الهروب من المدرسة أصبح ظاهرة واضحة للعيان… و«التربية» تلقي المسؤولية على «المشاكل الأسرية»
- المقصيد: – بعض الطلبة يتخلفون عن المدرسة قبل أن يدخلوا إليها والمسؤولية الأكبر هنا على عاتق الأسرة
– هؤلاء ضحية التفكك الأسري ولكن الأمر الأكثر خطورة استقبال المقاهي طلبة بهذا العمر - نضال الحداد: – على كل مواطن يرى الطلبة المتسكعين أن يتحدث إليهم أو يبلغ وزارة الداخلية فوراً
– يجب إغلاق جميع المقاهي التي تستقبل الطلبة… والإبلاغ مسؤولية الجميع - مسؤول تربوي: – لا سلطة لدينا في أن نمنع الطلبة من دخول المقاهي… ودورنا توعوي داخل المدارس
– التصرف في هذه الحالات من اختصاص «الداخلية» فقط ودور المدارس إبلاغ الآباء هاتفياً
أصبح أمرا معتادا أن ترى فتيانا في سن المراهقة، بلباس مدرسي يتسكعون في الأسواق، ويتجولون بين أروقة المحلات، بعد أن أصبحت ظاهرة تدق جرس الإنذار، ولاسيما في ما يتعلق بسلامة هؤلاء الصبية ووقوعهم فريسة سهلة لذئاب الترويج وتجار السموم، ولعل ما يشكل خطورة أكبر أن ترى هؤلاء الصبية، يجلسون بأريحية على مقاعد المقاهي ويتناولون الشيشة، في منظر مؤذٍ أكبر من منظر تسكعهم في الأسواق.
وفيما وثقت «الراي» الظاهرة بالصور، لطلبة مدارس ثانوية يستكعون على أرصفة المقاهي، ويظللهم دخان الشيشة المتصاعد من افواههم، وهم دون الـ18 عاما، في منظر استنكرته وزارة التربية، معتبرة «ان المسؤولية مجتمعية ومشتركة لتصويب جميع السلوكيات الخاطئة في المجتمع بدءاً بطلبة المدارس ولا سلطة لدينا في أن نمنع الطلبة من دخول المقاهي».
وقال الوكيل المساعد للتنمية التربوية والأنشطة في وزارة التربية فيصل المقصيد لـ«الراي» انه «لا سلطة لوزارة التربية في تعقب الطلبة خارج أسوار المدرسة فهي حلقة مشتركة بين الإدارة المدرسية وولي الامر ووزارة الداخلية» ،مبيناً أن الإدارة المدرسية تبلغ ولي الأمر هاتفياً في حال غياب ابنه عن المدرسة ومن هنا يأتي دور الاب في التصرف، مؤكداً أن بعض الطلبة يتخلفون عن الذهاب إلى المدرسة قبل أن يدخلوا إليها وهنا تقع المسؤولية الأكبر على عاتق الأسرة.
ورأى المقصيد تردد الطلبة على المقاهي لشرب الشيشة والسجائر، من السلوكيات السلبية التي تعمل وزارة التربية على محاربتها باستمرار في المجتمع المدرسي، مستغرباً «كيف تستقبل المقاهي ومحلات بيع التبغ طلبة بهذا العمر، حيث ان هناك قراراً يمنع بيع هذه السلع إلى ما دون الـ18 عاماً، وكثير من السلوكيات السلبية سببها في المقام الأول التفكك الأسري وضياع الأبناء بهذا الشكل من أبرز آثاره ونتائجه».
من جانبها ،قالت مراقبة الخدمات الاجتماعية والنفسية في منطقة مبارك الكبير التعليمية نضال الحداد لـ«الراي» إن «الطلبة الهاربين من مدرستهم إذا كانوا داخلين في المدرسة، فتقع مسؤولية هروبهم على إدارتها أما إذا كانوا لم يدخلوا المدرسة من الأساس فهنا تكون المسؤولية خاصة بالأسرة التي لم تراقب أبناءها في الذهاب إلى المدرسة من عدمه» ،مبينة أن «إدارة المدرسة تخلي مسؤوليتها عن الغياب من خلال إبلاغ ولي الأمر هاتفياً بغياب ابنه».
ووصفت الحداد مشهد تسكع الطلبة بزيهم المدرسي سواء في الشارع او في المقهى أو في المولات والجمعيات التعاونية بأنه «سلوك سلبي يجب على أفراد المجتمع كافة التصدي له والتحدث إلى الطالب الهارب أو إبلاغ وزارة الداخلية فوراً، للتصرف بالتعاون مع نظيرتها البلدية في مراقبة هذه الأماكن التي تستقبل الطلبة وتطبيق العقوبات الجزائية بشأنها مطالبة بإغلاق جميع المقاهي التي تستقبل طلبة بهذا العمر».
وبينت الحداد أن «دورنا كمواطنين وتربويين وأولياء أمور هو الإبلاغ عن أي طالب يتسكع وقت الدوام بزيه المدرسي خارج أسوار المدرسة، لتقوم الإدارة المدرسية باتخاذ إجراءاتها المناسبة في كل حالة» ،مشددة على «ضرورة التصدي للسلوكيات الخاطئة في المجتمع من باب الشراكة المجتمعية في تقويم السلوك حيث كان الجار في الفريج خلال الفترة السابقة يمثل دور الاب لجميع ابناء الفريج إن غاب الأب عن مشهد من هذا النوع».
بدوره أكد مصدر تربوي لـ«الراي» أن «التصرف في مثل هذه الحالات من اختصاص وزارة الداخلية فقط ولا سلطة لدى الوزارة في تعقب الطلبة خارج أسوار المدرسة، وكل ما تفعله الإدارة المدرسة تقوم بتسجيل هؤلاء الطلبة غياب وتبلغ ذويهم هاتفياً بغيابهم» ،مبيناً «لا نستطيع أن نمنعهم من دخول المقاهي ودورنا توعوي فقط».
وأوضح المصدر أن «تدخين الشيشة والسجائر سواء داخل المدرسة أو خارجها والتردد على أبواب المقاهي ومحلات بيع التبغ من السلوكيات السلبية التي تؤرق المجتمع المدرسي وتعمل إدارات الخدمة النفسية والاجتماعية على محاربتها باستمرار مع بعض الظواهر الأخرى ومنها المخدرات والمؤثرات العقلية (الحبوب المخدرة) ولكن يظل القصور كبيراً في المعالجة وذلك لأسباب عدة منها عدم تعاون كثير من الأسر مع المدرسة لا سيما بعض الاسر التي يسودها التفكك وتعيش حالة من الخلافات بين أفرادها وعلى رأسهم الاب والأم حيث عادة ما يدفع الأبناء فاتورة الطلاق والخلافات التي عادة ما تنتهي في المحاكم».
وحث المصدر الآباء والأمهات على ضرورة مراقبة أبنائهم والتأكد من دخولهم إلى مدارسهم يومياً والتصرف بشكل إيجابي إن تم الإبلاغ عن غياب الطالب دون الإفراط في العقاب الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى ارتدادات عكسية تعمق من حجم المشكلة مطالباً بضرورة مصادقة الأبناء لا سيما في سن المراهقة والتقرب إليهم بشتى الوسائل مع منحهم كامل الحرية في التعبير عن آرائهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم مع تقديم النصح والإرشاد لهم بأسلوب لائق.
قضايا
«سبهللة» الأسر
أرجع مسؤول تربوي انتشار كثير من السلوكيات السلبية لدى بعض الطلبة إلى التفكك الأسري الذي يعتبر العامل الرئيسي في ضياع الأبناء، «وحين نطلب ولي أمر الطالب للحضور لمعالجة مشكلة، أو التحدث عن موقف معين، نجد ضياع الأسرة نفسها، فالاب في طريق والأم في طريق آخر»، واصفاً وضع الأسرة بـ «سبهللة» فكيف لا يضيع الأبناء أو ينجرفون وراء هذا الطريق؟!
بين «الداخلية» والأهل
طالب المسؤول ذاته أفراد المجتمع كافة بالإبلاغ فوراً عن أي طالب سواء بمفرده أو ضمن مجموعة تتردد على هذه الاماكن أو أي أماكن اخرى في وقت الدوام المدرسي، وذلك تحقيقاً للمصلحة العامة وتقويم المجتمع الذي يبدأ صلاحه من تقويم طلبة المدارس، مؤكداً أن وزارة الداخلية لا تقوم بسجن هؤلاء الطلبة ولكن تنسق مع آبائهم لحل المشكلة ووقاية هؤلاء الصغار من طريق الانحراف حيث إن إجراءهم تربوي بحت يخلو من الجانب الأمني.
مدارس بلا اختصاصيين
وبين المصدر أن «إنهاء خدمات كثير من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين الوافدين وعزوف الكويتيين عن العمل في هذا الحقل، سوف يضاعف من تفشي هذه الظواهر في المدارس دون الأخذ بأسباب المعالجة أو وجود من يقوم بتوعية هؤلاء الأبناء من خطر التدخين وجميع السلوكيات السلبية»، مؤكداً أن «طلبة المدارس سواء في المرحلة المتوسطة او الثانوية بحاجة إلى مراقبة دائمة سواء في البيت أو المدرسة لا سيما في ظل الغزو التقني السائد اليوم سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل الأخرى».
الراي