«مطبخ» التعليم وسوق العمل | خالد الطراح
يتضح ان اختلال علاقة مخرجات التعليم مع سوق العمل من اسبابه ضعف القرارات التربوية، وهو ما أكده وزير التربية والتعليم العالي في ندوة كتلة الوحدة الدستورية في اواخر مايو الماضي.
فقد اوضح الوزير د.بدر العيسى ان ثمة عزوفا عن مهنة التدريس، على الرغم من وجود «مطبخ المعلمين»، المتمثل في كلية التربية في الجامعة وكلية التربية الاساسية في هيئة التطبيقي وتدفق عدد هائل من الخريجين، الا ان هؤلاء «النخبة» لا يرغبون في التدريس!
وقال ان «اغلب من يدخلون كلية التربية يتجهون الى التخصصات السهلة، كالاجتماعيات ورياض الأطفال والاقتصاد المنزلي، وهذه التخصّصات لدينا تشبع فيها».
حقيقة استغرب ان يتفوّه وزير التربية بان هناك تخصصات سهلة، مما يعني ان هناك تسيبا في المسار الاكاديمي ككل، بينما يكتفي الوزير بإعلان ذلك في الإعلام!
لكني أتفق مع الوزير بخصوص عزوف خريجي «مطبخ التعليم»، لان الطباخ المسؤول عن التعليم، وهو الوزير يجاري الخطأ في سياسات القبول المنحرفة بسبب ضعف السيطرة على المؤسسات التابعة له ومواجهة ما يعرقل الاصلاح!
هل يعلم الوزير ان هناك قرارات اتخذت سابقا في بعض الكليات بالتنسيق مع جهات رسمية تمخّضت عن وقف القبول في قسم صحة فم الاسنان، وتغيير التخصص الى فني اسنان ووقف القبول نهائيا بمعهد السياحة؟
اذا الوزير الذي تتوافر لديه بيانات مخرجات التعليم والتكدس في كثير من التخصصات «السهلة» لا يملك قرار تحقيق التوازن بين مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، فمن يملك القرار؟
واذا الوزير يعترف بأنه «لا يستطيع السيطرة على المدرس في قاعة الدرس ولا المخيمات الكشفية او برامج التدريب»، فمن يستطيع؟ لكنه يستطيع تشكيل اللجنة العليا للأندية المدرسية!
يذكر الوزير بأنه «تمكن من ازالة النهج الطائفي والقبلي والعنف» الذي كان سائدا في الوزارة قبل تسلمه حقيبة التربية، وهو ما يتناقض مع تصريحه بعدم «استطاعته السيطرة على المدرسين»! علاوة على ما نراه في تناقض تصريحه هذا مع احصائيات، نشرتها القبس اخيرا تتحدث عن تزايد العنف في المدارس، وهي أساسا ليست مشكلة سلوكية بقدر ما هي مشكلة تربوية نتيجة ضعف القرار التربوي، المسؤولة عن التنشئة والتعليم بالدرجة الاولى!
يبدو أن الوزير له ميول للبروز الاعلامي عبر تصريحات «كالمناهج النظيفة والبريئة ومطبخ المعلمين»!
الافضل ان يقنع الوزير الحكومة باستحداث وزارة للتدبير المنزلي، لأنه «تخصص سهل»، فهذه الوزارة من شأنها ان تخفف من الانتقاد للوزير العيسى الذي «ضرب رقما قياسيا في توقيع المعاملات»، على حد وصف الأخ العزيز مرزوق الغانم رئيس مجلس الامة، وتعفيه أيضا من جلوسه في وزارة ربما لا يملك قرارا فيها!
أشكر الوزير على «شقلاباته»، فمنها نتسلى والقارئ ايضا، بدلا من ان نكتم على الأنفاس بموضوعات جادة ومنغصّة!
خالد أحمد الطراح
القبس