م.شهد الناصر تكتب : من غاية لعلامة ….
التعليم هوالركيزة الأولى لبناء الشعوب فإن تطور التعليم تطورت الأمم وهذا يذكرني بقصة حكتها لي أمي عن ذلك الطفل الصغير الذي قاطع والده وهو يقرأ جريدته مما أثار تعب الوالد فقام بتمزيق ورقة من الجريدة إلى أجزاء صغيرة وأعطاها لطفله وطلب منه تجميع الورقة للحصول على صورة الخريطة كاملة ثم عاد للقراءة وهو يظن أن الطفل سيعجز وسيبقى مشغولا وبذلك يستطيع متابعة القراءة بدون مضايقة ولده إلى أنه تفاجىء بتجميع الطفل لأجزاء الخريطة ،فسأل الوالد طفله هل أمك علمتك الجغرافيا ؟ فأجاب الطفل لا ياأبي وإنما كان هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء خريطة العالم .
إن هذه القصة أفهمتني بأن إعمار الإرض يكون ببناء الإنسان ولايبنى الإنسان إلا بالتعليم .
لكن للأسف أصبح التعليم سطحي يعتمد فيه الطالب على تكديس المعلومات وحفظها لوقت الإمتحان ثم ينساها دون فهم وإدارك للمعلومات بل شغله الشاغل هو الحصول على درجات عالية تؤهله لدخول تخصص عالي في الجامعة ،وكذلك الأمر في الجامعة يحفظ المعلومات للحصول على مركز وظيفي أو لقبوله في الدراسات العليا ،وبذلك أصبح التعليم من غاية لعلامة وهذا مايسمى بالتعلم النهامي (Bulimic Learning)وهو تعليم لايستفاد منه فكريا وإبداعيا .
كثير مايحصل معنا أن نتحاور مع أحدهم ونجد أن مستوى إدراكه ووعيه ومعالجته للأمور ليس كما تخيلنا كمهندس أوكطبيب أو كمعلم أو كصحفي ..
لااقصد الإستهانة بالعقول وإنما المقصد من كلامي إن التعليم ليس فقط للحصول على منصب وظيفي وإنما التعليم هو تطور فكر ووعي وإدراك وتحمل مسؤولية وبالتالي قدرة على إدارة الذات بطريقة صحيحة مما يؤدي لتطور الأمة بطريقة باهرة.
لذلك علينا أن نركز على التعليم كثيرا كثيرا، فالشعوب لاتتدمر بالقنابل الذرية والصواريخ النووية وإنما تتدمر الأمم بتدمير التعليم .فالمدمر الأساسي للتعليم هو الغش فلاتستهينوا بالغش فمع الغش إدراك قليل ووعي أقل وسعي محدود ورؤية مستقبلية مشوهة الأهداف وبالتالي مجتمع مدمر .
فلتطوير التعليم يجب التركيز على المراحل الأولى للطفل وذلك بتطبيق مناهج تطور إدراكه وتقوي ثقته بنفسه فيتقبل أن يخطأ لينجح بجدارة ومن هذه المناهج منهج مونتيسوري وهو منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل .وقد أرست دعائمه الدكتورة مونتيسوري من خلال دراستها وبحوثها وتطبيقاتها الميدانية معتبرة أن العملية التربوية يجب أن تهتم بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية والعقلية والروحية والجسدية والحركية وتقوم على نظريات لتنمية الطفل.
فتنمية الطالب من السنين الأولى تحدد ماهو في المستقبل .
فقد قيل في الحكمة قبل أن تحلم بالطيران تعلم المشي بطريقة صحيحة .
لذلك إن كنا نريد جيل متعلم مثقف علينا أن نبدأ من الطفل فهو البداية وهذه مسؤولية مشتركة بين المدرسة والأهل .
علينا أن نفهم أن غاية التعليم هي صنع إنسان يمتاز بالقيادة الصحيحة لذاته ذو تفكير منظم يعالج مهامه الصعبة والمزعجة دون تأجيل وتسويف
انسان يعرف متى يقول لا عندما تزدحم عليه الأمور
انسان يبحث عن الحقائق ويخطط ويضع الحلول بكل هدوء وبكل ثقة بالنفس
انسان متوازن في إهتماماته الشخصية لنفسه ولمنزله ولعلاقاته .
انسان متجدد شغوف مغامر يعيش الحياة ببساطة وبمعنى أدق يجعل بكل لحظاته حياة .
بقلم :
م.شهد الناصر