كتاب أكاديميا

إياكم والحب المشروط | الشيخة حصة الحمود السالم الصباح 

الحب الحقيقي هو ذلك الإحساس الأقدس والأروع الذى أوجده الله فى نفوس كثير من مخلوقاته ملائكة وإنس وجن وحيوان، هو ذلك الوقود الذي يحرك كل مشاعر النفس نحو النفع والتكيف والتواصل.

الحب الحقيقي عند الانسان هو الحب لذات المعنى بمعنى ان الانسان يحب من أجل ان يستمتع بذلك الاحساس الذي لا يمس إلا القلوب الكبيرة واصحاب الروح العظيمة بمختلف أزمانهم وأماكنهم، هو ذلك الاحساس العظيم الفريد الوحيد الذي يجمع بين اثنيات أو أكثر وان لم يجمعهم نفس المكان والزمان .

لا شك ان أعظم حب هو حب الله لعباده ورحمته بهم وهو الحب الذي قام به هذا الوجود ، وحب الله لرسوله هو ذلك الحب الذي لم يجعل الله يكلف رسوله ما لا يطيق فى دعوته حيث جعله الله فقط مبلغ للرسالة ولم يجعله على الناس بحفيظ أو بوكيل او بجبار او بمصيطر وذلك لكى يستمتع نبينا بحب الله وبالحق والحقيقة ، ولذلك استطاع النبى الكريم (ص) ان يجمع حوله اصحاب القلوب الصافية والفطرة السليمة من أهل بيته واصحابه حتى عم هذا الحب المشرق والمغرب ، فنجد انفسنا نهيم حبا وعشقا للحبيب المصطفى على الرغم من البعد الزماني والمكاني ومن ذلك الحب الإلهي انبثقت كل مشاعر الحب والتراحم بين الخلائق فلا يحيا أي مجتمع بشرى الا بالحب الحقيقى الخالى من شوائب المصالح والمنافع الوقتية .ان من اخطر ما يواجه اى مجتمع هو الحب المشروط وخاصة من داخل الاسرة وللاسف نحن جميعا فى مجتمعنا العربى نواجه هذه المشكلة ولا نشعر بحجم هذا الخطأ فى الحب المشروط وخاصة فى تربية اطفالنا، حيث اننا لا نراعي قلة خبرتهم بالحياة او ربما انعدامها، حيث نكافئهم فى الصواب ونعاقبهم فى الخطأ وللأسف هذا السلوك ينشئ انفصام فى مشاعر الأبناء ولا يجعلهم يعرفون على وجه الدقة هل نحن نحبهم ام نكرههم، ولا شك ان اطفالنا بحاجة الى ان نغمرهم فى طفولتهم بمشاعر المحبة مع النصح اللطيف والتوجيه والمتابعة الدائمة فذلك أفضل لهم ليكونوا اسوياء نفسيا عند نضوجهم العقلى والبدنى واكتساب مزيد الخبرات الحياتية ، وانى ارى ان ذلك المنهج هو الافضل لإيجاد مجتمع قوي قائم على الحب الحقيقى الانسانى بين افراده بدون النظر الى الاختلاف الظاهرى بين البشر ، الحب المشروط يزول بزوال السبب وهو حب مضطرب مؤقت يؤدى الى التربص فيما بيننا بغير حق ، هو حب يقتل الاحساس بالخصوصية والابداع والحريات ، الحب المشروط تغلب عليه الكراهية فى اغلب الاحيان لأنه يشترط الكمالات الصفاتية وهذا مستحيل فى حق البشر باستثناء الانبياء والرسل.

قليل من التدبر لمعنى الحب والأمثلة والمواعظ كثيرة ولكنها لا تجدى الا بالتدبر وان الحياة اقصر من ان نضيعها فى الكراهية والبغض والتحاسد فيما بيننا.

بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock