يوسف عوض العازمي يكتب: كتابات محرمة!
” الحضارة ليست أدوات نستعملها و نستهلكها ، و انما هي اخلاق سامية نوظفها ”
( سعد البواردي )
من الدارج عند كثير من الناس أن كل ممنوع مرغوب ، و في الشأن الأدبي و بالذات الروائي فالقصص اكثر من أن تحصى ، وكثيرة لدرجة ملفتة ، حتى أني أحيانا” أتصور أن الامر ليس عملية إبداعية لم يفهمها مقص الرقيب ، أو ان في الامر سياسة و قاتل الله السياسة ، إلى أن فهمت أن الامر تعدى حدودا” كثيرة أقلها ” قلة الأدب ” !
كنت أقرأ ان الرواية الفلانية للكاتب فلان منعت عن النشر و استغرب و اتساءل لماذا ؟ ، و اول مايدور في ذهني ان المنع بدواع سياسية ، اي ان الأديب دخل منطقة سياسية او امنية محظورة ، لم أكن اتصور اكثر من ذلك ، و كنت اقرأ عن الثالوث المحرم ( السياسة / الدين / الجنس ) و بأن غالبية أو كل قرارات المنع بسبب مس او لمس هذا الثالوث المحرم ، و بعد ذلك تيسر لي أمر الحصول على عدة روايات ممنوعة ، كنت في شوق لقرائتها و لمعرفة اسباب المنع على الاقل من وجهة نظري كقارئ ، و للأسف و بعد أن قرأت اكثر من رواية من تلك الممنوعات ، ترسخت لدي قناعة بأن المنع غير كاف ، و انه أسس لرواج هذه المطبوعات ، لأن كل ممنوع مرغوب (بالطبع لن اعطيها شرف الرواية ) المتسخة بأوحال الدناءة و سوء الخلق !
كيف لكاتب يوصف بالكبير و بالإستاذ ان يكتب مشاهد مقززة خادشة للحياء و بكل تفاصيلها المملة ، و ماهي الفائدة والقيمة المضافة للنص في ذكر ذلك ، و لابارك الله فيه من نص إن أستدعىكيف للكاتب الذي ينعت او يوصف بالمحترم أو القدير أن تسمح أخلاقياته لكتابة نص به مشاهد تحوي سلوكيات منحرفة وإسفاف غير مقبول !
العتب أيضا” على أشباه النقاد الذين يروجون لمثل هذه التفاهات المكتوبة من تافهين و يصفونهم بالادباء الاحرار الذين ظلموا في منع كتاباتهم ، وهنا أحمل الناقد أيضا” وزر الذنب ، هل قرأ الرواية فعلا” ؟ هل يعي مايقول ، أليس له اسرة ؟ ألا يخشى وقوع مثل هذه القصص الإباحية في يد أيا” من افراد اسرته ؟
و حتى لو كان الدافع او العذر هو لتأكيد معنى معين ، أو تقديم سيرة بحذافيرها ، فهو ليس عذر ، فالنواح الأخلاقية و الآداب العامة تقدم على تلك الإنحرافات المسماة زورا” و بهتانا” أدب و ثقافة !
لن أذكر أي أسم من تلك المطبوعات المتسخة بالوحل ، و التي تقتات او يقتات التافه الذي يكتبها على التعدي على مبادئ اخلاقية و يكتب أسوء مايمكن ان يكتبه كاتب روائي .
الرواية فن ادبي يحتاج اديب يعي الواقع ، يكتب مايمليه عليه ضميرة و ينقل الواقع المجتمعي بسرد فني يمتثل به إلى الثوابت العامة ، و يرتقي بالنص إلى الإبداع المرجو ، و لابأس في التطرق للسلبيات إنما بطريقة تحفظ الحياء ، وهنا تبرز الموهبة و الحرفية في سبك المعنى المفهوم بدون أية كلمة خارجة أو جارحة ، و إلا كيف نصف بأن فلان روائي ممتاز وموهوب ، الصنعة الروائية تحتاج روائي محترف يملك ذهن الشاعر ، وعقل راجح ، و تمييز بين النقل الصحيح و الخطأ، وقبل ذلك لديه وازع ديني و وعي مجتمعي ..
يوسف عوض العازمي
alzmi1969@