مجلس المواعد ومستقبل الشدائد بقلم د. عبدالله يوسف سهر
لا نكاد نخرج من انتخابات مجلس ونعقد الآمال حتى تتبدد بواقع برلماني يسوده الجدل والخلافات الحادة والتعطيل ثم الابطال!!!
في هذا المجلس، ليس لنا الا ان نستمر بالتفاؤل، فما اضيق الحياة لولا فسحة الامل. في هذا المجلس اطلق المرشحين جميعهم وعودهم وعهودهم وبياناتهم وشعاراتهم التي تحمل مكنونات الاصلاح والقضاء على الفساد واحلام الشباب وتحقيق كرامة المتقاعدين والمساواة بين المواطنين، الا اننا نخشى بأن البداية التي حملتها الدعوة لما يطلق عليه بالتنسيق ستؤدي الى وأد الحلم والامل مبكراً.
في الفترات السابقة، لم يتكوثر الجدل النيابي الذي تحول الى صراع ” وهواش” الا نتيجة ما يسمى بالتنسيق الذي هو في حقيقته بمثابة انتخابات فرعية للاستحواذ على مناصب مكتب المجلس واللجان الرئيسية. هذا التنسيق الذي هو في حقيقته اقصاء وتهميش الاخرين هو المسؤول الاول عن صناعة الجدل والخلافات التي تنتشر فيما بعد بين النواب وبين ثنايا الاطياف المجتمعية. وهذا التنسيق الذي لا يعدو كونه تبادل للكراسي ومراهنات ووعود مسبقة بالآجل لمواقف سياسية مقررة سلفاً. واخطر من ذلك هذا التنسيق هو ما يقدح بشعارات الوحدة الوطنية والتعددية والديمقراطية التي رفعها المرشحين الذين اصبحوا نواب خلال حملاتهم الانتخابية.
اننا يا سادة، امام مواجهة خطيرة لتحديات مستقبلية وآنية تتعلق بالاقتصاد والتنمية والبنية التحتية ورفاهية المواطن والامن الوطني وتعزيز الحريات ونبذ الفئوية والطائفية وانتشال التعليم من التخلف وغيرها من مسائل هامة وبحاجة الى حلول ابداعية حاسمة لا تقبل التأخير واضاعة الوقت بشأن توزيع اللجان والمناصب!
لا تقتلوا الامل بأعين الاجيال الشبابية ولا في اعين المواطنين المتقاعدين وربات البيوت والاطباء والمهندسين والمعلمين واساتذة الجامعات والجسد الطلابي الذي يشكل الجيل القادم للكويت. انكم يا نواب ” الامة” ملزمون باستعادة الامل والاطمئنان والثقة للشعب الذي بات يعاني من جراء تلك الخلافات المنبثقة من العقليات السياسية الفاشلة.
فلقد فشلت هذه العقلية من تهميش الاخر وفشلت ايضاً في حسم معارك وهمية وشخصية، ولابد من معرفة حقيقة واحدة وهي ان الاوطان بنيت على احترام المواطنة الصالحة، فإنك يا نائب الجمع الغفير الصغير يمكنك ان تهمشني ويمكنك ان تظلمني وان تسلبني حقي في المساواة ولكنك حتماً لا يمكنك ان تنفي وجودي فأنا المواطن من تراب هذا الوطن الذي لا يمكنك تغييره، ولكم في بقية الشعوب والدول والمجتمعات عبرة يا أولوا الألباب.