د. حامد الحمود يكتب: إصلاح التعليم وتطويره مهمتان أكبر من وزير (1-2)
بعد أن شكر وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي القيادة السياسية على الثقة التي منحته إياها لتولية الحقيبة الوزارية، كشف لـ القبس أن من أولوياته العمل على تطوير برامج التعليم، سواء العام أو العالي، مع تقييم الوضع الحالي. ولا شك أن الوزير قد اطلع مؤخراً على نتائج الطلبة الكويتيين في امتحانات البيرلز الدولية. فقد صرح مدير المركز الوطني لتطوير التعليم الدكتور صبيح المخيزيم، بحصول الكويت على المركز 47 من بين 50 دولة مشاركة في دراسة بيرلز الدولية 2016 للصف الرابع الابتدائي. وأضاف د.المخيزيم «ان هذه النتيجة تبين تدني مستوى تحصيل طلبتنا مقارنة مع غالبية الدول المشاركة، خصوصاً أن بيرلز تعتبر واحدة من أهم الدراسات عالمياً في قياس مستوى التحصيل للطلبة في مهارة القراءة حسب معايير عالمية معتمدة».
كما أن الدكتور حامد العازمي على اطلاع على نتائج الطلبة الكويتيين في امتحانات التيمز للعلوم والرياضيات. فمع الإمكانات المادية المتوافرة في البيوت والمدارس، فإن نتائج الطلبة الكويتيين كانت صادمة. فوجدنا أن الكويت كان ترتيبها 50 من 50 دولة مشاركة، وكان أداء متوسط الطالب الكويتي يعادل تقريبا نصف أداء متوسط الطالب في سنغافورة، بل إن الكويت تخلفت عن البحرين بحوالي مئة نقطة. ففي اختبار الرياضيات للصف الثامن كانت نتيجة الكويت 353 نقطة، بينما حصلت البحرين على 421 نقطة، أما الصف الرابع الابتدائي، فحصلت الكويت على 392 نقطة والبحرين على 454 نقطة. أما سنغافورة فحصلت على 620 نقطة. ولا أعتقد أن مدارس البحرين أفضل تجهيزاً. لكن لا بد أن يكون المنهج ومستوى المعلمين أفضل.
هذا كما أن الوزير يعرف مستوى جامعة الكويت بين الجامعات الأخرى. فهل يمكن للوزير الشاب ذي التعليم المميز أن يعلن للشعب الكويتي – للآباء والأمهات – الذين يعانون من منهج متخلف، ومستوى تعليم متواضع، أنه بعد خمس سنوات سوف نعمل على أن يتحسن أداء الطلبة الكويتيين ليصل إلى مستوى أعلى محدد؟! وهل يمكن أن يعلن الوزير أنه سيضع استراتيجية ليرتفع مستوى جامعة الكويت إلى مستوى أعلى محدد؟! هل من الممكن أن يخبرنا أنه لكي يتمكن من رفع مستوى التعليم في الكويت، فإنه يحتاج إلى صلاحيات محددة، وإن لم يُمنح هذه الصلاحيات، فإنه لن يتمكن من إصلاح وتطوير التعليم في الكويت؟!
اعتقد أن الوزير سيبذل جهودا في تحسين أداء الوزارتين: التعليم العالي والتربية، ولكن بقدر هامشي. فإصلاح التعليم مهمة أكبر من وزير مهما بلغ تميزه ومهما بلغ إخلاصه. فسينشغل الوزير مثلما ينشغل الوكيل والوكلاء المساعدون بملفات وتوقيعات واجتماعات مجلس الأمة ومجلس الوزراء. وسيبقى أطفال وشباب الكويت يتلقون تعليما في مبان حديثة لكنه تعليم بمستوى دول الصحراء الافريقية.. مع فارق أن مباني المدارس في الكويت أفضل من المباني في هذه الدول الفقيرة. هذا التقييم ليس من عند كاتب هذه السطور، وإنما من خبير دولي زار الكويت مؤخرا.
عملت مستشارا لوقت جزئي مع الوزير د. بدر العيسى، واكتشفت أن هناك قليلا من المتمكنين من أعمالهم في وزارة التربية. وأن معظمهم صامت وأولوياته المحافظة على وظيفته. وأن أقل ما يفكر به في الوزارة هو التفكير في تطوير التعليم، بل إن الوكيل المساعد المسؤول عن «التفكير» أو التخطيط لرفع مستوى التعليم هو نفسه المسؤول عن صيانة المباني. وأن التخطيط في الوزارة ما هو إلا حفظ إحصائيات ودراسات متراكمة قام بها خبراء ومكاتب استشارية لم تتم مناقشتها بالقدر الكافي. فالوكيل المساعد للتخطيط جل اهتمامه صيانة المباني، وموضوع التفكير والتخطيط في تطوير التعليم بتقديري يأخذ أقل من %10 من وقته. وأود أن أعطي مثالا على عدم المتابعة للأفكار الجديدة المتعلقة بتطوير التعليم.
لقد ابتعثت من قبل الوزارة لحضور مؤتمر علمي في كيوتو في اليابان في أكتوبر 2016، وأذكر أن الدكتور حامد العازمي قد وقع خطاباً للسفارة اليابانية لإعلامها بحضوري هذا المؤتمر ممثلا لوزارة التعليم العالي. وإضافة إلى حضور المؤتمر، أعدت لي السفارة اليابانية برنامجا كان من ضمنه زيارة معهد طوكيو للتكنولوجيا وجامعة طوكيو. وفي معهد طوكيو للتكنولوجيا، قدم لي مجموعة من القائمين على الإدارة استراتيجية المعهد لتطوير مستواه. وشرحوا لي أن مستوى المعهد في عام 2016 كان 23 عالميا في التدريس والبحث العلمي، هذا باعتبار أن معهد ماسنتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن صاحب المرتبة الأولى. وأن استراتيجيتهم هي نقل معهد طوكيو من ترتيب 23 إلى الترتيب العاشر عالميا.
وللحديث بقية..