسام العلمية والكليات، بل إن بعضها خالف شروط الإعلان، مما ترتب عليه لجوء الكثيرين إلى ساحة القضاء لإنصافهم.
ودمتم سالمين.