كلية الصحة العامة نظمت مؤتمرها السنوي الثالث
أ.د.العوضي : الكلية أطلقت برنامج البكالوريوس والماجستير وسوق العمل بحاجة إلى متخصصين
أ.د.فاينيو: الهواء في الكويت من شأنه الاضرار بالجهاز الرئوي
أ.د.فينس: البلدان الغنية تساهم بارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون فيما تتضرر الفقيرة منها
أ.د.بيرتوليني : الوفيات الناجمة عن التلوث أكثر من أمراض الايدز والسل والملاريا مجتمعة
د.السعيدان: الصحة تدرس تأثير العواصف الترابية على حالات الربو مع الجهات ذات الصلة
د.الرشيدي: القانون 2/2015 ساهم بتحسين الأداء البيئي في الكويت
العجمي: الكويت تواجه تحديات بيئية عديدة تؤثر على الصحة العامة
تحت رعاية وحضور مدير جامعة الكويت أ.د. حسين الأنصاري وعمداء كليات مركز العلوم الطبية و كليات جامعة الكويت ومجموعة من المهتمين والمختصين، نظمت كلية الصحة العامة مؤتمرها السنوي الثالث تحت شعار ” تأثير التلوث الهوائي والتغير المناخي على صحة الانسان ” بفندق الريجنسي يوم أمس الأحد.
وقال القائم بأعمال نائب مدير الجامعة للعلوم الطبية أ.د.عادل العوضي أن هذا المؤتمر يجسد روح التعاون بين جامعة الكويت ومؤسسات الدولة ، متمنيا أن تكون نتائج وتوصيات هذا المؤتمر بمثابة خارطة طريق للارتقاء بالمستوى الصحي للفرد والمجتمع وانطلاقا من مبدأ “الوقاية خير من العلاج” من خلال التوعية وتعزيز الصحة العامة للأفراد والمجتمعات، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بتعاون الجهات المختصة بهذا الشأن.
وأضاف أن مركز العلوم الطبية يفخر بكونه صرحا أكاديميا مرموقا في دولة الكويت، حيث يضم نخبة من كليات العلوم الطبية ممثلة بكلية الطب والعلوم الطبية المساعدة وطب الأسنان والصيدلة والصحة العامة، ويقوم سنويا بتخريج دفعات ذات مستوى علمي رفيع في العديد من التخصصات، ناهيك عن الجوائز العلمية التي يحصدها سنويا.
وذكر د.العوضي أن كلية الصحة العامة استقبلت الدفعة الأولى من الطلبة في سبتمبر الماضي في برنامج بكالوريوس الصحة ودراسات المجتمع والذين يعول عليهم الكثير في هذا المجال من خلال تلبية احتياجات سوق العمل و إجراء الأبحاث العلمية والتي تنطلق من رسالة كلية الصحة العامة وقيمها الأساسية، خاصة مع تعطش سوق العمل لمثل هذه الكفاءات بهذا المجال، إضافة إلى اطلاق برنامجي الماجستير في الإدارة والسياسات الصحية، والصحة البيئية والمهنية في فبراير الماضي.
مستويات التلوث في الكويت
وفي الجلسة الأولى ببداية المؤتمر ذكر عميد كلية الصحة العامة أ.د.هاري فاينيو أن هواء الكويت يتسم بوجود تركيز عال من الجسيمات ذات الحجمين 2.5 و 10 والتي من شأنها تقليل جودة الهواء. وأوضح أن تركيز الجسيمات PM يعد مؤشرا رئيسيا لنوعية الهواء، إذ يعد أكثر ملوثات الهواء شيوعا وذو تأثير قصير و طويل الأجل على الصحة، مبينا أنه يتم استخدام حجمين و هما 2.5 و 10 ميكرون للجسيمات الدقيقة والخشنة على التوالي علما بأن جسيمات 2.5 تعد مصدر قلق على الصحة نظرا لحجمها الذي يمكنها من التغلغل في الجهاز الرئوي.
وأضاف د.فاينيو أن الزيادة السريعة في النمو السكاني وعدد المركبات وحرق الوقود الاحفوري في محطات توليد الطاقة ومصافي النفط ساهم في انخفاض نوعية الهواء ناهيك عن طبيعة الكويت الجغرافية المتمثلة بالصحراء والعواصف الرملية المتكررة، على غرار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في المنطقة.
ونوه أن منظمة الصحة العامة أوصت بألا يزيد حجم جسيمات 2.5 عن 10 ميكرو جرام لكل متر مكعب، و 20 ميكرو جرام لكل متر مكعب لجسيمات 10 ، فيما تجاوز تركيز الجسيمات في الكويت هذا المستوى بنسبة 3 إلى 7 أضعاف، كاشفا أن تقليل التركيز جسيمات 10pm في هواء الكويت من 70 إلى 20 ميكروجرام من شأنه تقليل الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بنسبة 15% .
وأشاد د.فاينيو بجهود الهيئة العامة للبيئة في التخفيف من حدة ارتفاع مستويات ملوثات الهواء التي يتم تصريفها بانتظام من السيارات، واتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ عمليات التفتيش الصارمة للحفاظ على الامتثال الصارم لمعايير جودة الهواء.
وعن طرق خفض مستويات تلوث الهواء، ذكر عميد كلية الصحة العامة تنظيم سياسات النقل والتخطيط الحضري وتوليد الطاقة والصناعة من شأنها تقليل مستويات تلوث الهواء، من خلال إعطاء الأولوية للنقل الجماعي السريع، واعتماد التكنولوجيا النظيفة لتقليل من انبعاثات المدخنات، وأن تعطي الأولوية للنقل الجماعي الحضري السريع، وأن تتحول إلى مركبات أنظف للخدمة الشاقة للديزل ومركبات ووقود منخفضة الانبعاثات. استراتيجيات للحد من النفايات، فصل النفايات، وإعادة التدوير وإعادة الاستخدام أو إعادة معالجة النفايات هي بدائل للحرق مفتوحة للنفايات الصلبة.
تأثير التغير المناخي على الصحة
ومن جهته قال الأستاذ بكلية لندن الإمبراطورية بالمملكة المتحدة باولو فينيس أن ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يتزايد طرديا مع التنمية الاقتصادية، مبينا أن البلدان الغنية تساهم بارتفاع هذه النسبة بشكل أكبر بكثير من البلدان الفقيرة مثل بنغلاديش وغيرها والتي تعتبر الضحايا الرئيسية لتغير المناخ.
وأضاف أن تغير المناخ يتفاوت تأثيره من بطيء إلى الكارثي السريع كما حدث بعشرات آلاف الوفيات في أوروبا مبينا أن هناك ثمة استنتاجات غير مؤكدة للآثار الصحية غير المباشرة لهذه الظاهرة مثل تفشي الأمراض المعدية، أو التغيرات بنوعية الأغذية وتوافرها أو ملوحة المياه في بعض البلدان.
واستطرد د.فينس قائلا أن هناك أدلة تشير إلى انتشار الملاريا في مناطق جديدة في العالم، موضحا أن بعض الحروب والنزاعات ( كما حدث في دارفور ) و الهجرة الجماعية والآثار على الصحة العقلية تعزى إلى تغير المناخ، وأن معظم هذه الآثار حدثت وقد تحدثت في البلدان ذات الدخل المنخفض مثل ذوبان الأنهار الجليدية وبناء السدود واستزراع الربيان و ارتفاع مستوى سطح البحر أو ارتفاع ملوحة المياه كما هو الحال في بنغلاديش.
أساليب جديدة للتعرض
وعرف د.باولو فينيس مفهوم “إكسبوسوم” بقوله أنه مقياس محتمل لآثار التعرض على مدى الحياة على الصحة، وهو يتألف من مجموع التعرضات التي يتعرض لها الفرد من الحمل حتى الموت، بما في ذلك تلك الناجمة عن العوامل البيئية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، ونمط الحياة، والنظام الغذائي، والعمليات الذاتية.
وأوضح أن هناك نوعان من التفسيرات الواسعة للمفهوم إكسبوسوم، الأول ويدعى “من أعلى إلى أسفل” ويهتم أساسا في تحديد أسباب جديدة للمرض من خلال نهج غير ملزم، على غرار ما تم تطبيقه في علم الوراثة مع تصميم دراسة الارتباط على نطاق الجينوم (غواس). ويسمى هذا النهج الأول أحيانا دراسة جمعية إكسبوسوم على نطاق واسع لتوليد فرضيات جديدة على المسببات المرض.
وفيما يخص النهج العام الثاني، ذكر د.فينيس أنه يدعى “من أسفل إلى أعلى” ويبدأ مع مجموعة من التعرض لتحديد المسارات أو الشبكات التي من خلالها تؤدي هذه التعرض للمرض، مشيرا أنه تم استخدامه في مشروع “إكسبوسوميكس” الممول من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أنه تم اختيار عدد قليل من أولويات البحث في هذا المشروع مع ما يترتب على ذلك من آثار عملية في صنع السياسات، لمعرفة إمكانية توطيد المعرفة حول الآثار الصحية الناجمة عن تعرضين هامين هما وتلوث الهواء وملوثات المياه، بالإضافة إلى إمكانية الكشف عن الاختلاف في التعرض بطريقة أكثر دقة من الأدوات القياسية لعلم الأوبئة، وإمكانية الكشف عن تأثيرات مستويات التعرض المنخفضة والمنخفضة جدا باستخدام المؤشرات الحيوية الفطرية.
الوفيات والتلوث
من جهته كشف المستشار بوزارة الصحة القطرية أ.د.روبرتو بيرتوليني أن الاحصائيات الأخيرة تبين أن الوفيات الناجمة عن التلوث والتغيرات المناخية تزيد عن الوفيات التي تسببت بها أمراض الايدز والسل والملاريا مجتمعة ، الأمر الذي يجعله في المرتبة الخامسة عالميا من عوامل الخطر في عام 2015 مشيرا أن تأثيره على الأطفال يفاقم المشكلة.
وأوضح أن تلوث الهواء مشكلة واسعة الانتشار مع ارتفاع مستوى التعرض في العديد من المناطق الحضرية وفي الشرق الأوسط مبينا أن النتائج البحثية الجديدة تظهر أن التلوث البيئي يتفاعل مع العوامل الوراثية ونمط الحياة الأخرى كمسبب لعدد من الأمراض عالية الانتشار.
وذكر د.بيرتوليني أن الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس ذات التعرض الأعلى للملوثات الجوية ، هم أقل نموا في الجانب المعرفي.
أما د.محمد السعيدان من وزارة الصحة فقد كشف أن وزارة الصحة تعمل على مبادرة بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة والأمم المتحدة لدراسة الآثار الصحية الناجمة عن التغير المناخي. واستعرض د.السعيدان الوضع الحالي لتقييم الآثار الصحية الناتجة عن العواصف الترابية وحالات الربو في الكويت ، مشيرا أن وزارة الصحة على تواصل دائم مع الجهات المعنية لتوثيق علاقة التعاون بهذا الشأن.
تقييم المردود البيئي
واستعرض الباحث في مركز أبحاث البيئية والعلوم الحياتية بمعهد الكويت للأبحاث د.مفرح الرشيدي أهمية تقييم المردود البيئي في دولة الكويت كأحد الأسس التي يرتكز عليها التخطيط البيئي السليم لتحقيق الأهداف والخطط التنموية للدولة والتي تكفل تحقيق التنمية المستدامة.
وأشار الرشيدي إلى الدور الكبير للهيئة العامة للبيئة بهذا الشأن من خلال اصدار الدليل الإرشادي لنظام تقييم المردود البيئي والاجتماعي والذي تم تطبيقه بعد صدور القانون رقم 2 لسنة 2015 مؤخرا، والذي يهدف إلى تحسين الأداء البيئي في دولة الكويت.
كما أوضح د.الرشيدي خلال المؤتمر الخطوات العلمية المطلوبة لإجراء دراسة تقييم المردود أو الأثر البيئي وخبرات معهد الكويت للأبحاث العلمية في هذا المجال من خلال عرض بعض دراسات تقييم المردود البيئي والتي قام بها المعهد للمشاريع التنموية والحيوية لدولة الكويت.
التحديات البيئية المحلية
فيما ناقشت الباحثة بالهيئة العامة للبيئة دلال العجمي في محاضرتها التي تحمل عنوان ” آثار تغير المناخ على دولة الكويت والصحة العامة” ناقشت التحديات البيئية التي تواجهها دولة الكويت من ارتفاع درجات الحرارة وندرة مصادر المياه وتناقص هطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة شدة وتواتر العواصف الغبارية على الدولة إضافة إلى أثر تغير المناخ على الصحة العامة.
كما استعرضت العجمي جهود دولة الكويت في اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ والجهود المحلية لمكافحة هذه الظاهرة.