أخبار منوعة

مؤتمر (العلوم في الحضارة الإسلامية) يتناول عوامل التقدم والتراجع في الحضارة الإسلامية

استعرض المشاركون في الجلسات المسائية لمؤتمر (العلوم في الحضارة الإسلامية واثارها الفكرية والثقافية) اليوم الثلاثاء مظاهر التقدم العلمي وأسباب تراجعه في الحضارة الإسلامية متخذين عصر سلطنة المماليك في مصر انموذجا للازدهار.
وحددوا مظاهر التقدم العلمي في الحضارة الإسلامية في الاستقرار السياسي وما نتج عنه من نظم للادارة والتعليم ساهمت في بلوغ المصلحة العامة وتعزيز الانتماء فيما ارجاوا أسباب التراجع الى عوامل سياسية واجتماعية حاصرت الحرية الفكرية وجففت المنهجية النقدية وآليات التدارك والتعديل.

وأكدت استاذ التاريخ في جامعة الكويت الدكتورة حياة الحجي في الجلسة السادسة (مظاهر التقدم العلمي في الحضارة الاسلامية) ان حكم المماليك في مصر (1250-1517 ميلادية) كان حقبة من الاستقرار والاهتمام بالتعليم ما جعلها “قلب النشاط والفكر الإنساني واساس التكوين السياسي والاجتماعي والاقتصادي” للمجتمع.

وقالت الدكتورة الحجي ان العلماء الغربيين اهتموا بشكل كبير بدراسة هذه الحقبة في الحضارة الإسلامية مرجحة ان تكون الفكرة “القومية” هي ما شكلت صورة نمطية سيئة لهذا العصر وأحد أسباب سقوط حكم المماليك.

واضافت ان التعليم في ذلك العصر كان القاعدة المتينة والحصن الثقافي للمنطقة معتبرة الاستناد الى العقيدة الاسلامية من اهم العوامل التي ساهمت في ازدهار التعليم في حكم المماليك.

واوضحت ان وجود عقيدة دينية كنظام حكم وإدارة لنشر الانتماء بين الناس تحققت معه حالة الاستقرار لبلوغ الاهداف الاستراتيجية ومصالح العباد.

وأفادت الدكتورة الحجي ان التعليم في تلك الحقبة كان مجانيا بالكامل علاوة على صرف رواتب للطلبة وتوفير المسكن والملبس لكل الرعية بغض النظر عن الانتماء الجغرافي أو القومي.

واعتبرت تبعية المدارس في تلك الحقبة الى نظام الأوقاف من المميزات الساطعة لذلك العصر حيث مكنت الطبقات الاجتماعية من دعم التعليم ونشر الثقافة والأدب ليتعزز معه حس الانتماء وفرض الاستقرار.

بدورها قالت أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت الدكتورة رابحة النعمان ان الحضارة الإسلامية هي نتاج فكري ونشاط علمي للعديد من العلماء والمفكرين من شعوب وثقافات مختلفة تلاقت تحت مظلة الإسلام مشيرة في هذا الصدد الى الانتاج العلمي لأبي زيد البلخي (850-934 ميلادية) في مجال علم النفس .

وأكدت الدكتورة النعمان ان كتابات البلخي لا تختلف كثيرا مع علم النفس الحديث قائلة ان اسهامات البلخي تناولت علم النفس كعلم خاص مستقل عن العلوم الأخرى.

واوضحت ان هذا العالم الجليل هو من اوجد العلاقة الطردية ما بين صحة النفس والبدن بل وتشديده على ان اعتلال صحة النفس قد تكون أكثر تلازما من البدن في العديد من الحالات بين البشر.

وفي الجلسة السابعة حول (أسباب التراجع العلمي في الحضارة الإسلامية) قال أستاذ السياسة الشرعية في جامعة قطر الدكتور عبدالحميد الانصاري ان ازدهار الحضارة الإسلامية سابقا كان بسبب تمييز الإسلام والقرآن الكريم للعقل وحثهما للسعي وراء العلم والمعرفة في شتى ارجاء الأرض.

ورجح الدكتور الانصاري عدة عوامل أدت الى تدهور هذه الحضارة وتوقف التقدم العلمي والمعرفي بل وتراجعه ومنها العامل السياسي المتمثل في “الانقلاب” المنهجي الذي طرأ على أساليب الحكم بعد ان كانت قائمة على مبادئ الشورى والعدالة والمساواة.

واضاف ان هناك عوامل اجتماعية لاسيما مكانة المرأة اثرت بشكل سلبي ومباشر على الحكم والمجتمع وخلقت “مناخا مجتمعيا” يقبل تهميش المرأة ويعزلها عن ركب المجتمع.

وتطرق كذلك الى انحسار الحرية الفكرية والتعصب المذهبي المتسارع “لتتعطل ملكات الابداع والابتكار والاجتهاد والإنتاج المعرفي” وشيوع منهج التقليد والهيمنة الثقافية الاحادية دون تجديد او إضافة علمية او معرفية نافعة.

ومن بين عوامل التراجع قال ان غياب منهج نقد الذات وآلية التصحيح المتسمرة مكنت من تراكم الأخطاء وتعذر الإصلاح وشيوع التخلف العلمي والمعرفي والديني ثم التراجع والانهيار.

من جهته قال الباحث والكاتب المصري الدكتور حامد طاهر ان العالم الإسلامي وحتى منتصف القرن ال17 كان “متماسكا وذا مهابة” قبل ان تنهض أوروبا على المستوى العلمي والفكري وتتوسع في كشوفها الجغرافية.

واشار الدكتور طاهر الى (ثورة المنهج) في أوروبا والتي تخلت عن منطق ارسطو المعتمد على القياس واحلال المنهج التجريبي لاسيما في بريطانيا وفرنسا ليحقق “نهضة حديثة في كل المجالات منذ القرن ال18”.

واعتبر ان العالم الإسلامي ظل بعيدا عن هذا المنهج الجديد ولم يعرف عنه في صورته المتكاملة سوى شذرات قليلة في النصف الثاني من القرن ال20.

وحدد ستة عوامل ساهمت بشكل مباشر في تدهور العلم في العالم الإسلامي تتصل بتغليب العلوم اللغوية والدينية على العلوم العملية والرياضيات والخضوع لمنطق ارسطو “الذي ابعد العلماء عن دراسة الواقع” والتوقف عن الاستعانة بافكار الأمم الأخرى وإضفاء هالة من التقديس على اراء السابقين واستمرار انتشار الأمية وحرمان المرأة المسلمة من حقها في التعليم اسوة بالرجال.

ويختتم المؤتمر الذي انطلق يوم امس الاثنين ضمن فعاليات الكويت (عاصمة الثقافة الإسلامية 2016) أعماله صباح غد الاربعاء.(كونا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock