كتاب أكاديميا

‏د. محمد الدويهيس يكتب: مجلس الوزراء الجديد والدور المطلوب


‏ نبارك مقدماً لمعالي السادة الوزراء الموقرين أعضاء الحكومة الجديدة لحصولهم على ثقة حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه وثقة سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر متمنين لمعاليهم التوفيق والنجاح في مهامهم ومسئولياتهم لما فيه خير الوطن والمواطنين

‏ وبعد أن يتم تشكيل كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل نهائي فقد جاء دور معالي السادة الوزراء لبناء كويت المستقبل .

‏فما هو الدور المطلوب من الحكومة خلال السنوات الأربع القادمة؟

‏إن الدور المطلوب من الحكومة (السلطة التنفيذية) القادمة هو التركيز على ثلاث قضايا رئيسية ومفصلية ومترابطة مع بعضها البعض وهي؛الأمن الوطني،كفاءة أداء الحكومة ووضع رؤية استراتيجية متفق عليها. فمفهوم الأمن الوطني يهدف للمحافظة على كيان الدولة وتماسكها وسلامة المجتمع واستقراره ضد أي تحديات أو أخطار تهدد الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الإجتماعي أو رفاهية المجتمع.

‏ والقضية الرئيسية الثانية هي التركيز على كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة وأهمية الدولة ومحورية عمل الحكومة حيث أن الحكومة تزاول مهاما لا يستطيع غيرها القيام بها .ونجد أن هناك تلازما بين تحقيق الكفاءة في أداء الحكومة مع حماية وصيانة الأمن الوطني.

‏والقضية الرئيسية الثالثة هي وضع رؤية استراتيجية تنموية شاملة لجهاز حكومي فعال ولمنظومة أمنية تهدف لحماية وصيانة الأمن الوطني وتحفظ الحقوق والحريات العامة.

‏وسأحاول أن اختصر المهام الفرعية المطلوب من السلطة التنفيذية القيام بها خلال المرحلة القادمة في النقاط التالية:

‏١-مطلوب تعاون السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية في مجال التشريع وانجاز المشاريع والخطط الحكومية في أوقاتها المحددة.

‏٢- تقديم برنامج عمل الحكومة بالوقت الدستوري المحدد له وأن يتصف هذا البرنامج بالدقة والواقعية بالتنفيذ وتحديد الرؤية الاستراتيجة للدولة للسنوات القادمة.

‏٣-العمل على رفع كفاءة الجهاز الحكومي لضمان استدامة الموارد لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي والرفاهية الاجتماعية وتحقيق الأمن الوطني.

‏٤-التركيز على أهمية الدولة وهيبتها 

‏وحماية وضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة وصون الحياة الكريمة للمواطنين وإقامة العدل والمساواة بينهم.

‏٥-ترسيخ مبادئ وقيم الحوكمة Governance والحكم الرشيد وتطبيق القوانين بشفافية.

‏٦-ترسيخ مشاركة و مساهمة المواطن وتحمل المسئولية الوطنية لتحقيق العدل الاجتماعي وتعزيز ركائز الاستقرار الاجتماعي وتحقيق الشفافية وتفعيل المساءلة والحد من الفساد ومكافحته.

‏٧-التأكيد على أسس وقواعد العدل والمساواة بين المواطنين ونبذ كل أشكال الانشقاق والتشرذم والصرعات بين فيئات المجتمع الكويتي.

‏٨-العمل على استشراف المستقبل والتكييف مع المتغييرات المتسارعة وانتهاج الادارة الاستراتيجية Strategic Thinking في عمل السلطة التنفيذية ومؤسسات الدولة المختلفةلاستثمار المستجدات لمستقبل أفضل.

‏٩-الاصلاح الاداري وإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولةRestructuring 

‏١٠- الاصلاح السياسي وإعادة إكتشاف دور ومهام الحكومة Government Reinventing ومحاربة الفساد وترسيخ نظام الحوكمة والحكم الرشيد وتأصيل قيم الحسم والحزم في تطبيق القانون.

‏١١-العمل على رفع كفاءة الجهاز الحكومي والإهتمام بالتنمية البشرية Human Capital والتنمية المستدامة Sustainable Development ورفع كفاءة الأداء الاقتصادي وكفاءة الانفاق الحكومي..

‏١٢-العمل على كفاءة الحكومة من خلال الاستجابة السليمة لحاجات المواطنين وسهولة إيصال الخدمة ⁦‪E.Services‬⁩ وتميزها والمساواة والشفافيةTransparency في توزيع الخدمات وجودتها والالتزام الأخلاقي بالقيم والمعايير المهنية Ethic codes and Standards.

‏١٣-تطبيق مفهوم الكفاءة وإدارة الجودة الشاملة TQM ليس فقط في تقديم الخدمات وإنما في سائر المهام التي تؤديها الحكومة مثل فرض القانون وإصدار التشريعات وصنع السياسات واتخاذ القرارات وترتيب الأولويات مما يؤدي إلى تخفيض التكلفة الاقتصادية والفنية ورفع الكفاءة الإنتاجية والتوزيعية وزيادة المرونة والابتكار والابداع الحكومي.

‏١٤-العمل على تعزيز الحكم الرشيد وارساء الديموقراطية المعتدلة من خلال ادارة الاداء في أجهزة الدولة وتقييمها وتقويمها ودعم ثقافة التعددية والاختلاف بالرأي وتمثيل الأقليات وتوسيع مشاركة منظمات المجتمع المدني.وتعزيز الديموقراطية وترشيد التدخل الحكومي بما يضمن الأمن الوطني ويكفل حماية وصيانة الحقوق و الحريات العامة.

‏١٥-التطوير والتجديد واستشراف المستقبل وتشجيع المبادرات المجتمعية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني للمساهمة بفعالية في تحمل مسئولية تحقيق التنمية الشاملة.

‏١٦-التوجه نحو اللامركزية Decentralization واستخدام اُسلوب التفويض والتمكين Empowerment في الادارة الحكومية لمزيدا من المرونة وتبسيط الإجراءات وتقليل الدورة المستندية والسرعة في اتخاذ القرارات الحكومية.

‏١٧-احترام الخصوصية وانتقاء الأساليب العلمية والتقنية التي تتناسب مع ظروف المجتمع الكويتي وثقافته وتقاليده وتحفظ هوية المجتمع الكويتي وتحفظ الأمن الوطني والاستقرار السياسي والإجتماعي وفي نفس الوقت استخدام النماذج والنظم الدولية المتطورة والمتميزة والتركيز على الخصوصية للدولة وأثرها على أداء الحكومة Think globally and act locally واستثمار المزايا التنافسية وتحسين الخدمات العامة وفي مقدمتها توفير الأمن والاستقرار وتنفيذ القوانين

‏١٨-تفعيل المساءلة Accountability والرقابة والمتابعة والمحاسبة لمتخذي القرار في القطاع الحكومي والخاص لتحسين الأداء ومكافحة الفسادAnti-Corruption .

‏١٩-الالتزام الوظيفي Commitment من كافة الأطراف والقيادات الحكومية والجد والاجتهاد لتحقيق الأهداف بجودة عالية.

‏٢٠-إعداد برامج لتوعية العاملين Awareness and Training بالأجهزة الحكومية بمفاهيم الكفاءة والاداء المؤسسي وتطوير نظم قياس وتقييم الاداء الحكومي. Performance and Management Evaluation 

‏٢١-الاستفادة من التطور في نظم الاتصالات وتقنية المعلومات لتحديث الادارة الحكومية وكفاءة استخدام الموارد البشرية والمادية وزيادة الفعالية والكفاءة Effectiveness and Efficiency في الجهاز الحكومي من خلال إداخال النظم الالكترونية الحديثة في الجهاز الحكومي E.Government

‏ ٢٢-تفعيل مباديء العقاب والثواب وبما يواكب عصر العولمة والتكنولوجيا الرقمية. Digital Technology 

‏٢٣- إعداد القيادات الإدارية والشبابية لقيادة الجهاز الحكومي بكفاءة وفاعلية

‏٢٤-يجب التعامل مع الخصخصة ودور القطاع الخاص بمهنية وحرفيةبحيث يتم نقل روح وسمات ونهج القطاع الخاص والتي تحسن من أداء وكفاءة القطاع العام مثل نظم الادارة والجودة ونظم التقييم والقياس ونظم تحفيز التجديد والابتكار

‏٢٥-ويجب أن يمارس القطاع العام دوره في مجال السلع والخدمات العامة كالدفاع والأمن والعدالة وتطبيق القوانين وحماية الأخلاق العامة والمسئولية الإجتماعية وقيمة الالتزام في مخاطبة الأطراف الإقليمية والدولية.

‏وعليه فإن تحديد والإتفاق على ايجاد الرؤية الإستراتيجية Strategic Vision وتبني الادارة الاستراتيجية Strategic Management والتفكير الاستراتيجي Strategic Thinking والقيادة الاستراتيجية Strategic Leadership في أجهزة السلطة التنفيذية أصبح مطلبا ملحاً وخيارا لابد منه للتكييف مع المتغيرات المتسارعة واستثماراً للفرص والحد من الأثار السلبية للمخاطر والأحداث ومشاركة المواطن في تحمل مسؤلياته الوطنية وزيادة كفاءة أداء الجهاز الحكومي مع التركيز على قدسية قيمة الأمن الوطني من أجل تحقيق السعادة وتوفير الأمن والأمان والاستقرار السياسي والاجتماعي وصيانة الحقوق والحريات العامة.

‏وفي الختام يجب أن تهتم سياسات الأمن الوطني بمجموعة من التوازنات:

‏١-التوازن بين التكلفة المادية من جانب والتكلفة البشرية من جانب آخر.

‏٢-التوازن بين الشفافية والمكاشفة من جانب وضرورة السرية من جانب آخر.

‏٣-التوازن بين حرية تصرف القائمين على الأمن الوطني من جانب والقيود المفروضة عليهم من جانب آخر.

‏٤-التوازن بين الرأي العام من جانب ورأي الخبراء والمتخصصين من جانب آخر.

‏٥-التوازن بين السياسات الأمنية قصيرة المدي من جانب وسياسات الأمن الوطني طويلة المدى من جانب آخر.

‏٦-التوازن بين سلطة الدولة من جانب والحريات العامة من جانب آخر.

‏و يجب العمل على تأكيد أهمية التكامل بين كفاءة وفعالية الحكومة وقدسية الأمن الوطني والتأكيد على مبادئ الحكم الرشيد ومقوماته في زمن العولمة والتغييرات والتحولات العظمي Mega Trends التي يشهدها العالم.

‏وأخيرا أدعو السلطة التنفيذية لقراءة المرجع العلمي القيم ( دول الخليج العربي وقدسية قيمة أمنها الوطني في عصر العولمة) طبعة 2016 للدكتور جاسم محمد خلف.وخاصة الفصل الحادي عشر حول “كفاءة أداء الحكومة وقدسية قيمة الأمن الوطني ” للاسترشاد به .

‏إن من السهل التنظير ولكن يبقى المطلوب هو الجد والإجتهاد والعمل الجاد والمخلص من الجميع سواءً من السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية أو السلطة القضائية أو المواطنين أو المقيمين على هذه الأرض الطيبة.

‏والله ولي التوفيق وبه نستعين.

‏د.محمد الدويهيس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock