الجسد المنخور بالأوجاع | بقلم: محمد بتش (مسعود) الجزائر
- مهداة إلى إبني عبد الرحيم
جسدٌ نخرته الأوجاع المنهكة, تقاسيم توحي ببؤس ظاهر ينبىء عن فؤاد
منهك, الأسمال العتيقة المهترئة, العصا الخشبية المعوجة تآكلت جرّاء أحزان
مبعثرة, كان ممسكا بها بقبضة هينة غادرتها القوة, جارّا قدميه النحيلتين
بإنكسار بادٍ.
خطوات قليلة تفصله عن مكانه المعهود, حين وصل ألقى بجسده على الأرض, مدّ
يده منتظرا بعض الدنانير وبعض الفتات أيضا, تمر الساعات ولا تزال تلك اليد
الممدودة جوفاء, تساءل بحيرة غيرمعهودة عن سبب هذا, ترى أكفّ الناس عن
فعل الخيرأم ما دهاهم؟
شعاع الشمس اللافح إعتاد حرّه,لم يعد مؤلما بالمرة,فحريق البؤس أنساه
بعضا من أحاسيسه,هذه المرة يده أحست بالوهن الشديد يعصف بثباتها,سيمد يده
الأخرى , لقد حان دورها,ستنظر حظها,ربما يأتيها ما تريد إشفاقا عليها.
صغير كان يلعب,يجري يمينا ويسارا,البراءة تحرّك عضلاته,إنّه لايعرف البؤس
ولا الحرمان, فهو لم يذقهما,دنانير عديدة كانت في جيبه, آهٍ…لو يراها
ذاك المادّ يده,سينبهر, سيظن أنه وجد كنز علي بابا. عينا الطفل تلحظان
الرجل,توقف عن الجري بعض الشيء,أدخل يده إلى جيبه,حدث رنين ما,عينا الرجل
تجحظان,حدسه عرف هوية الرنين,دقات قلبه زادت قليلا,محظوظة يده
هذه…ربما.الولد يُخرج دينارا, بلطف كبير يدفعه للرجُل,أحس الرجل وكأن
يده نادت بأعلى صوت لها معلنة نصرها. هذه المرة تساءل عن قلّة الدنانير,
تذكّر الأيام الخالية,دنانير عديدة يحصل عليها في اليوم الواحد..هذا
اليوم…دينار واحد.
الشمس قلّت حرارتها بعض الشيء, لم تبق إلا ساعة ويعلن الليل عن
قدومه.إيه…سيعود الآن إلى بيته وليس معه سوى ذلك الدينار ماسكا أياه .
عندما كان عائدا كان يفكر,دينار واحد لايكفي إنه لا يكفي لشراء حبة
حلوى,ربما سأرمي به لأي طفل صغير.كان يمشي عابرا الطريق العام,الظروف
أنسته الإنتباه إلى خلوالطريق, من يده النحيفة تطايرت العصا,يرتطم الجسد
المنخور بالأوجاع مغمورا ببقع الدم,تطاير الدينار أيضا,الصدمة كانت قاتلة
هكذا قال الطبيب.حدس الرجل كان صادقا, الدينار لايكفي,ربما لايصلح لشراء
أي شيء…سيجده على الطريق أي طفل صغير…….ربما