مَن يتحدثون لغة ثانية يأخذون قرارات أكثر عقلانية.. لا تظن أن مزدوج اللغة يتحدثهما معا بطلاقة
بإمكان الجميع أن يتحدث لغة أجنبية بشكل جيد في 4 أسابيع، بحسب ليو أندرس (64 سنة)، الذي عمل لمدة 15 سنة كاملة على إنشاء برنامج خاص لدراسة اللغات عبر الإنترنت. طريقة ليو أندرس هي دراسة اللغة الجديدة يومياً لمدة 30 دقيقة فقط في اليوم، وتبيَّن أن الطريقة فعالة جداً. كما أن اتباع هذا الأسلوب يسمح بتعلم لغتين أو أكثر بسهولة، وفقًا لتقرير لصحيفة Fatti Quotidiani الإيطالية.
لكن من السذاجة الاعتقاد أن الشخص مزدوج اللغة هو الذي يتحدث لغتين بطلاقة، بالإضافة إلى اللغة الأم. إن هذا النوع من التوازن في التحدث بطلاقة يحدث نادراً.
في غالبية الحالات تكون هناك لغة مُهيمنة، وهي اللغة الأم، ولغة أخرى يتحدث بها الشخص، ويحتاج إلى مجهود لذلك. هذا نوع من ازدواج اللغة تحدث عنه عالم النفس الإسباني، ألبرت كوستا وزملاؤه في المقال البحثي الذي نُشر مؤخراً في مجلة الاتجاهات النفسية الجارية Current Directions.
عمل كوستا وزملاؤه في برشلونة، وهي إحدى البقاع التي يتحدث العديد من سكانها اللغة الإسبانية والكتالونية، وكان هدف الفريق البحثي اكتشاف ما إذا كان تحدث لغة أخرى يؤثر على قدرات البشر فيما يتعلق باتخاذ القرارات. فقد يكون تحدُّث لغة ثانية أمراً مجهداً للغاية، لذلك فهو يُضعف من عملية اتخاذ القرار، لكن هذا عكس ما اكتشفوه، بحسب موقع Psychology today.
لسنا بصدد الحديث عن كيفية تأثير لغة معينة على عملية التفكير. فلقد اعتاد علماء النفس على الإيمان بأن التفكير ليس شيئاً أكثر من الحديث داخل النفس، بدلاً من خارجها.
ومنذ أن انتشرت كل لغة في العالم بطريقة مختلفة وهم يتعللون بأن اللغة التي تتحدث بها تقييد طريقة تفكيرك، وهذه الفكرة تُعرف بالحتمية اللغوية، وهذا ما كُشف زيفه.
فريق البحث حاول معرفة كيف يتخذ البشر قراراتهم عندما يستخدمون لغة ثانية، بصرف النظر عن نوع هذه اللغة. هل زيادة مجهود الإنسان من خلال لغة أخرى يؤثر على قدرة الشخص في اتخاذ القرار؟
الإجابة عن هذا السؤال هي نعم، لكن بطرق غير متوقعة.
ترى العديد من الأبحاث أن البشر يقيمون الخسائر بشكل أعظم من المكاسب، في عملية تعرف باسم النفور من المخاطر.
لكن حسابياً فإن هذا رهان جيد، لأن النتيجة المتوقعة من عملية المقامرة هي 1:25 دولار، عكس الربح المؤكد وهو 1 دولار. ومن الواضح أن النفور من المخاطرة هو الحدس الفطري الذي يحكم عملية اتخاذ القرار.
لدى المتحدثين بلغة ثانية يتلاشى النفور من المخاطرة، ويمكنهم خوض الرهان، حسب التجربة. فاتضح أنه حينما يستخدم البشر لغتهم الثانية فإنهم لا يعتمدون على حدسهم في تقييم الأمور، لكنهم يفكرون بعقلانية بدلاً عن ذلك، فهم على الأقل من وجهة نظر عقلانية يتخذون قرارات أفضل عندما يتحدثون بغير لغتهم الأم.
إن التفكير الأخلاقي هو المنطقة التي يهيمن عليها الحدس والعاطفة ليُساهما في اتخاذ القرار.
حينما يستخدم الآخرون لغة أخرى فإن تفكيرهم ينتقل من الحدس إلى العقلانية، ويتضح من خلال البحث أن هناك تحولاً من الاعتماد على الحدس في تقدير الأمور إلى التفكير العقلاني عند استخدام لغة أخرى.
وأظهرت بحوث تصوير المخ أن مناطق المخ الموجودة في القشرة يُنشطها كل من استخدم لغة ثانية، كما ينشط عملها التفكير العقلاني.
ويبدو أنه كلما فعّل أحد المتحدثين بلغة ثانية مركز تثبيط الدماغ فإنه يثبط بذلك عمل الحدس والعواطف لديه، ونتيجة لذلك يتخذ هؤلاء الأشخاص قرارات أكثر عقلانية عندما يستخدمون لغتهم الثانية
المصدر:
هاف بوست