كتاب أكاديميا

أ. اسيل المسعد تكتب: كيف تؤثر البيانات الضخمة على مستقبل الوظائف الجديدة؟

التقرير الأخير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في العام الماضي يشير الى مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي ستؤثر على سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وتؤدي لظهور وظائف جديدة. أحد هذه العوامل هي ثورة البيانات الضخمة التي هي جزء من الثورة الصناعية الرابعة. فالثورة الرابعة حسب تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي ستعمل على خلق مجموعة كبيرة من الوظائف الجديدة المرتبطة بتحليل البيانات، وعلوم الحاسوب والهندسة.

يشرح التقرير الحاجة القوية لمتخصصين يملكون مزيج من المهارات الرقمية والتقليدية، مثل الفنيين في التقنيات الرقمية ومحللي البيانات والمهندسين، الذين سيعملون على الجمع بين معرفة صناعتهم وخبرتهم مع الأدوات التحليلية. لكن ما هي البيانات الضخمة؟ وما أهميتها؟ ولماذا أصبحت حديث الساعة على مستوى عالمي؟

العالم الرقمي الذي نعيشه حاليا أنتج كميات هائلة من البيانات، هذه البيانات تتدفق من أجهزة استشعار وكاميرات وأنظمة آلية، بالإضافة إلى أنظمة الحوسبة السحابية والعوالم الافتراضية والحوارات عبر الشبكات الاجتماعية وغيرها. تتولد بيانات كثيرة من مصادر متعددة لتتجاوز حجمها في الثانية الواحدة عن 40 ألف جيجابايت ، ومن المتوقع خلال عام 2020 أن يصل حجم ما ينتج من بيانات في عام واحد إلى 44 زيتابايت (1 زيتابايت يساوي تقريبا 44 تريليون جيجابايت). هذه البيانات الضخمة تمثل حصيلة معرفية يمكن الاستفادة منها في تحقيق العديد من الفوائد والمكاسب لذلك أطلق عليها مصطلح “النفط الجديد”، وهي تشكل مصدر قوة بسبب المعلومات المستخرجة منهاعند معالجة البيانات.

 ولكن من المهم معرفة أن ليست كل البيانات مُهيكلة ولا يمكن وضعها في قواعد بيانات بسهولة، جزء صغير فقط عبارة عن بيانات مُهيكلة structured data ، أما الغالب عبارة عن بيانات عشوائية غير مُهيكلةunstructured data لا يمكن تنسيقها في جداول او استعراضها في البريد الإلكتروني أو عبر محادثات وسائل التواصل الاجتماعي وغيره. هذه التحديات التي تخلقها طبيعة البيانات الضخمة تستدعي التعامل مع تقنيات جديدة، تقنيات لجمع البيانات ودمجها، تقنيات التحليلات المتقدمة والتحليلات التنبئية. لذلك البيانات الضخمة ستخلق مهن ووظائف جديدة ذات العلاقة بعلم البيانات. علم البيانات هو علم يقوم باستخراج المعرفة من البيانات الضخمة وتحليلها، وهو يعتبر خليط من تخصصات مختلفة كدراسات المعلومات، وعلوم الحاسوب ونظم المعلومات، وعلوم الإحصاء والرياضيات، وعلوم النفس والاجتماع. لذا تعمل جهات عالمية الى تقديم برامج تعليمية متخصصة في علم البيانات لتواكب الطلب المتزايد في سوق العمل لهذه التخصصات.

ما يعنينا في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب هو استقراء التغيرات المستقبلية لحاجات سوق العمل للسنوات القادمة، والعمل على استحداث البرامج الدراسية التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل والتغيرات التكنولوجيـة. الهيئة لها مشروعها القائم في مجال التنمية البشرية والمجتمعية من ضمن الخطة الأنمائية للدولة والذي يعمل علىاستحداث وتطوير تخصصات جديدة في الهيئة بما يناسب وتوجيهات الدولة في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري. لذا هناك حاجة ملحة تستدعي العمل على إدراج علم البيانات ومجالاته المتنوعة من ضمن التخصصات الجديدة.

م. أسيل المسعد

عضو هيئة تدريب

المعهد العالي للخدمات الإدارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock