أ. د. فيصل الشريفي يكتب: تطلعات «الهيئة» وفق معطيات الخطة الخمسية
خلال السنوات القليلة القادمة ستكون قدرة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب تتجاوز الـ85 ألف طالب وطالبة، فهل استعد القائمون عليها لمثل هذا العدد على مستوى توفير الكوادر التعليمية والتدريبية؟ وما البرامج التي ستنوي فتحها خلال هذه الخطة التشغيلية؟
بعد أن نشرت جريدة أكاديميا التقرير الخاص بإنجازات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب على ضوء معطيات الخطة الخمسية التشغيلية للدولة لسنوات “2015/ 2016- 2019/ 2020″ وصلني أكثر من استفسار مستحق عن مستقبل “الهيئة”، وقدرتها على النمو المهني والتعليمي، والسبل الكفيلة لضمان تمكينها من مواصلة رسالتها وخططها الآنية والمستقبلية، وكيف ستنعكس رؤيتها على رؤية الكويت 2035؟
هذا التقرير تشرفت في إعداده وتقديمه لإدارة “الهيئة” السابقة، حيث جمعت فيه ما هو موجود على أرض الواقع من برامج وخطط تشغيلية قائمة ومنفذة، وما هو في طور التنفيذ، وما هو منتظر إقراره وتنفيذه خلال ما تبقى من عمر الخطة الخمسية.
لقد أنشئت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بقانون رقم 63 لسنة 1982 تضمن 12 مادة وبظروف انتفت أو تحولت غاياتها وأهدافها عن متطلبات خطط التنمية والنهضة المرتقبة في البلاد؛ بعد ظهور رؤية الكويت 2035، مما يحتم الإسراع في إنجاز قانون يحاكي تلك الرؤية، ويستجيب إلى تطلعات أبنائنا الوظيفية.
عند الرجوع إلى قانون إنشاء الهيئة وإلى المادة (4) التي وضعت السياسات التنفيذية بيد مجلس إدارة الهيئة بشكل صعب فإن على الكليات على وجه الخصوص التحرك باتجاه استحداث أو تطوير برامجها التعليمية؛ رغم الإشارة الواضحة في الفقرة (10) من المادة (4) إلى “بحث احتياجات الوزارات والمؤسسات من العمالة الفنية الكويتية، وذلك عن طرق الاستطلاع والاتصال لدى الوزارات والمؤسسات المختلفة دون انتظار ورودها من هذه الجهات”.
الدور الكبير الذي قامت به الهيئة منذ إنشائها لم يعد بالأمر السهل، وذلك لعدة اعتبارات ساهمت في تأخرها، ومنها كثرة تداخل الاختصاصات بين قطاعي التعليم التطبيقي والتدريب؛ مما صعب من مهمة إدارتها وحدّ من قدرتها على مواكبة احتياجات سوق العمل، ومن طاقة الكليات والمعاهد في استيعاب مخرجات التعليم العام، ناهيك عن الضغوط السياسية التي هي الأخرى كانت محل إرباك تحول إلى ساحة تصفيات داخل أروقة “الهيئة”، وساهم في خلط الأوراق، وهو حديث له شجون لا أرغب في تناوله لأني مؤمن بأن من يقود مؤسسات التعليم عليه أن ينأى بها عن هذا الصراع، ولا ينصاع إلى الترضيات السياسية التي نالت من الهيئة العامة، وتسببت في فراغ إداري استمر أكثر من ثلاث سنوات أثر بشكل سلبي في قدرتها على صنع القرار.
هناك الكثير من الإنجازات التي يحق لأبناء الهيئة الفخر بها، وهي كثيرة، ومنها على سبيل المثال النقلة النوعية للمنشآت التي شملت كليات الهيئة ومعاهدها والمجمع الرياضي والمبنى الرئيسي لإدارة الهيئة، وحصول مجموعة من الأقسام العلمية على شهادات الجودة، وأيضاً التطور الملحوظ في ملف الخدمات الإلكترونية، لكن يظل الإنجاز الأهم هو في قدرة الهيئة على الاستمرار ومواكبة احتياجات الدولة وفق مرئيات خطط التنمية وبرامجها.
التحدي الحقيقي يكمن في إعادة هيبة “الهيئة” وتحريرها من القيود الأكاديمية والإدارية عبر تمكينها من اتخاذ قراراتها الخاصة بفتح أقسام وتخصصات جديدة تتماشى وخطط التنمية، ومد جسور التعاون وبناء الثقة مع القطاع الحكومي والخاص.
رغم حاجة الدولة للكثير من الأيدي العاملة فإن تكدس الطلبة في بعض التخصصات رغم وجود فائض لم يعد في مقدور سوق العمل استيعاب المزيد من هذا الكم من المخرجات، وذلك إما بسبب ضعف متخذ القرار وإما بسبب القيود التي يضعها مجلس إدارة “الهيئة”، وإما من خلال إجبار “الهيئة” على قبول من لم يتم قبوله بالمؤسسات المناظرة.
استقطاب الكفاءات الوطنية من أعضاء هيئتي التدريس والتدريب سواء من خلال التعيين أو الابتعاث يحتاج إلى مراجعة من خلال توظيفه بطريقة ترفع من مكانة “الهيئة” الأكاديمية والعلمية، وتعود بالنفع على كلياتها ومعاهدها، وتحقق قواعد العدل والمساواة.
خلال السنوات القليلة القادمة ستكون قدرة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب تتجاوز الـ85 ألف طالب وطالبة، فهل استعد القائمون عليها لمثل هذا العدد على مستوى توفير الكوادر التعليمية والتدريبية؟ وما البرامج التي ستنوي فتحها خلال هذه الخطة التشغيلية؟ وهنا السؤال نعود به إلى سادة عمداء ومديري الكليات والمعاهد وإلى مدير “التطبيقي” ونوابه.
ودمتم سالمين.