شبان من غزة يحاربون البطالة بـ”الورود”
“النجاح يولد من فكرة” هذا هو الشعار الذي اختاره أربعة شبان من قطاع غزة، للبدء في مشروعهم المتواضع، وتوفير مصدر دخل لهم، يخرجهم من دائرة البطالة التي تفتك بالمجتمع الغزي.
الشاب ياسر الترك (22 عاماً) وبرفقة شقيقه الأصغر واثنين من أبناء عمومته، أسسوا مشروعهم الخاص، والذي اهتدوا إليه من خلال استنباطه عن الأرياف الألمانية التي تنتشر فيها ظاهرة بائعي الورود.
وتعد الفكرة هي الأولى من نوعها في قطاع غزة، حيث يقوم ياسر ورفاقه في المشروع على شراء الورد الجوري وتزيينه بأساليب فنية مبتكرة، للتجول بها على دراجاتهم الهوائية في الطرقات والساحات العامة.
طموح واحتياجات
يقول الترك لـ24، إنه تخرج قبل ثلاثة أعوام من قسم المحاسبة بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، ولم يجد خلال سنواته الثلاث أي فرصة عمل تلبي طموحاته واحتياجاته، لافتاً إلى أن بعض الفرص المتوفرة كان أساسها استغلال حاجة الخريج للعمل.
ويوضح الترك، أنه عانى كثيراً في الحصول على فرصة عمل، إلى أن اهتدى إلى الفكرة، والتي ستكون بداية لمشروعه الخاص، بعيداً عن البطالة والاستغلال المتعمد للخريجين، مشيراً لوصوله للفكرة من خلال بحثه المتواصل عبر مواقع الإنترنت عن مشاريع شبابية جديدة تحقق الربح بطريقة غير مكلفة.
ويضيف: “أخذنا الفكرة من الريف الألماني والذي تشتهر فيه مهنة بائعي الورد، ووجدنا في مناطق غزة العامة والأكثر اكتظاظاً بالمتنزهين مكاناً ملائماً لتنفيذ مشروعنا، فيبدأ نهارنا بإعداد الورود وتزيينها بأساليب فنية، وليلاً بالتجوال في الساحات العامة وعرضها للبيع على المتنزهين”.
وتتنوع أنواع الورود التي تستخدمها المجموعة ما بين الطبيعية كـ “الجوري والقرنفل” والصناعية، ويبتاع المواطنون الورد الجوري بخمسة شواكل “دولار ونصف دولار أمريكي”، فيما يبيع وردة القرنفل بـ 2 شيكل، ما يقارب “نصف دولار أمريكي”.
زي موحد.. و300 دولار
ويعتمد فريق العمل على الدراجات الهوائية في التنقل والتجوال، ولهم لباس موحد إلى جانب القبعات التي اعتمدوها ضمن زيهم وسلال الورود البيضاء، برأس مال للمشروع بلغ نحو 300 دولار أمريكي.
ويؤكد أن أهمية الزي الموحد تأتي لإظهاره بشكل لافت وجذاب للمواطنين، مضيفاً: “نحن لا نتسول في الطرق أو كبائعي البسطات على الأرصفة، نريد أن نظهر بشكل حضاري ولائق بالمشروع، فتلك أكثر الأمور التي أسهمت في نجاحنا”.
ويشير الترك، إلى أنه منذ البداية كان هناك تفاعل من المواطنين في غزة واعجاب شديد بالفكرة ظهر جلياً من خلال التقاط الصور معهم، وعملية الشراء والتي إن كانت ضعيفة إلا أنها تنبئ بمستقبل جيد للمشروع، منوهاً إلى أن الفريق يسعى لتطوير الفكرة من خلال خدمة التوصيل للمنازل ولأصحاب المحال والمؤسسات.
ويتابع “إنها لتجربة جميلة أن نطبق أفكاراً جديدة في مجتمع غزة، تكون مصدراً للدخل وتمنحنا فرص عمل”، مؤكداً أن الفريق سيعمل على توسيع العمل في المناسبات العامة ليشمل مناطق متعددة من قطاع غزة.
ويؤكد الترك أهمية أن يعمل الشباب على إنشاء مشاريعهم الخاصة، بعيداً عن انتظار فرص العمل الحكومية والخاصة، في ظل قلة فرص العمل وكثرة أعداد الخريجين، وأن الكثير من المشاريع الشبابية القائمة تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي لتحقق النجاح.