قسم السلايدشوكتاب أكاديميا

المحامي علي البناي يكتب مشاكل الديمقراطية بمناسبة قرب الانتخابات

أولا : مشكلة الاخذ بفكرة الاغلبية :-

ان القوانين في الكويت يتم وضعها من خلال اتفاق الاغلبية من اعضاء مجلس الامة ، ولكن هذه تعتبر مشكلة كبيرة ، فما هو  الدليل على انه دائما ما يكون راي الاغلبية هو  الراي الصحيح ؟

حيث ان صدور القرارات او القوانين من الاغلبية لا يعني دائما ان هذا القانون هو القانون الصحيح ، حيث ان الاغلبية قد تتتفق على قانون او قرار خاطيء ، فماذا سوف نقول لو اتفق الاغلبية على صدور قانون خاطيء ؟

 وهذا قد يحصل فعلا ، بل هذا ما يحصل غالبا  ، واذا راجعنا التاريخ سنرى ان فكرة الاغلبية لا تضمن لنا ان يكون قرار الاغلبية دائما هو القرار الصحيح ،  فكانت الاغلبية في روما قديما موافقة  على اعدام العبيد وعمل المعارك وسفك الدماء حتى يستمتع الاغلبية من الجماهير ، وكذلك كانت الاغلبية في عهد النبي لوط  متفقون على اباحة اللواط والسحاق ، فهل كانت قرارات تلك الاغلبية  صحيحة؟

 وكذلك في الكويت اتفق الاغلبية على اصدار الكثير من القوانين الخاطئة وتم الطعن عليها والغاءها ، فهل ما زلنا ضامنين بان الاغلبية دائما ستتفق على اصدار القرار الامثل ؟

ناهيك اصلا على ان الاغلبية في مجلس الامة الذين يضعون القانون هم اشخاص غير متخصصين في القانون ، فكيف يمكن ان يتفقوا اغلبية  اشخاص غير قانونين على وضع قوانين ؟! ، فهل من المنطق ان يتفق مجموعة مهندسين على اجراء عملية زراعة للقلب ؟!

بالطبع لا ، وبالتالي فإن المبدأ العقلي يقول بانه (ليس دائما ما تتفق الاغلبية على القرار الصحيح ).

وان كنا نريد ان نعارض المنطق وان نستمر في هذا النظام والاخذ بفكرة الاغلبية ، اذا ليس من حقنا ان نعترض على  صدور قانون خاطيء ، لاننا وافقنا منذ البداية بأن القوانين تصدر من الاغلبية سواء كانت صحيحة ام خاطئة .

وبالتالي فإن صدور قوانين بتلك الطريقة سيزيد من احتمالية صدور قوانين خاطئة او تعطيل عملية التشريع لصعوبة تحقق الاغلبية العاقلة، وذلك سيؤثر حتما على الحقوق والحريات وعلى الدولة باكملها ، حيث ان الدولة باكلمها تم تنظيمها بالقوانين ، فكيف نقبل بأن تصدر تلك القوانين  من قبل اغلبية اشخاص غير متخصصين ؟!.

ثانيا : تأثير الاخذ بفكرة الاغلبية على سرعة وضع  القوانين في الكويت :-

ان للمجلس دور مهم في الكويت وهو وضع القوانين ، ولكن يواجه هذا المجلس مشكله اخرى وهي البطء في التشريع  ، حيث انه يصعب اتفاق الاغلبية على قانون محدد ، فغالبا ما نرى الخلافات القبلية والشخصية والطائفية تبطء من عملية وضع القوانين ، ويقع الشعب  ضحية لهذا النظام .

فإننا نرى بأن المرشح بعدما يقوم بترشيح نفسه يقوم باعطاء الوعود الاصلاحية ، وانه سيقوم باصدار قوانين كثيرة ويقوم بوضع الحلول لعدة قضايا ، ولكن السؤال الموجه هنا :

أولا هل هذا المرشح مختص ومؤهل لوضع الحلول؟

ثانيا  على فرض ان هذا المرشح مؤهل ومختص ، هل باستطاعته فعلا وضع الحلول لوحده في مجلس توضع الحلول فيه بالاغلبية فقط ؟

ثالثا هل سيحصل  هذا المرشح دائما على قبول من الاغلبية للحلول الذي سيضعها ؟

بالطبع لا ، وهذا ما نراه في مجلس الامة ، اذ اننا نقوم بانتخاب شخص معين ليخدم مصالحنا ولكن عندما يدخل المجلس يتفاجأ هذا الشخص بأن الجميع يريدون ان يضعون القوانين التي يرونها صحيحة وتخدم مصالحهم ، وهنا تبدأ الخلافات وترتفع الاصوات ، ويطول النقاش وتتوتر الاجواء .

ولا نرى الا نادرا ما يتفق المجلس على قانون واحد ، وذلك بسبب النظام الديمقراطي القائم على فكرة الاغلبية التي يصعب تحققها  ، هو ما يسبب بطء واضح في عملية التشريع نقع ضحيتها نحن .

ثالثا : مشكلة اختيار نواب غير مؤهلين  :-

للاسف فهذا واقع نعيشه  شئنا ام ابينا في كل انتخابات تمر علينا ، اغلب الناخبين يختارون نوابهم بطريقة خاطئة  ، فمنهم من يختار شخص ما فقط لكونه من نفس القبيلة ، ومنهم من يختار شخص  لكونه من نفس الطائفة ، ومنهم من يختار الشخص الذي يقوم بخدمة مصالحه الخاصة ، ومنهم من يختار شخص بسبب شهرته او طريقة خطابته ، وهكذا تكون اغلب الاختيارات .

والاقلية فقط هم من يقومون باختيار الاشخاص الامثل للدخول الى المجلس ، ولكن ما الفائدة ؟

اذ ان غالبية النواب تم اختيارهم بسبب طائفة او قبيلة او مصلحة او خدعة !

فكيف يمكن لتلك الاقلية ان تطور  الدولة وتطور قوانينها اذا كان غالبية من يضعون القانون هم اشخاص غير مؤهلين تم اختيارهم بطريقة خاطئة ؟

رابعا : كثرت خيبات الامل في هذا النظام :-

للاسف لقد كثرت خيبات الامل عند الشعب ، حتى انعدمت ثقة غالبية الشعب بدور مجلس الامة ، وكذلك لم نعد نثق بالخدمات الحكومية ، فاصبح غالبيتنا يفضل الذهاب الى المستشفيات  الخاصة والمدراس والجامعات الخاصة ، والقطاع الخاص بشكل عام .

وقد تلاحظ انك مجرد ما تجلس في دوانية او في اي جلسة في الكويت ويتم الحديث فيها حول النظام في الكويت فترى الجميع مستاء وترى العبوس واضحا في الوجوه  ، فالبعض قد اصابه الاحباط الشديد من مستوى القطاع الحكومي ، وذلك بسبب ان اغلبنا يشهد برؤيته لمستشفيات متدنية ووزاراة تكثر فيها الواسطات ، ومن تعليم حكومي سيء ، فترى البعض اصبح غير راض نهائيا   عن تدني مستويات القطاع الحكومي من جانب .

ومن جانب اخر ترى غالبية الناخبين قد خابت امالهم بسبب دور منتخبينهم الضعيف داخل مجلس الامة ، فترى الناخب اصبح مستاءا ولا يعجبه اداء النواب في المجالس ، فيشتكي بعدم قيام النواب بدورهم الرقابي والتشريعي ، ويشتكي بكثرة المناقشات العقيمة داخل المجلس التي لا تؤدي الا الى الطرق المسدودة .

ومن جانب اخر قد ترى ايضا حتى  النواب نفسهم  مستاءون من اداء المجلس نفسه وبعدم تجاوب الحكومة لهم ، وكذلك الحكومة ترى نفس الامر السلبي .

فالجميع اصبح مستاءا من هذا النظام ، الشعب مستاءا من جانب ، والنواب من جانب ، وكذلك الحكومة من جانب ، فالجميع يشتكي ويرفض هذا النظام ، وهذا كله بسبب النظام الديمقراطي الذي يقوم على فكرة الاغلبية بغض النظر عن كفائة تلك الاغلبية  .

والصادم في هذا الامر  انه  عندما تسأل اي شخص من هؤلاء الاشخاص المستائين هل تريد ان نستمر بتطبيق الديمقراطية وبفكرة الاغلبية ، فيجبيك بنعم !

وهذا هو الغريب في مجتمعنا ، وصدق فعلا الكاتب عندما قال ( ان هناك شيء غير مألوف يرتبط في الديمقراطية ، بأن الكل يأمل في تحقيقها بشكل فعال ، الا ان لا احد يؤمن فيها )

خامسا : زيادة الفساد في الدولة بسبب هذا النظام  :-ازدادت مؤشرات الفساد في الدولة وكثر الناهبون وسراق المال العام ، فلقد اصبحت الكويت الدولة ٨٥ عالميا و ٩ عربيا في مؤشرات الفساد ، وهذا ابدا ليس بالامر الهين .

 ويرجع سبب ذلك الى الفكرة التي تكلمنا عنها في السابق ، وهي انتخاب ناس غير مؤهلين لتشريع القوانين ومراقبة الحكومة ، فلا شك ان ذلك سيسبب  انتشارا للفساد ، فكيف يقوم  شخصا غير مؤهلا بمراقبة عمل الحكومة وبوضع قوانين واعتماد الميزانية العامة للدولة ؟ ، ومن هذا المنطلق نحن نقول بان طريقة الانتخابات هي طريقة غير صحيحة ولا يمكن ان تخفف نسبة الفساد بالدولة ، بل بالعكس قد تزداد نسبة الفساد بالدولة ، وها قد وصلت الكويت الدولة ٩ عربيا بمؤشرات الفساد ، وها نحن ذا نرى لاول مرة احكاما تاريخية بحبس وزراء سابقين ، وها نحن ذا نرى بان قضايا المال العام والفساد اصبحت تزداد شيئا بعد شيء .

وذلك كله يرجع الى النظام الديمقراطي في الكويت الذي يقوم على فكرة الاغلبية ، حيث اصبح النواب يتسارعون الى الحصول على كرسي في مجلس الامة ، فمنهم من يختبيء تحت عباءة الدين ، ومنهم من يستغل عاطفة الناس ، ومنهم من يستخدم امواله  ، ومنهم من يستخدم قبيلته ، وكل ذلك فقط للوصول الى مجلس الامة .

ولكن ما هكذا تدار الامور ، فلا يمكن مراقبة الحكومة من قبل اشخاص يستغلون الدين ، ولا يمكن وضع القوانين من قبل اشخاص لا يملكون الا المال فقط  ، ولا يصح ان توضع القوانين بالاغلبية الطائفية او القبلية .

لذلك يجب ان لا نتفاجأ بازدياد مؤشرات الفساد في الدولة وعدم تطورها وعدم صدور قوانين كثيرة وصحيحة طالما اننا نعتمد على نظام يقوم على فكرة الاغلبية .

وأخيرا وليس اخرا نحن اليوم بأمس الحاجة لوضع حل جذري لجميع تلك المشاكل ، ونحتاج الى تجديد الديمقراطي في الكويت ، فلقد ان الأوان للإصلاح وللتطور ، ولمحاربة الفساد ولتنمية الدولة ، لذلك فيجب ان يكون هنالك حل سليم يتماشى مع العقل السليم للحفاظ على الدولة وللعيش بحياة هنيئة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock