أيها السادة .. قليلاً من الحكمة | د. سالم مطرود
قبل نحو أكثر من ثلاثة اسابيع شاهدت وتفاجأت كحال الكثيرين من تداول اسمي في مواقع التواصل الإجتماعي من خلال هاشتاق (شكرا_دكتور_سالم_مطرود )، الذي تداوله الكثير من المغردين في الفترة الماضية لشكري من قبل مجموعة من الطلاب لحصولهم على تقدير امتياز. مع انني لا أرى سوى أنني قمت بواجبي وعملي الذي لا احتاج ثناءاً عليه من أحد.. فأنا اتقاضى راتباً مجزيا مقابله .. ولأنني وبكل اختصار أنصفت طلابي وجازيتهم بما يستحقونه وما أجتهدوا وماعملوا لأجله طوال فصل دارسي مرهق وقاسي وظروف خاصة بالنسبة لطبيعة المادة وخصائصها التي يجهلها الكثيرون.
وإرتأيت أن انتظر حتى هذا الوقت لأفند وأُسهب وأُجيب على كل النقاط التي أٌرعد وأزبد حولها بعض من الجهلاء. فلا أخفي عليكم بدايةً فقد فرحتٌ بكمية الحب ولمسات الوفاء النبيلة التي لا تخرج الا من شباب طموح قادر على رسم مستقبل أفضل لبلده ولأهله، أحب أن يعبر عن شعوره بشكل عفوي حينما ينال ما يستحق وما اجتهد لأجله.
ومن جانب أخر قد رأيت ردود افعال مجموعة لا تتسم بالحكمة ولا بالموضوعية مِن من يريدون أن يدلوا بدلوهم في كل شاردة وواردة.. سواء كانوا يفقهونها أم لا. مستخدمين نفوذهم الإعلامي والأكاديمي لتشويه والتشكيك في حقائق مثبتة وواقعية لاستغلالها وتوظيفها إعلامياً لصالحهم. فنحن نعرف بلدنا جيداً واوساط المجتمع فيه دائما مايتاثرون بالقضايا الإعلامية خصوصاً عندما يتحدث عنها من يسبق اسمه حرف “الدال” ولأن هذه اللفتة الجميلة سوف تغضب المتسرعين في الحكم وهذا مايقودهم ويجعل منهم حمقى يؤذون الناس بهرائهم وسطحيتهم.
ولكنني يا سادة لم اتفاجأ بردود الأفعال التي تتهمني باللامهنية واللامنطقية وأنني كنت بعيداً عن العدل في تقيمي لمقرر الأسس النظرية للتربية الرياضية الذي حصل غالبية طلابه على تقدير امتياز من خلال عمل جبار وليس لمجرد الحضور كما يروجون.
فأحببت أن أرد على بهتانهم ومنطقهم وحمقهم بشرح ماهو المقرر وماهو طبيعته وكيف إستحق هؤلاء الطلاب هذا التقدير من خلال مقالي هذا. وكذلك ألتفت قليلاً لهم لأعطيهم درساً في ما يعرفونه ويقرأونه ومتأكد بأنهم لا يفقهونه ولا يدركونه.
أيها السادة بإختصار، إسم المقرر هو الأسس النظرية للتربية الرياضية (أي أنه تربية بدنية ومشابه كثيراً هو ومقرر الأسس التطبيقية للتربية الرياضية في كثير من المحتوى والأهداف بمقرر وضعته وزارة التربية لتدريس مادة التربية البدنية “ألعاب” لطلاب صف الحادي عشر وجعلته إلزامي للمرحلة الثانوية) فالمقرر مستواه 100 ولمن لا يفقه هذا المستوى فعليه بالرجوع الى صحائف التخرج أو مايسمى “Degree Plan” لمعرفة محتويات هذه المقررات وطبيعتها وأهدافها المنشودة والمرجوة.
فمقرر الأسس النظرية ماهو إلا مقرر اختياري من المقررات الثقافة العامة، فهو ليس متطلب أساسي لتخصص بعينه. فكل ماندرسه في هذا المقرر لا يخرج من اهمية التربية البدنية والنشاط البدني وتأثيرها علي المجتمع والصحه واهمية ممارسة الرياضة يومياً وكذلك نتطرق لمعرفة كم عدد الأندية الكويتية وتاريخها وكذلك مشكلتنا الرياضية وأسبابها، ومادور الرياضة في خدمة الشباب وتطوره. وكيف نخلق جو ايجابي مؤثر للشباب ونجعله قادر على مناقشة قضاياه الرياضية دون تعصب أو تحزب. وكذلك يقودهم هذا المقرر لقيام الطلاب بإجراء بحث ميداني يغوصون خلاله في الميادين (حكومية/اهلية) التي تناسب ميولهم ويقيمونها وفق ملامستها للواقع والمشكلات التي تحول أو تعيق تطبيقها، فمثلا هناك طالب اختار الهيئة العامة للرياضة واختار فيها قطاع الرياضه وذهب الى ادارة الرياضة للجميع ليشاهد ماتقدمه هذه الإدارة للفئة التي ينتمي اليها ويشاهد هل هو مطبق على أرض الواقع ومالذي يمنع تطبيقه وماهي الحلول المناسبة من وجهة نظر علمية هو وزملائه للتغلب على هذه المشكلة. وكذلك اختيار شخصية رياضية مؤثرة ليكون او تكون ضيف لهذا المقرر مع فتح باب النقاش والحوار وعمل ورقة نقدية (Critique Paper) لما قاله ومطابقته للمحتوى.
فهو مقرر جداً ممتع وشيق بالنسبة للشباب فهو يتيح لهم الكثير من حرية التعبير والابداع بطرح الافكار والرؤئ التي تناسب كل قضية على حده. ناهيك عن الجانب العملي الذي يتطلب ممارسة بعض الأنشطة الرياضية والتي تجعل من الطلاب يزاولون الانشطة الرياضة من خلال برنامج محدد نطبقه للأسف خارج اسوار جامعتنا لان الجامعة لاتوفر صالة لتدريس مقررات التربية الرياضية مع العلم بوجود هذه الصالات المخصصة والمهيأة لذلك (والسبب المضحك المبكي هو الأهمية التي يوليها مدير الجامعة وامينها العام ونائبه لشئون المرافق لتدريب فريق منتخب الجامعة الذي لانكاد نسمع عنه ولا عن ادائه على حساب طلابنا وتعليمهم ورؤية الجامعة ومهمتها وهذه مثبته بالوثائق والمراسلات).
فنحن اساتذة هذه المقررات جاهدنا ومازلنا نجاهد كثيراً لأن تدرس هذه المقررات بشكلها الطبيعي داخل اروقة جامعة الكويت فتارة نستخدم علاقتنا الشخصية للحصول على موقع من الأندية المجاورة وتارة اخري نقوم باستئجار بعض الملاعب الخارجية من أموالنا الخاصة لتدريس هذه المقررات وزملائنا في القسم العلمي وطلابنا في جميع الشعب يعلمون ويشهدون بذلك جيداً.
اما فيما يختص بمن تحدث عن المنطق وعن الفروق الفردية والتي تجعل من ال Normal Distrpution الأساس والمتحكم بمنطقية درجات الطلاب وقدراتهم والذي يستندون عليه في تُقييم الطلاب وان درجات المقرر لابد ان تكون ملامسة له أو قريبة منه فأنا والله أود أن أجهر لكم بأنك من يحتاج الى أن يتعلم من جديد وأنكم والله قد خسرتم اذا كان هو فقط ماتستندون له في تعليمكم فأنتم لم تمهدوا لطلابكم طريق الحصول عن مايستحقونه ولم تجعلوا مقرراتكم نافذه للإبداع يرون من خلالها طريقهم نحو مستقبل أفضل. وإنكم سلمتم أنفسكم وتقيمكم وجهود طلابكم الى ماتؤمنون به وحدكم أنتم فقط وهو انه يجب وفق ماتؤمنون به ان عشرين بالمئة من الطلاب سيحصلون على الدرجات العليا والبقية معدلاتهم تحت هذا المستوى.
فهذا يجعل بيئتكم التعليمية بئية ضجرة تعتمد على التلقين وليس الابداع والتطوير والتحفيز. واذا كنت لطيفاً معهم أعطيتهم من ما تملك وليس من ما يعملون لاجله اي مايسمي “بسياسة الكيرف” وهي سياسة لا تأتي من قياس علمي واكاديمي دقيق بل بالهِبه وبالصدقه والزكاة على الطلاب وكانك تتصدق على فقير او محتاج وهذا مارفضناه انا وزملائي في شعبة التربية الرياضية.. ايماناً منا بان الطالب يجب ان يعمل ويستفيد مادام وقت الفصل الدراسي يسمح. ومن خلال هذه قمنا بدعم سياسة البونص والجهد المضاف وعملنا على تطوريها لنجعلها محببه لهم وبسطنا ومهدنا الطريق نحو الحصول عليها من خلال جهود ليست بالسهلة ولا اللينة وانما متوفرة ومحببه، اي ان الطالب يستطيع طوال الفصل الدراسي السعي والحصول على درجات تؤهله للحصول على اعلى تقيم شريطة الإستفادة العلمية وتحقيقه أهداف المقرر والعمل على اكتساب نمط حياة صحي ورياضي في حياته ومجتمعه. فمن غير المنطقي يا من تفهمون وتفتون بالمنطق أن يقارن مقرر اختياري في كلية التربية يدرس التربية الدنية بمقرر تخصصي في كلية العلوم يدرس الرياضيات.
هناك إختلاف كبير في محتوي المادة وخصائصها وحتي مستوي السهولة والصعوبة فيها يختلف. كذلك أردت ان اضيف لمن يتكلم بالمنطق والعدل انه 90% من هؤلاء الطلاب المسجلين في المقرر هم من كليات علمية (كالعلوم والهندسة والصيدلة) وهي كليات لا تقبل الا من يحمل معدل متميز وذو قدرات تقوده إلى التميز في هذه الكليات.
لذلك وددت ان أصارح الجميع بمجموع درجات غالبية طلابنا في هذا المقرر الذي صاحبه الكثير من سوء الظن والتشكيك بمستوي طلابنا والذي نفاخر بهم وبقدراتهم المتميزة التي جعلت منهم حديث للجميع. كذلك أردت ان أوضح أن مجموع درجات الطلاب في هذا المقرر مابين 94 الى 113 من أصل 100 وفي شعب اخرى لنفس المقرر مابين 85 الى 105 الذي سعيتم جاهداً لتعرفوه. فقبل ان تشكك في ادائي التدريسي والتعليمي وهذا مالا أقبله من احد قط. فهو ما ٱأمن به وما جاهدت لكي أحصل عليه، وسوف أقاتل من أجله. فأنا في هذا المقال أوجه لك الدعوة المفتوحة لتحضر معنا وتتعلم منا وقد تستفيد وتفيد، لا أن تشكك بطلابي وقدراتهم وإبداعهم ولا بإدائي وقدراتي الوظيفية.
د. سالم مطرود
أستاذ المناهج وطرق التدريس
كلية التربية – جامعة الكويت