هوس اقتناء الماركات للتفاخر وفقدان القيمة الجوهرية للذات

هوس اقتناء الماركات للتفاخر وفقدان القيمة الجوهرية للذات
وكيف تحمي نفسك من العدوى من هذا الوباء الاستعراضي؟
في عالمٍ تتزايد فيه سرعة الحياة وتتصاعد فيه ضغوطات التوقعات المجتمعية، أصبح اقتناء الماركات العالمية هوسًا يتجاوز حدود التقدير للجودة أو الذوق، ليتحول إلى وسيلة للتفاخر والاستعراض، بل وأحيانًا إلى مقياس مغلوط لقيمة الفرد. أصبح البعض يربط بين امتلاك حقيبة باهظة الثمن أو ساعة فاخرة وبين المكانة الاجتماعية، لدرجة أن الهوية الشخصية باتت تُبنى على شعارات الشركات وليس على المبادئ والقيم.
الماركة كواجهة زائفة
لم يعد امتلاك العلامات التجارية الشهيرة في كثير من الأحيان مرتبطًا بالاحتياج أو التقدير الفني، بل أصبح مرآة يعكس فيها البعض صورة مبالغ فيها عن ذواتهم. فبدلاً من أن تكون الماركة مجرد تفصيلة في أسلوب الحياة، تحولت إلى الهدف الأساسي. هذا الانغماس في الاستعراض يفقد الإنسان شيئًا فشيئًا الاتصال بجوهره، ليصبح مهووسًا بنظرة الآخرين أكثر من حقيقته الداخلية.
عندما تتحول المقارنة إلى مرض
وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في تفشي هذا الوباء النفسي. كل يوم نُقابل صورًا لأشخاص يرتدون أفخر الملابس ويسكنون أرقى الأماكن، فنقارن حياتنا ببريق لحظاتهم المصنوعة بعناية، ونشعر بالنقص. وهنا يبدأ الإنسان في مطاردة صورة مثالية غير واقعية، وفي سبيلها قد يغرق في الديون أو يعيش فوق طاقته، فقط ليبدو “ناجحًا” في أعين الآخرين.
كيف تحمي نفسك من عدوى الاستعراض؟
- اعرف قيمتك الحقيقية:
لا تُقاس بالقيمة السوقية لما ترتديه، بل بما تحمله من فكر، ومبادئ، وإنجازات. القناعة بالنفس وبما تملك هي السلاح الأقوى ضد هذا الهوس. - راقب استهلاكك:
اسأل نفسك قبل كل عملية شراء: هل أحتاج هذا فعلاً؟ أم أريده فقط ليلاحظه الآخرون؟ - نقِّ بيئتك الرقمية:
قلل من متابعة الحسابات التي تركز على المظاهر فقط. واملأ يومك بمحتوى يُغذيك فكريًا وروحيًا ويشعرك بالرضا. - احتفِ بذاتك الحقيقية:
استثمر في تطوير مهاراتك، في تجاربك، في علاقاتك الإنسانية. اجعل محور فخرك هو من أنت لا ما تملك. - تذكّر أن البساطة أناقة:
الكثير من العظماء والناجحين يعيشون ببساطة بعيدًا عن ضجيج الاستعراض. الجمال في الاتزان، لا في المبالغة.
في الختام
الهوس بالماركات ليس مجرد ظاهرة استهلاكية، بل مؤشر على خلل أعمق في تقدير الذات. وعلاج هذا الخلل يبدأ من الداخل، من مصالحة حقيقية مع النفس، ومن وعي متجدد بأن القيمة الحقيقية لا تُقاس بما يُعرض على الواجهة، بل بما يَسكن في القلب والعقل.