الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح تكتب :”قائدة عظيمة وملهمة بلا حدود”
“قائدة عظيمة وملهمة بلا حدود” …. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
يبدأ ذوبان الثلوج مع دخول دفء الربيع حيث إشراقة الشمس وتفتح الأزهار وحيوية أوراق الأشجار وهكذا هى المرأة عامة والأم خاصة فهى ربيع الحياة، واحتفال العالم بيوم المرأة ويوم الأم فى مطلع الربيع يعطى دلالة قوية على أن المرأة هى ربيع الحياة والأم هى مظاهر جماليات هذا الربيع الإنسانى ، إن دفء مشاعر الأمومة هو من يذيب ثلوج المشاعر الإنسانية المتجمدة فى المجتمع ويعطى للحياة معنى وقيمة ، ولما لا وهى من اختارها الله مستودع سره الإلهى حيث يتخلق بداخلها المخلوق الأكرم على الله ومنها يتغذى وينبت جسده ومنها يستقى معانى الرحمة والإنسانية والعطف ،
لقد عظَّم اللهُ ورسولُه الأم فى القرآن الكريم والحديث النبوى الشريف وجُعِلت الجنة تحت أقدامها تقديرا وتكريما لدورها العظيم فى خلافة الله على الأرض ، أما على المستوى الإنسانى فإن التاريخ يروى لنا قيمة وقدر الأم فى كل الحضارات القديمة والمعاصرة حتى أنها فى كل الحضارات كانت رمزا للخصوبة والنماء وسر الحياة ،
وفى وطننا العزيز الكويت شهدت أرضه الطيبة دورا عظيما ومساهمة جليلة للمرأة الكويتية والتى كانت بحق أماً عظيمة أنجبت أجيالا وراء أجيال حفظوا لوطننا العظيم مكانته بين الأمم وشاركت فى صنع هذا التاريخ المشرف ليس فقط فى التنشئة و الرعاية ولكن فى اختراق آفاق الريادة والقيادة فى شتى المجالات على الرغم من معوقات العادات والتقاليد البالية ولكن بالإصرار والعزيمة وحس المسؤولية انتصرت على دعاة الجمود والتقليد ، وهذا واقع لا ينكره أحد ولولا ضيق المقال لذكرنا الجميع وكتبنا أسمائهم بأحرف من ذهب ولكن على سبيل المثال وليس الحصر نذكر بالخير فى مجال العمل المجتمعى الإنسانى المناضلة الشجاعة موضى العبدالله البسام بنت الأكرمين إحدى أبطال معركة الصريف وهى المعركة التى تحل ذكراها فى هذه الأيام والتى كان للسيدة العظيمة الشجاعة موضى البسام دور عظيم فى إيواء جيش إمارة الكويت وتسهيل عودتهم لأرض الوطن بعد تطبيبهم وإطعامهم ودعمهم بما تملك من سلاح ومؤن وهى شخصية ملحمية ضربت أروع الأمثال فى التضحية والفداء لخدمة الفقراء والمحتاجين والمرضى ،
وفى نفس المجال المجتمعى الإنسانى لا ننسى ذكر سمو الشيخة سلوى صباح الأحمد رحمها الله وطيب الله ثراها وهى رائدة العمل الخيرى والملقبة بأم اليتامى والتى ظلت لآخر أيام حياتها السعيدة تحب العمل فى صمت بعيدا عن المناصب ، وفى المجال الثقافى يبرز دور سمو الشيخة حصة صباح السالم رئيس دار الآثار الإسلامية والعضو فى عشرات المجالس والهيئات الثقافية الدولية المعنية بالتراث الإنسانى وهى إحدى العلامات البارزة ليس على المستوى المحلى والإقليمى فقط ولكن على المستوى الدولى لجهودها الجبارة فى حفظ التراث الحضارى العالمى،
وفى المجال الثقافى أيضا لا ننسى إحدى مبدعات هذا الوطن فى الشعر والأدب والنقد العربى سمو الشيخة د. سعاد الصباح والتى أسست “دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع” والعديد من الجوائز التى يتم منحها للمبدعين فى مجال الشعر والأدب وقد تم تكريمها فى العديد من الدول ولكن يبقى دورها الأهم مشاركتها فى اللجنة العليا لتحرير الكويت حيث قامت بجولات مكوكية عربيا وعالميا لحشد العالم ضد الإعتداء المجرم على بلادها واستأجرت محطة إذاعية فى لندن لفضح المحتل ودعم تحرر الكويت من دنس الاحتلال الغاشم ، وعلى المستوى الإنسانى فإن “أم مبارك” كما تحب أن يلقبها الجميع واصلة للرحم جابرة للعضم حفظها الله للكويت وجزاها الله عنا خير الجزاء ،
وفى الإقتصاد وإدارة الأعمال يبرز دور السيدة سعاد الحميضى أول سيدة أعمال كويتية وإحدى العلامات المضيئة لعزيمة وإرادة وإبداع المرأة الكويتية، وفى عالم السياسة لا ننسى د. معصومة المبارك أول وزيرة فى تاريخ الحكومة الكويتية حيث تقلدت أكثر من منصب وزارى من عام ٢٠٠٥ حيث شغلت منصب وزير التخطيط ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية ثم وزارة المواصلات ثم وزارة الصحة وهى أول إمرأة تنتخب كنائب فى مجلس الأمة ٢٠٠٩ بعد حصولها على المركز الأول فى الدائرة الأولى ، أما عن دور المرأة الكويتية فى مواجهة الغزو الصدامى المجرم فلا ننسى دور المناضلة العظيمة سناء الفودرى أول شهداء الغزو والتى دفعت حياتها ثمنا لرفعة وطنها بعد أن قادت الجموع فى مظاهرات للتنديد بالغزو الغاشم ،والشئ بالشئ يذكر فإن دور المرأة الكويتية فى مواجهة الاحتلال الغاشم لم يقتصر على الشهيدة سناء الفودرى ولكن معنا من يعيش بيننا الحين من هؤلاء المناضلات د. هند حمد البحر والتى تحدثت فى احتفالية نظمتها القيادة المركزية للجيش الأمريكى فى الشرق الأوسط للإحتفاء بأبطال الكويت فى الذكرى الثلاثين لعاصفة الصحراء وتحرير الكويت عن دورها وزميلاتها فى جامعة الكويت فى تأسيس جبهة دفاع مدنية تقوم بتوزيع منشورات فى كل مكان داخل الكويت لتوحيد الصف والعمل المنظم لمواجهة هذا الإحتلال الدنئ حتى تحقق النصر وتحررت الأرض الطيبة من دنس هذا الاحتلال ،
وقد قام الكولونيل جون هيرمان بالنيابة عن تيرى فيريل القائد العام للقيادة المركزية للجيش الأمريكى بتكريم المناضلة د. هند حمد البحر وعدد من ضيوف الحفل تقديرا لجهودهم البطولية فى معركة التحرير ودعما للروابط والعلاقات المتينة التى تجمع الشعبين الكويتى والأمريكى ولتكون رسالة مفادها أن قيادات الدولتين لا تنسى دور الأبطال الملهمين مهما طال الزمن ،
و الحقيقة أن ما ذكرناه عن دور المرأة الكويتية والأم العظيمة المتمثل فى هؤلاء الرائدات المبدعات هو غيض من فيض الدور الإنسانى المجتمعى والعلمى الأكاديمي للأم الكويتية التى أنجبت أبطال وعظماء وكانت الملهمة لحركة الحياة فى وطننا العزيز ، لذلك أردنا أن نحتفل بطريقتنا الخاصة بيوم المرأة ويوم الأم من خلال تسليط الضوء على القيمة الحقيقة والدور العظيم للمرأة الكويتية والأم العظيمة والتى لا تأتى على هوى دعاة الجمود ومنكرى الفضائل ، فالواقع الذى نعيشه أصدق وأبلج من محاولات الانتقاص والتى بلا ريب لا تخدم تقدم وطننا العظيم ، كل عام والإنسانية جمعاء بخير وسلام ما دمنا نحفظ للمرأة عامة والأم خاصة مكانتها وقدسيتها فى المجتمع الإنسانى ، وكل عام وكل إمرأة كويتية وأم عظيمة فى حضور ويقظة وإبداع وريادة وخير وسلام .
•