د. يوسف المرتجي يكتب: يقولون ….
أسمعتم بهذا المصدر “يقولون”؟ يقول فلان “وهذا عروقه بالماي” … أخبرني من أثق به وأعرف مكانته …والكثير من المصطلحات التي تستخدم في نشر أخبار مفبركة وكاذبة ولا صلة لها بالواقع والصحة سوى أنها لنشر الفتنة وتفكيك المجتمع وشحنه, سواء كانت عن أشخاص أو شركات أو قرارات أو أسر لها مكانتها في المجتمع، وتبدأ بشخص حاقد على المجتمع وتنتشر بسرعة بين أفراد المجتمع دون وعي ولكن لها أثر بالغ السوء وهو ماسعى اليه مطلقها.
وهذه هي الإشاعة التي تنتشر بسرعة بالمجتمعات كإنتشار النار في الهشيم حتى تأتي عليه كله.
وقد استخدمت الإشاعة منذ فجر التاريخ كوسيلة من وسائل الحرب النفسية لما لها من قدرة هائلة على عمل ماتعجز عنه افتك الأسلحة، وهي من أهم الوسائل لتفكيك المجتمع وبث روح التفرقة والعنصرية والخوف وشحن أفراده ضد بعضهم البعض فيسهل هزيمة المجتمع والسيطرة عليه من أعدائه والمتربصين به. وقد روي أنها كانت سبب موت الفيلسوف سقراط عندما اشيع عنه بانه يحرض الشباب، وقد استخدمها مشركي قريش في غزوة احد عندما بثوا نباء وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لخفض الروح المعنوية في الجيش الاسلامي وجره الى الهزيمة . والمطلع على التاريخ يجده زاخر بالمواقف التي فتكت فيها الاشاعة بالمجتمعات بعد ان كانت مستقرة وما ذلك الا لاستسلام افراد المجتمع وتناقلهم لها وعدم وقفتهم وقفة رجل واحد ضدها . ومن الطبيعي ان تنشط الاشاعات عند توفر البيئة الخصبة لها وغالبا ماتكون وقت الازمات سواء السياسية أو الإجتماعية أو الصراعات المجتمعية و الاسرية من طلاق وخلافات فيسعى كل طرف للتشهير وإطلاق الأكاذيب عن الطرف الآخر بغية تشويه سمعته والانتقام منه أو لمحاربة شركة ناجحة تحت ذريعة المنافسة والتي للأسف هي منافسة غير شريفة يبغضها الدين, وقد بلغ في البعض أن يطلب من شخص أن يطلق اشاعة عنه كترشحه لمنصب أو أمر ما بهدف النواحي الاعلامية ولفت الانظار.
أما من النواحي النفسية فان الافراد يستخدمونها من اجل التنفيس عن التوترات الداخلية , مما يشعر الفرد من خلالها بالراحة , أو قد تكون للتمني أو اثارة موضوع معين أو استطلاع رأي مجتمعي أو اختبار قوة تماسك مجتمع معين , او لبث الكراهية وتفكيك المجتمع ولبث الخوف وخفض الروح المعنوية , ويعتبر الشباب اهم وقود للاشاعات واقوى الوسائل التي تساعد على نقلها.
فيا شباب الكويت ان الاشاعة خطرها لايضاهيه خطر فيفتك بالمجتمع ويمزقه شر تمزيق , فكونوا بالمرصاد لمن يحاول نشرها ولاتكونوا وسيله يستغلها اعداء الوطن .
تدبروا في قول الله تعالى (ياأيها الذين امنوا إذا جاءكم فاسق بنباء فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة وتصبحوا على مافعلتم نادمين )
د. يوسف المرتجي
قسم علم النفس
كلية التربية الأساسية