الوحدة قاتلة مثل التدخين أو الإدمان على الكحول .. فهل الديوانيات احدى تلك الحلول!
«الوحدة قاتلة مثل التدخين أو الإدمان على الكحول».. هذا هو ملخص ثلاث دراسات علمية نشرت مؤخرا. فقد خلصت دراسة أُجريت في جامعة هارفارد، بعد جمع بيانات على مدى 75 عاما، أن «الحياة السعيدة تُبنى على العلاقات الجيدة». فحين بدأ العلماء في تتبع صحة 268 طالبا في هارفارد في عام 1938 خلال الكساد العظيم، كانوا يأملون أن تكشف الدراسة عن مفاتيح الحياة الصحية والسعيدة. فالجينات الجيدة أمر عظيم ولكن المتعة أفضل.
بعد تتبع هؤلاء الرجال على مدى ما يقرب من 75 عاما كجزء من دراسة هارفارد، التي تعتبر واحدة من أطول الدراسات في العالم حول حياة الكبار، قام الباحثون بجمع قدر كبير من البيانات عن صحتهم البدنية والعقلية.
ولم يبق على قيد الحياة من مجموعة هارفارد الأصلية التي تم توظيفها كجزء من الدراسة، سوى تسعة عشر شخصاً فقط، وكلهم في منتصف التسعينات من اعمارهم. وكان من بين مجموعة المتطوعين للدراسة، الرئيس جون كنيدي ومحرر «واشنطن بوست» لفترة طويلة بن برادلي. (لم تكن النساء في الدراسة الأصلية لأن الكلية كانت لا تزال للذكور فقط).
الوحدة تقتل
أكدت الدراسة ان الناس الذين يعيشون في وحدة، يكونون في حالة توتر معظم الوقت. لقد تطور البشر ليصبحوا كائنات اجتماعية. «الوحدة تقتل، وأضرارها لا تقل عن التدخين أو الكحول».
يمكن للعلاقات الوثيقة أن تجعل الانسان سعيدا او شقياً، وفقا لروبرت فالدينجر، البروفيسور في علم النفس في جامعة هارفارد ومدير مركز «ما وراء الدراسة». فإذا كنت تريد أن تكون أكثر سعادة وصحة في العام المقبل، فما عليك سوى الاستثمار في علاقات وثيقة وإيجابية.
ولعل الاستنتاجات التي خلصت اليها الدراسة بسيطة «فأوضح رسالة نحصل عليها من هذه الدراسة التي استمرت لـ75 عاما هو، ان العلاقات الجيدة تبقينا أكثر سعادة وصحة». إذ يقول فالدينجر أستاذ الطب النفسي ومدير دراسة تنمية الكبار في جامعة هارفارد انه «إذا لم يكن لديك مجموعة كبيرة من الأصدقاء، أو لم يكن لديك شريك، لا تقلق. فالشخص بحاجة فقط إلى عدد قليل من العلاقات الوثيقة ليكون سعيدا». وتذهب الدراسة الى ان الناس الذين يشعرون بالوحدة هم أكثر عرضة لتدهور صحتهم في مرحلة مبكرة من العمر، ويموتون مبكراً.
ويرى فالدينجر ان «الناس الأكثر الذين يشعرون بالرضى عن علاقاتهم في سن الخمسين، يكونون أكثر صحة في سن الـ80».
أفضل من المال والشهرة
وكشفت الدراسة أن العلاقات الوثيقة، أكثر من المال أو الشهرة، هي ما يبقي الناس سعداء طوال حياتهم. هذه العلاقات تحمي الناس من الشعور بالسخط في الحياة، وتساعد على تأخير التدهور في الصحة العقلية والجسدية، وتعد مؤشرا على حياة طويلة وسعيدة، أفضل من الطبقة الاجتماعية، او نسبة الذكاء، أو حتى الجينات. وقد ثبتت صحة هذه النتيجة حقيقة بالنسبة للمشاركين في الدراسة من جامعة هارفارد ومن خارجها.
في كتاب بعنوان «الشيخوخة الميسرة» كتب فايلانت أن ستة عوامل تضمن الشيخوخة الصحية لرجال هارفارد، هي النشاط البدني، والامتناع عن تعاطي الكحول والتدخين، ووجود آليات ناضجة للتأقلم مع افراح الحياة واتراحها، والتمتع بوزن صحي وزواج مستقر. واوضح جورج فايلانت أنه «عندما بدأت الدراسة، لم يكن احد يلقي بالاً للعواطف أو العلاقات. ولكن مفتاح الشيخوخة الصحية هو العلاقات والعلاقات والعلاقات».
وفي دراسة ثانية نشرت في مجلة طب الأعصاب وجراحة المخ والأعصاب والطب النفسي من هولندا، خلص الباحثون إلى أن «الشعور بالوحدة»، وليس «أن يكون الانسان وحيداً»، يمكن اعتباره عامل خطر رئيسيا للإصابة بمرض الزهايمر. فكبار السن الذين يبلغون عن الشعور بالوحدة هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض وغيره من أشكال الخرف.
وفي دراسة ثالثة، أجرى باحثون من جامعة بريغهام يونغ دراسات متعددة حول الوحدة والعزلة. وأظهرت نتائج هذه الدراسات على مئات الآلاف من الناس أن العزلة الاجتماعية أدت إلى زيادة الوفيات المبكرة بنسبة 50 في المئة.
من منظور اجتماعي
إذن ماذا يمكننا أن نفعل ازاء كل هذا؟ يقترح مراسل شبكة سي ان ان والطبيب سانجاي غوبتا «أن يبدأ المجتمع في النظر إلى الشعور بالوحدة كمرض مزمن. وإذا كان الأمر كذلك، فسيكون المرضى بحاجة الى استراتيجيات طويلة الأجل لإدارة هذه المشكلة».
ويتمحور العلاج الموصى به حول إقامة علاقات اجتماعية. ويوصى بالنسبة لكبار السن بالانضمام إلى مركز محلي للكبار كوسيلة رائعة للانخراط في الأنشطة والاختلاط بالناس. وتلقي مكالمة هاتفية بسيطة مرة واحدة في اليوم من طفل يافع هو فرصة للتفاعل. وقد يكون من الأفضل لو تم الاتصال من خلال الفيديو الذي يتيح لك التحدث ورؤية أطفالك وأحفادك.
ومن منظور اجتماعي، فإن العائلات والأصدقاء الحكماء يسارعون في التواصل مع الناس الذين تبدو عليهم مشاعر الوحدة من خلال القيام بزيارات دورية لهم. لهذا السبب تعتبر الديوانية تقليدا اجتماعياً مهماً، وممارسة تقدم مساعدة كبيرة لكبار السن في المجتمع الكويتي.
القبس