كتاب أكاديميا

نور العجميل يكتب: واسطة مقابل حياة!

طرقات المطار تعرفني جيداً،

نوافذ الطائرة،  فسرائر المستشفيات البيضاء

وأبنائي الذين أودعهم الواحد تلو الآخر

جعلوني قوية اليوم،

تقاطع تفكيري المميت سكرتيرة في مستشفى الصباح : إذن كنتِ في رحلة علاج في الخارج؟

-نعم، فقدت إثرها أبني،

السكرتيرة: أسفة، إذن فقدتِ طفلين من نفس نوع المرض!،

أجيبها: نعم. لكني أثق بأن نور وأمل سيتشافان

لكل شخص نصيب من أسمه هذا ما يقولونه

السكرتيرة: إن شاء الله

أرى نظراتها المكسورة تدرك جيداً أن الكلام ماعاد يُجدي، وأي موساة التي تُنسيني أبني،

حبيبي فقدتك في عمر العاشرة،

أتعلم كم عانيت حتى أنجبتك،

وكم كنت تقول لي ودموعك تملئ وجنتيك متصنع للقوة: أمي لاشيء يؤلمني!

أنا رجل الفتيات وحدهن من يتألمن!

على عكس أخواتك!

أتذكر جيداً. قبل انجابك..

زواج أبيك بحجة كونه يُريد ولد، لا أنسى ذاك اليوم المشؤم حينما

قال لي: رُزقت ببنت أخرى،

-متى تزوجت!

-امرأة مهملة مثلكِ كيف لها بأن تعلم،

أنا رجل أحتاج ولد يحمل أسمي، وأنتِ لا تُنجبي سوى البنات وتصبين كل اهتمامكِ لبناتكِ المريضات!

-توقف رجوتك! لا أريد أن يشعرن بأي ألم نفسي يكفي عليهن الجسدي والله يكفي

كان دائماً ما يجعلني خاسرة في هذا النوع من النقاشات ليتني ما التقيته!

أتقدم خطوتان من باب الخروج من غرفة المواعيد لأستمع للسكرتيرة تهمس لزميلتها:

يا الله! تنتزع قلبي في كل مرة،

وترد الأخرى: لاشيء أسوأ من أن تُبذلِ كل الأسباب بينما الواقع يُشير إلى الفقدان في نهاية المطاف،

عادل وما يحمل من العدل سوى أسمه

أتذكر حين صورت لي الحياة معك سنين ربيع؟

حينما لم تتطابق أوراق الفحص قبل الزواج فقلت لي: أعرف صديق سيخلصنا من تلك المشكلة، وسنتزوج أخيراً،

مراهقة ساذجة ضحيت بصحة أبنائي

لأكون ضحيتك اليوم!

تخليت عني وعنهم وعن الحب الذي أراه اليوم على هيئة إعاقة، مرض نادر، يلتصق بكل أبنائي وكان لي كل الحول والقوة في ألا يُصيبهم!

أبيع ماتبقى من عمري كي أراهم معافون من كل ألم، أحمل كل غصة عنهم ولا يتألمون،

أن لا ينظر لهم أحد بنظرة شفقة فيلوموني على ذلك بنظرة مكسورة، أن أراهم يحبون الخروج مثلما بقية الأطفال أن أراهم لا يخجلون من نظرات الآخرين

أن أتوقف عن الشعور بالذنب في كل مرة أبصرهم يتألمون، لا بارك الله في واسطة جمعتنا يوماً!

@nooral3jeel

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock