هل سمعت بأشخاص يتذوَّقون الموسيقى ويسمعون الألوان؟
تُدهشنا الطبيعة البشرية في كل مرة، ونكتشف بين الحين والآخر قدرات خارقة يتمتّع بها البعض، من هؤلاء أشخاص تمكنوا من ربط الحواس المختلفة بطريقة مُدهشة، فباتوا قادرين على تذوُّق أو شم الموسيقى، وسماع الألوان!
تشابك الحواس أو سنسثيا “synesthesia”، القدرة على تذوُّق الموسيقى وسماع الألوان!
عرَّف العلماء هذه الحالة المُدهشة باسم “سنسثيا “synesthesia”، وهي حالة عصبية تعني تنشيط أكثر من حاسة واحدة في نفس الوقت. وعلى الرغم من أنها حالة غريبة، لكنها موجودة وشائعة بين العديد من الناس، حتى أن العلماء قدّروا أن واحدًا من كل 200 شخص مُصابون بهذه الحالة العصبية، وغالبيتهم من النساء.
ويُمكن تبسيط مفهوم “سنسثيا” بأن الشخص يُصبح قادرًا على ربط حاستي السمع والتذوق معًا بنفس الوقت، كأن يسمع أغنيته المفضلة عند تناول وجبة معيّنة، أو يربط بين حاسة اللمس والبصر، كأن يربط مشاهدة الحرف A باللون الأخضر. البعض الآخر قادر على استشعار رائحة بعض الروائح مثل الأزهار أو العطور بمجرد لمسة اليد.
وعلى الرغم من أن حالة تشابك الحواس “سنسثيا” اكتشفها العلماء منذ القرن التاسع عشر، إلا أنها لم تُدرَّس في ذلك الوقت، وكان يُنظر لها قديمًا على أنها اضطراب نفسي أو سلوكي.
وبسبب قلة أعداد المصابين بها، لم تكن هناك دراسات واضحة عن حالة تشابك الحواس حتى وقتٍ طويل من القرن العشرين، أضف إلى ذلك أن عزوف الأشخاص المصابين بهذه الحالة عن الإدلاء بما يشعرون به خشية اتهامهم بالاضطراب العقلي، صعَّب من مهمة الدراسة.
ومن أجل اكتشاف حقيقة الأمر وما يعاني منه المصابون بتشابك الحواص “synesthesia”، قام العلماء بإجراء تجربة على عينة من المصابين، تم خلالها وضع لوحة تضم العدد 5 مكررًا، مع العدد 2 في نفس اللوحة وبنفس اللون. وطلبوا من المصابين استخراج العدد 2 من اللوحة بسرعة.
الصادم أن 90% من إجابات المصابين بتشابك الحواس كانت سريعة للغاية ذلك لأن كل رقم ارتبط بلون معيَّن لديهم، وظهر الرقم 5 بلون مختلف عن الرقم 2 واكتشفوه بسرعة باللوحة. هذا أثبت أن ما يراه المصابون بتشابك الحواس ليس وهمًا، إنما حقيقة له سبب عضوي وعلمي.
وما توصّل إليه العلماء، أن الأعصاب تتشابك في بعض النقاط بشكلٍ جزئي أو كلي وتبقى في حالة تشابك واتصال أشبه بتقاطع أسلاك الهاتف. نتيجةً لذلك فإن الرسائل القادمة من الحواس لا تسير في قنواتها المنفصلة في الدماغ كما يحصل للإنسان الطبيعي، وإنما تختلط في هذه القنوات وبذلك لا يستطيع الدماغ استيعاب خصائص الشيء كلًا على حدة. فيكون اللون ملازمًا لشكل معيّن، أو النظر ملازمًا لطعم معيّن، وهكذا.
ويعتقد العلماء أن السبب في تشكّل هذه الحالة يرتبط بعوامل وراثية، أو خلل جيني يتعرض له الجين المسؤول عن فصل الأعصاب، فتُصبح باتصالٍ دائم.
ولا يزال العلماء يُخضعون هذه الحالة العصبية الغريبة للدراسات لاكتشاف المزيد عنها وإزالة الغموض عن الكثير من جوانبها.
المصدر:
شبكة أبو نواف