قسم السلايدشوكتاب أكاديميا

الجداول الذكية لوزارة التربية| بقلم د. بدر حمد العازمي

أكاديميا |

في ظل متطلبات هذا العصر ، يتعين على وزارة التربية و المؤسسات التابعة لها مواكبة طبيعة العصر و التأقلم معه بحيث لا تسير الخطط عكس تيار المجتمع المحلي و الإقليمي و الدولي . انعكست ملامح طبيعة العصر على سلوك و تعامل الناس بالحياة بحيث أصبحت السرعة و الاختصار و البعد عن التفاصيل سمة من سمات العصر و المجتمع و طبيعة من طبائع الناس عموما و الطلاب الدارسين بشكل خاص . الامر الذي أصحبت فيه نظريات التعليم السابقة ضربا من ضروب التاريخ و لا يمكن بحال استخدامها و تطبيقها على طلاب هذا العصر بسماتهم الجديدة التي اتسم بها عصرهم .

و لعل من المفيد مناقشة الجداول الدراسية من حيث الكم و الكيف و العدد و النوع ، فبدلا من ارهاق الطلاب بكميات مهولة من الكتب و الصفحات و المواد الدراسية و الحفظ ، يمكننا و بشكل علمي نختصرها لتؤدي الى تحقيق الهدف ذاته أو ربما أبعد من ذلك .

بات من الضروري مناقشة الجدول الدراسي لطلابنا من حيث المدة الزمنية و ملئها بما يتناسب من مواد دراسية تشكل جدولا للطالب يلبي احتياجاته من جهة ، و يحقق هدف الوزارة من جهة أخرى . وقد فطنت العديد من الدول لطبيعة العصر و تعاملت من متطلباته حسب ظروفها المحلية و الإقليمية و أسست مناهج شاملة يستطيع المعلم من خلالها اختصار الوقت الذي كانت تستوعبه المناهج السابقة بذاته القدر من الجودة و المعلومات المطلوبة و ربما أفضل .

من هنا نطرح بصوت مسموع الدعوة الى تقنين المواد الدراسية خصوصا في المرحلتين الابتدائية و المتوسطة بحيث نقلل الساعات الدراسية لليوم الدراسي دون المساس بالأهداف التربوية المرسومة . و قد سمعنا قبل أيام بأن وزارة التربية القطرية دخلت في ركاب الدول التي اقتنعت بضرورة مسايرة طبيعة العصر و أصدرت قرارا جريئا يقضي بتقليص ساعات الدوام الرسمي الى أربع ساعات باليوم. وبالطبع سبقت دولة قطر دولا من قبل ، اعتمدت على طبيعة فهم المعاني لا حفظها و اتاحة الفرصة للطلاب بالبحث عن الحقيقة و اكتساب المعلومة الذاتية بإرشاد علمي من المعلم ، و النتيجة أن هذه الدول حققت إنجازات على مستويات عدة في الوصول الى أهدافها التربوية و تجنب ارهاق الطالب بحمل كميات كبيرة من الكتب و قضاء ساعات أطول في الحفظ غير المفيد ، الامر الذي زاد من النتائج الايجابية من جهة و اتاحة الفرصة لراحة الطلاب من العناء الذي عشناه سابقا و لا يزال الطلاب يعيشونه ما لم نسلك هذا الاتجاه .

تتخلص الفكرة في ثلاثة محاور ، ( الاول ) الإبقاء على المواد الأساسية ، ( الثاني ) دمج المواد ذات الصلة ( الثالث ) تقليص أو الغاء المواد التي لم تعد ذات أهمية .

لسنا بصدد الحكم على المواد ذات الاهمية والأخرى التي يجب أن تلغى أو تدمج مع قريباتها ، فهذا من اختصاص لجنة فنية تدرس الموضوع بشكل تربوي و علمي و تقترح تقسيم جديد للمواد حسب عدد ساعاتها بالجدول الدراسي ، و من هنا نستطيع وضع جدول دراسي ذكي يساهم في تحقيق متطلبات الأهداف التربوية المرجوة بحيث لا تزيد ساعات الجدول الدراسي اليومي عن خمس ساعات دراسية فقط.

في ظل عصر الثورة المعلوماتية و عصر السرعة لا يمكن لنا أن نجعل الطالب يدرس أكثر من خمس ساعات باليوم الدراسي الامر الذي يزيد في ارهاقه ذهنيا و بدنيا ، في حين أننا نستطيع عرض الأهداف من خلال المواد المقررة و التي تتناسب مع ساعات الجدول الدراسي بحيث تحقق أهدافها و تحبب الطالب في الدراسة دون ان تسبب له ارهاقا.

و قد ذكرت بعض الاحصائيات أن الطلاب في بريطانيا يقضون 635 ساعة في الصف كل سنة. و يقضي الطلاب في المدراس الأندونسية الإبتدائية عدد الساعات المدرسية الـ 1252 ساعة سنويًا. كما يقضي الطلاب في تشيلي 1232 ساعة في الصف سنويًا. ويقضي طلاب المدارسة الإبتدائية في الولايات المتحدة 1096 ساعة دراسية كل سنة.

وعند جمع الأرقام السنوية لكل دول العالم، يتضح أن متوسط الوقت الذي يقضيه طلاب المدارس الإبتدائية في الصف هو 779 ساعة كل سنة. ويقضي الطلاب في بعض الدول مثل ( أيسلندا وروسيا واتستونيا وتركيا والدنمارك وفنلندا وسلوفينيا ) مايقارب الـ 609 – 690 ساعة مدرسية سنويًا، ولكن تأتي بولندا في المؤخرة، حيث أن طلابها يقضون عدد 489 ساعات مدرسية سنويًا.

المصدر الأصلي للدراسة:

MAPPED: How many hours do children spend at school around the world?

إن الاعتماد على المواد ذات التفكير العقلي التي تسهم في إعمال العقل واشغال الذهب بدلا من الحفظ التقليدي الذي يميت الابداع و يضعف الطموح هو الحل لتطبيق مثل هذه السياسة التربوية ، فنستطيع بمعدل خمس ساعات دراسية أن نغرس في الطالب القيم المرغوب فيها بتوجيهات يساعد الطالب نفسه على المشاركة في اكتسابها بدلا من تقديمها له دون أن يبحث عنها .

فنحن بدولة الكويت نبدأ العام الدراسي منذ بداية سبتمبر و يستمر حتى منتصف مايو أو نهايته ، بمعدل سبع حصص دراسية في اليوم ، و هذا بلا شك يسبب ارهاقا فكريا و بدنيا للطالب و للمعلم و ولي الامر على حد سواء ، و لعل التفكير في جداول دراسية ذكية من شأنه أن يوفر الوقت و الجهد في تحقيق الأهداف التربوية المنشودة ، و منا إلى وزارة التربية .

بقلم/

د. بدر حمد العازمي
أستاذ مشارك – كلية التربية الأساسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock