كتاب أكاديميا

د.حمد العصيدان يكتب : من العارضية إلى… المطار!

| د. حمد العصيدان |
بعد أن فرضت الأحداث التي شهدتها تركيا نفسها على العالم الأسبوع الماضي، وما زالت تداعياتها مستمرة حتى اليوم، نعود إلى شأننا الداخلي وهمومنا وقضايانا التي لا تكاد تنتهي. ولا شك بأن شأننا الأكاديمي له النصيب الأكبر في ما نتناوله في نقاشاتنا.
فلا شك أن ما شهدته كلية التربية الأساسية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، من انهيارين لمبنى مواقف السيارات، يعكس صورة من صور «اللاوطنية» التي اتصف بها منفذو المبنى والقائمون عليه، عندما أباحوا لأنفسهم تجاوز القانون وعدم الالتزام بشروط التنفيذ والإخلال بها، توفيراً للمال في صورة من صور السرقة، ولو على حساب حياة المواطنين.
فمن نفذوا تلك المواقف، ولا ندري إذا كانت مباني الإدارة وقاعات التدريس بالرداءة نفسها من التنفيذ، ارتكبوا ـ من وجهة نظري ـ جريمة كبرى، عندما لم يلتزموا المواصفات والمقاييس المتفق عليها للعمل، وأخلّوا بها، بالتقليل من كميات الأسمنت أو الحديد، لتوفير المال، وهم يعلمون علم اليقين أن طلبة ومدرسين سيستخدمون هذه المواقف، ومن المحتمل في أي لحظة أن تسقط الأسقف الاسمنتية على رؤوس الطلبة، فتحصل كارثة.
وإذا كان الله تعالى قد أنجانا من كارثتين متتابعتين، بعدم وجود طلبة أو مدرسين في الموقعين لحظة الانهيار، فإن ذلك مدعاة لوقف استخدام المواقف فوراً قبل عودة الطلبة إلى كلياتهم، وتشكيل لجنة فنية تفحص مدى قوة وتحمل تلك المواقف لحركة السيارات وثقلها، حتى نتجنب وقوع حادثة ثالثة يكون فيها طلبة أو مدرسون، وفي الوقت نفسه يتم تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤول عن الانهيارين، ومن وراءه لمحاسبتهم وإحالتهم على القضاء بتهمة الخيانة، ليكونوا عبرة لكل من يريد أن يغش في عمله ليوفر المال على حساب الوطن وأهله.
إن الانهيارين لم يكونا أول حادث من نوعه، ولن يكونا الاخيرين، طالما هناك نفوس مريضة تحسب حساب الربح الشخصي على حساب الوطن وسلامته. فمازلنا حتى اليوم نعاني من أثر مشكلة تطاير الحصى في الشوارع وفساد عمليات الاسفلت التي تكشف فساداً كبيراً يقف وراءها، وعمليات سرقة على حساب الوطن، يشترك فيها المقاول المنفذ ومن يراقبه ومن تسلم منه العمل بعدما أنجزه. فهناك طرق لم يمض عامان على تجديد طبقة الأسفلت الجديد فيها حتى انسلخت وأصبحت الحصى تتطاير على السيارات لتكسر الزجاج وتهدد حياة الناس.
وقبل الاسفلت ومواقف العارضية، سقطت أسقف مبنى منطقة حولي التعليمية الجديد قبل تسلمه وانتقال الموطفين إليه. وقبلها اكتشفت عيوب إنشائية في مبنى منطقة مبارك الكبير التعليمية، وغير ذلك من القضايا. فهي حلقة متصلة من الفساد والمفسدين، ستستمر في إفسادها ما لم تجد ردعاً حقيقياً يوقف متاجرتها بحياة الناس وعدم وفائها بالتزاماتها. ولتكن حادثة العارضية عبرة لأولئك من خلال تحديد المسؤول الحقيقي والمباشر عنها وتقديمه للعدالة ليأخذ جزاءه.
***
كشفت إحصائية لوزارة الداخلية عن حركة سفر مليون مواطن ومقيم في عطلة عيد الفطر عبر المنافذ البرية الثلاثة والمطار، ما بين مغادر وقادم، إضافة إلى تسجيل مطار الكويت لوحده حركة نحو 900 ألف مسافر مغادرة وقدوماً خلال شهر، ما يؤكد أن السفر أصبح إدماناً في حياة المواطن وحتى الوافدين ـ والعرب منهم على وجه الخصوص ـ إذا لا بد من مغادرة حر الكويت الذي يسجل أرقاماً قياسية هذه الأيام، إلى نعيم أرض الله الواسعة.
وأمام هذا الهجوم على السفر، شهد مطار الكويت حالة من الازدحام غير العادي، لم تنفع معه كل محاولات وزارة الداخلية منع المودعين من دخول مبنى المطار والاكتفاء بالتوديع عند البوابة أو في مواقف السيارات، ولا حتى محاولات مؤسسة الطيران المدني جدولة الرحلات لتوزيعها على كل الأوقات لفك عقدة الازدحام.
هذا الأمر يعيد إلى الأذهان ما طرح سابقاً وأخذ حقه الكافي من الجدل والنقاش لمشروع تطوير المطار أو حتى افتتاح مطار جديد، فهل يمكن أن يستوعب مطار الكويت الصغير مئات الآلاف من المسافرين؟ ولماذا لا تتم الاستعانة بمطار سعد العبدالله في هذا الظرف الطارئ؟ مصيبتنا تكمن في التنظير والتحليل وتحديد أسباب الخلل وطرح الحلول البديلة، من دون أي تحرك نحو تطبيق هذه الحلول على أرض الواقع. فالزحام في المطار كان خانقاً، وطوابير المسافرين امتدت لمسافات أمام كوى الوزن، ومعه تم التشخيص ووصف الحل، ولكن ذلك لن يتجاوز القول الناتج عن رد الفعل على المشكلة، سرعان ما ينتهي مع تناقص أعداد المسافرين، من دون أي تحرك جاد، ثم يطوى الملف حتى الصيف المقبل.
ولعل المبادرة التي قامت بها شركة طيران «الجزيرة»، عندما حصلت على الموافقة لإنشاء مبنى خاص لها بعيدا عن زحام المبنى الرئيسي، ستكون باكورة عمل لحل الأزمة السنوية التي تستعصي على الحل. فخطوة «الجزيرة» رائدة ويمكن البناء عليها للتوسع في المباني للمطار، ولا بأس من تحويل بعض الشركات إلى مطار سعدالعبدالله للتخفيف من الزحام.
[email protected]
@Dr_alasidan

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock