أ. د. فيصل الشريفي يكتب: ملف النشر العلمي
قد يتصور البعض أن جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي تتساهلان في لوائح الترقي، لكن للإنصاف هناك من رُفضت ترقيته بسبب نشره أبحاثاً لا تدخل ضمن مجال التخصص، وهناك من رُفضت ترقيته لنشره في مجلات علمية لا تدخل في مجال التخصص، وهناك من أُنهيت خدماته وسُحبت ترقيته وأحيل إلى النيابة بسبب السرقة الفكرية.
منذ أن بدأ بعض الإخوة الأكاديميين والمختصين حملتهم في مكافحة الشهادات الوهمية ودائرة التفاعل الاجتماعي تزداد يوماً بعد يوم، والحديث أخذ بالاتساع ليشمل البحوث المزورة والمجلات الضعيفة التي حظيت هي الأخرى باهتمام الصحافة، ومواقع التواصل الاجتماعي كونها تمس مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي بالدولة.
قبل الخوض في هذا الملف هناك نقاط لا بد من بحثها، وفي مقدمتها التحول الكبير الذي طرأ على معظم المجلات البحثية بعد استعاضتها عن النمط التقليدي في طباعة أعدادها بالنظام الورقي إلى النظام الإلكتروني؛ مما فتح المجال للعديد من الناشرين بفتح مواقع إلكترونية تخلت عن الكثير من قواعد وأصول النشر العلمي.
قبل إثارة هذه القضية لا بد من التفريق بين حق الباحث في النشر في المجلات الضعيفة وبين قبولها واعتمادها في المؤسسات التعليمية والبحثية عند طلب الترقية الأكاديمية، لذلك إن كان الموضوع اختيار الباحث النشر في تلك المواقع غير المقبولة أكاديمياً، والتي لا تندرج تحت مظلات النشر العالمية، فهذا شأنه، أما إذا تم اعتمادها للترقية فهنا تجب المحاسبة.
للإنصاف لوائح الترقي في الجامعة و”التطبيقي” تُراجَع باستمرار وتُحدَّث عند ظهور أي تجاوز أو خلل يمكن أن يكون بوابة للترقي غير المشروع، ومن هنا ولضمان جودة النشر العلمي أقترح تشكيل لجنة مشتركة دائمة تضم المؤسسات العلمية والبحثية مهمتها توحيد وتطوير إجراءات لائحة الترقي والنشر في المجلات العلمية لطالب الترقية، بحيث لا تفتح المجال أمام لجان الترقيات للاجتهادات الشخصية، ومن ثم تحصن الترقيات والبحوث العلمية.
كما ذكرت، وكما أشار العزيز الأستاذ الدكتور طارق الدويسان، إلى أن هناك فرقاً بين حق الباحث في النشر بالمجلات الضعيفة أو حتى غير المعترف فيها ضمن قائمة المجلات العلمية، وبين قبول تلك الأبحاث لترقية صاحب العلاقة، وهناك أيضا فرق بين من يقوم بسرقة البحث العلمي لباحثين آخرين أو تجاوز حدود الاقتباس المسموح، والتي تتطلب الإشارة إلى المصدر الذي تم الاقتباس الحرفي منه.
قد يتصور البعض أن جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي تتساهلان في مثل هذه الحالات، لكن وللإنصاف هناك من رُفضت ترقيته بسبب نشره أبحاثاً لا تدخل ضمن مجال التخصص، وهناك من رُفضت ترقيته لنشره في مجلات علمية لا تدخل في مجال التخصص، وهناك من أُنهيت خدماته وسُحبت ترقيته وأحيل إلى النيابة بسبب السرقة الفكرية.
الحقيقة التي علينا أن نتفاعل معها هي حماية مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحوث من خلال توحيد الجهود في تحديث لوائح وشروط قبول الأبحاث العلمية باعتماد نوعية المجلات، والتي تقع مسؤولية تحديدها على الأقسام العلمية ضمن ضوابط عامة وموحدة ومقيدة تعتمد بشكل دوري من قبل مجالس إدارات الجامعة و”التطبيقي” ومعهد الكويت للأبحاث العلمية ومعهد الكويت للاختصاصات الطبية.
ودمتم سالمين.