د. أريج السنان تكتب: شهادات تحت الطلب
طال الحديث عن قضية الشهادات الجامعية التي صارت سلعة للمكاسب المالية والرفعة العلمية المزورة، والأشد منها حصول الباحث على شهادة حقيقية بتقديمه رسالة وبحث علمي يقوم به باحث آخر نيابة عنه مقابل مبلغ مالي؛ حيث توفرت مكاتب الخدمات الطلابية لتنفيذ الرسالة لطلاب الدراسات العليا؛ رسالة ماجستير أو دكتوراه من دون جهد من الباحث، وقد ظهرت في بعض البلاد بكل جراءة إعلانات المكاتب عن بيع الرسائل العلمية.هذه الظاهرة أساءت لسمعة المستوى العلمي والأخلاقي لأبناء بلدنا الذين يتجهون إلى هذه المكاتب التجارية لطباعة شهادة مزيفة أو شراء أطروحة جاهزة؛ وتجاوز الأمر إلى حصولهم على مناصب ومراكز لا يستحقونها، ودخلوا في تخصصات لا علم لهم بها، كالطبيب الذي زاد من الأمراض والضرر وتسبب في قتل أرواح البشر، أو الأستاذ الجامعي الذي أساء للعلم وكان سبباً في تدني مستوى الطلبة.برز هؤلاء في المجتمعات التي تعاني من الجهل؛ لأنها الأرضية المناسبة لمثل هؤلاء، فإن الفاشل لا يمكنه نشر معلوماته المزيفة إلا في مجتمع لا رقابة فيه ولا اهتمام فيه للعلم.وللأسف صار الناس لا يفرقون بين العالم الحقيقي ومدعي العلم الذي يخدعهم ليصل إلى نجاحات مزيفة؛ فيجب رفع مستوى الوعي ليتصدى المجتمع إلى تلك الظاهرة، ومواجهة هؤلاء ومطالبتهم بمصادر هذه المعلومات ومدى مصداقيتها، ومهما كان السبب في جريمتهم لا بد من الإجراءات القانونية التي تتضمن السجن والغرامة المالية، والمطالبة برد الأموال التي أخذوها بغير وجه حق.البعض منهم يرتكب هذه الجريمة للحصول على المنصب العالي وزيادة العائد المادي، وسبب آخر يتعلق بالشخص نفسه وهو حب الظهور والشهرة، فهي من أهم الأسباب وقد نغفل عنها، وفي ذلك يقول أطباء الأمراض النفسية إن انتحال صفة المعرفة ظاهرة نفسية تجتاح المجتمعات المعاصرة نتيجة مجموعة من الصراعات النفسية الداخلية ناجمة عن فقدان المرء لثقته في نفسه وضعف شخصيته، وأنه شخصية اعتمادية تعتمد على الغير في جميع المجالات، وهذا بالفعل قد رأيناه في فئات تشارك في الأجواء العلمية، وأصحاب مناصب عالية يغلب عليهم الغرور، وتلاحظ وبشدة تعارض أفكارهم مع أقوالهم وأفعالهم، وظهور التناقضات في تصرفاتهم…نهاية القول، هذه الجريمة يجب أن يكون لها حد لأنها أدت إلى مشاكل لا تعد ولا تحصى ولن يستقيم حالنا إلا بإبعادهم تماماً عن أي مجال دخلوا فيه حتى لا يزيد الفساد في البلد، ونسير على الشعار الذي نكتبه ونردده وهو وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب… وسيظل شعاراً جميلاً نكتبه ونرفعه وننظر إليه… وليتنا نحققه!د. أريج السنان [email protected] aaalsenan @