أخبار منوعة

اللغات الأقوى تأثيرًا على مستوى العالم

هل هناك ارتباط شرطي بين تعداد من يتكلمون لغة معينة من ناحية، وبين مستوى تأثير هذه اللغة عالميًا من ناحية أخرى؟

في الحقيقة، هناك كثير من اللغات التي تتكلمها شعوب وأمم هي ضخمة من حيث تعداد السكان، ولكن في نفس الوقت تقبع تلك اللغات في مكان بعيد كل البعد عن التأثير العالمي، من تلك اللغات: الماندارين (مجموعة من لكنات الصينية)، والعربية والهندية.

هذا هو ما وصفه مجموعة من الباحثين في جامعة MIT بأنه حالة من العُزلة تعيشها تلك اللغات، في حين أن هناك لغات أخرى ذات تأثير وحضور ملموسيْن على الرغم من قلة أعداد ناطقيها.

تشير مجلة Science المعروفة إلى أن لغة 27 مليون نسمة مثل اللغة الهولندية يعد تأثيرها مذهلاً إذا ما قورن بتأثير لغة العرب التي يتخطى تعداد ناطقيها نصف مليار نسمة. ويستطرد المقال المنشور في نفس المجلة ليبرز أن أحد أسباب تلك الظاهرة هي معرفة الهولنديين بلغات عدة، بالإضافة إلى كثافة تواجدهم في الفضاء الإلكتروني.

وفي أحد التجارب لمعرفة اللغات الأكثر تأثيرًا في العالم، ولاستكشاف كيفية تفاعل اللغات مع بعضها البعض، قام باحثان في جامعة MIT، هما: شاهار رونين، وسيزار هيدالجو بتتبع ثلاثة جوانب، وهي: حركة ترجمة الكتب، إصدارات الصفحات باللغات المختلفة على موقع ويكيبيديا، ومستخدمو تويتر ممن يتقنون لغات عدة. ثم صاغوا نتائج هذا البحث في صورة خرائط أطلقوا عليها الشبكات العالمية للغات.

تحتوي تلك الخرائط أو الشبكات على مجموعة من نقاط الالتقاء تُمثل كل منها لغة معينة، ويُمثل حجم النقطة عدد ناطقي تلك اللغة، ويصل بين تلك النقاط فروع يَرمُز سُمْكها ودُكْنة لونِها لكثافة التفاعل بين نقطتي الالتقاء (اللغتين) الواقعتين على حافتيْ كل فرع. يمكن للقارئ مشاهدة الشبكات في الروابط المرفقة أسفل المقال، كما أن الرابط الثالث في الروابط ذات الصلة يحتوي على نسخة تفاعلية من تلك الشبكات. إذا أخذنا في الاعتبار أن اللغة الإنجليزية تعتبر من اللغات الأساسية لتداول المعارف، فسنجد لها علاقة بلغات عديدة، بصرف النظر عن تعداد ناطقي تلك اللغات. وعليه، فنتوقع أن تُظهر الخرائط اللغة الإنجليزية كنقطة التقاء محورية تدخل وتخرج منها فروع لا تقارن في عددها بلغة مثل العربية. هذا هو بالفعل ما يظهر بوضوح خصوصًا في خريطة حركة ترجمة الكتب، وتؤكده بقية الخرائط. لاحظ أيضًا سُمْك الفرع بين اللغة العربية والإنجليزية في حركة ترجمة الكتب وعلى المنصات المعرفية مثل ويكيبيديا، مقارنة بعلاقة نفس اللغتين على موقع تواصل اجتماعي مثل تويتر.

لا يفوتنا بالطبع أن نذكر أن تلك الخرائط تعتبر عينة للنخبة، حيث إن جُلَّ مصدرها هو المنصات الإلكترونية في حين أن أغلب سكان الأرض لا يستطيعون الاتصال بالإنترنت، ولكن على أية حال، هي مؤشر للتأثير وليس لتعداد السكان. تظهر هذه الشبكات محورية دور اللغة الإنجليزية بالنسبة للغات العالم، كما أنها تبرز أيضًا تأثير ومحورية لغات مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية، وجميعها تربطها صلات وثيقة مع لغات عديدة أقل تأثيرًا.

إذًا، ما هي الدروس المستفادة من تلك الخرائط؟

لعل أهمها هو الفصل النوعي للتواصل والتأثير، على سبيل المثال: إتقانك للغة الصينية سيمكنك من الانسجام مع عدد ضخم من الناس حتى وإن كانوا هم أنفسهم مجموعة منعزلة لغويًا، في حين أن إتقانك للغة مثل الإسبانية يمنحك فرصة التفاعل والتأثير في رِقَاع ضخمة من الكرة الأرضية، وهو ما يرجع بالأساس لمركزية دورها بالنسبة للغات أخرى عديدة.

ونختم المقال بالإشارة إلى نَص نقطتين مما جاء في تَتِمّة البحث، وهما:

  1. على الرغم من كون لغات مثل العربية والصينية والهندية لسان أعداد كبيرة من سكان الأرض، إلا أن الجوانب التي تناولها البحث تشير إلى أنها كلها تحتل مراكز هامشية في الشبكة العالمية للتأثير اللغوي.
  2. إن التعثر الموجود في حركة الترجمة إلى اللغة العربية، والذي يعتبر عقبة تَحول دون نشر المعرفة في العالم العربي، ظهر بشكل واضح في الشبكة التي خَلُصَ إليها البحث عن حركة ترجمة الكتب، كما أن هذا جاء متوافقًا مع موقع نفس اللغة في شبكتي ويكيبيديا وتويتر، وهو ما يعزز من دلالة ومغزى تلك الشبكات.

 

المصدر: ساسة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock