عُمان: سلطنة الــ 14 ألف جامع

العمانيون من حقهم ان يفتخروا بوطنهم، وطن ضارب بجذوره في اعماق التاريخ، حضارتهم تعود الى ما قبل (8000 عام)، بلد فيه اكثر من 14 الف مسجد وجامع على ارضها، اعتنق العمانيون الاسلام في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، في السنة الثامنة للهجرة (عام 630 ميلادي تقريباً).

اثناء الجولة التي استمرت ساعات حول صحن المجمع الخارجي للمسجد، تحدث المرشد السياحي الذي رافقنا عن عدد المصلين فقال: صمم المصلى ليستوعب اكثر من 6500 مصل، بينما سعة مصلى النساء 750 مصلية، وهناك مكتبة تضم اكثر من 26000 مجلد مرجعي، وقاعة للاجتماعات (سعتها 200 شخص)، والمسجد محاط بالحدائق والنوافير والمدرجات، ومزين بزخارف هندسية، مطعمة جدرانه بالفسيفساء والزخاف الاسلامية.

وفي اثناء هذه الجولة في جامع السلطان قابوس الاكبر في محافظة مسقط بولاية (بوشر)، رصفت ارضية الجامع ببلاط الرخام بشكل هندسي متناسق، من ممرات العبور الى الاروقة حتى مدرجات الحدائق، وهذه القطع صممت بمقياس سجادة الصلاة على امتداد الاشجار وتشاهد برك رخامية بمجرى مياه (فلج).

قال المرشد السياحي الذي ابا ان نلتقط له صورة او نذكر اسمه إلا بالموافقة، اشار الى السجادة الفريدة من نوعها، حيث إن صناعتها استغرقت اربع سنوات، وابعادها 70/60 متراً. وتغطي مساحة 6263 متراً مربعاً، وهي مؤلفة من 1700 مليون عقدة وتزن 21 طناً، وفي الجامع 35 ثرية، صممت للمصلى الرئيسي، مصنوعة من كريستال (سوارفسكي)، والمعادن مطلية بالذهب، وتشمل 1122 مصباحاً، وتزن بهيكل فولاذها 8 أطنان، وجدران قاعة المصلى الرئيسية مسكوة بالرخام الابيض، والرمادي الغامق، واقواس صماء من الخزف القيشاني (الكاشي الايراني) على شكل (نباتي).

واما المحراب فقد تم تطعيمه بزخارف اسلامية، وبأعمال خزف القيشاني التي تغلف الجدران، وحاشية بخط من الآيات القرآنية الكريمة وثنيه على شكل حبل مفتول مصنوع من الخزف المطلي بالذهب، وشبابيك الزجاج الملون بزخارف مكملة.
◗ السياح ولغة مختلفة
وقالت المرشدة: تتعدد أنواع السياحة، والهدف منها، أي من السفر، هناك سياحة لزيارة الأماكن الدينية، والأماكن التاريخية والمتاحف، وبعضهم للاستشفاء والنقاهة، وللاماكن الطبيعية، وسكان المناطق الباردة يتنقلون الى المناطق الحارة والعكس، وهناك سياحة ثقافة لكسب المعرفة والتعرف على العادات والتقاليد، وتاريخ المكان الذي يعتبر فيه النزعة الروحية، وأثناء هذا التجوال شاهدنا الكثير من السياح الأجانب في هذا المكان (جامع السلطان قابوس) الأكبر في مسقط.

وأثناء زيارتي للجامع شاهدت في الساحات الخارجية والممرات التي تحيط بالمسجد سائحين من إيطاليا وألمانيا جاءوا بالبواخر الى ميناء قابوس خلال شهري يونيو ويوليو، بلغ عددهم 6000 سائح، التقيت أحدهم بعد الإذن من مرشدهم الشاب العماني، قال السائح الإيطالي ويدعى مستر بلاك «الإنسان حي بالفطرة عليه أن يخرج لقضاء وقت فراغه داخل بلاده أو خارج البلاد، عليه ألا يكون فريداً وحيداً بين الجدران، عليه أن يتفاعل مع الناس، وهذا المسجد الكبير معلم تاريخي، ونحن سواح من إيطاليا ومنا من ألمانيا ودول أخرى، تنقلنا الباصات الكبيرة إلى كثير من الأماكن السياحية بانتظام وسهولة، وهذا يدل على فن التعامل مع السائح الضيف، وأنا بعد عدة جولات اعتبره فناً اقتصادياً، والعماني سخي بطبعه، فلذلك نأتي حسب الجدول المخطط له، ولقد ارتبطنا بهذا المسجد ومع من يرشدنا بعلاقات اجتماعية، وكلي أمل أن أنقلها إلى بلدي، ونمط الحياة والتصرفات والعادات والتقاليد في كل شبر غير موجودة عندنا، وهذا النقل يعتبر من ثمرات السياحة، وهذا المكان (المسجد) ولبس النساء الحجاب قبل دخول الساحة دليل على التزام العماني بالقوانين والعادات واحترام الجامع.

وأضاف مستر بلاك: نحن نتقبل هذه الأصالة والعراقة وعددنا بلغ حوالي من 6000 إلى 7000 سائح كما سمعنا.

سلطنة عمان بلد المساجد، فمن خلال الكتب والقراءات عرفنا أن فيها 14 ألف مسجد وجامع، ونحن تقريباً تجولنا ما بين 3 – 4 مساجد بنيت منذ مئات السنين.

وأثناء الحديث مع بلاك تدخل المرشد السياحي وقال: إن أول مسجد بني في السنة السادسة للهجرة زمن اليعاربة أول قبلهم، وأما مسجد الجصة بمسقط فبني حوالي 1890م، وهناك مساجد تاريخية وأثرية في كل الولايات، ولكن جامع السلطان قابوس الذي نحن فيه افتتح عام 2001 فيه أكبر سجادة وأعلى محراب في السلطنة ومكتبة ضخمة.
◗ واجهة ثقافية
بعد هذه الجولة في جامع السلطان قابوس الأكبر، انتقلت مع أخي الصديق علي كرم البلوشي إلى مكتبة جامعة السلطان الواقعة في الشق الشرقي من الرواق فيه مجموعة من أمكنة مرافق المجمع الوظيفية، منها المكتبة، وعند دخولنا استقبلتنا المكلفة بالإشراف على المكتبة السيدة ريا بنت حمد الحبسية كان الترحيب منها يدل على العادات والتقاليد الأصيلة، وصاحبة العقل الواعي والسلوك الراقي، نقلتنا من الضيوف إلى بلدنا الثاني، عشنا المشاهدة والمعايشة والسلوك الحضاري والاحترام، الذي يؤكد حضارة عريقة واصالة متميزة.

قالت الحبسية: مكتبة الجامع تضم 26000 مجلد مرجعي في شتى العلوم، ولدينا قاعة للاجتماعات والندوات، سعتها 200 شخص، وتعتبر المكتبة إحدى منجزات العمانية الحديثة، وتهدف الى نشر الثقافة بمختلف جوانبها العلمية واهتمامات المثقفين، افتتحت بالتزامن مع افتتاح الجامع عام 2001، تقع المكتبة داخل الحرم بمساحة 10776 متراً، فيها ثلاثة أدوار، الدور الأول: لكتب الأطفال، والثاني توجد فيه كتب اللغات والعلوم البحثية والتاريخ، ودور للكتب العمانية، ومجموعة من المعارف العامة والدين الاسلامي والفلسفة وعلم النفس والعلوم الاجتماعية، وأغلبها باللغتين العربية والانكليزية، وتتبع المكتبة في تصنيفها نظام ديوي العشري.
خدمات المكتبة

قالت ريا الحبسية: أقسام المكتبة 8‍، قسم خدمات القراء للرد على الاستفسارات، والبحث على مصادر المعلومات، وقسم الحاسب الآلي والإنترنت، وقسم الدوريات، يوجد في المكتبة أكثر من 90 دورية، و7 صحف يومية، اثنتان منها باللغة الانكليزية، وقسم الكتب العمانية، وقسم المراجع، وآخر للدراسات العليا، وقسم للأطفال، وغرف خاصة للمناقشة من غرفتين، احداهما للذكور، والأخرى للاناث، وتجولنا في قسم خدمات المكتبة، القسم الأول، خدمة البحث الآلي من خلال فهرس المكتبة باللغتين العربية والانكليزية. القسم الثاني: الخدمة المرجعية للرد على الاستفسارات سواء بالحضور أو الاتصال بالهاتف، أو عن طريق البريد الإلكتروني. القسم الثالث: خدمة الحاسب الآلي، خصصت المكتبة حوالي 36 جهاز حاسب آلي مربوط بشبكة الانترنت، و11 جهازاً مخصصاً للنساء.

وفي المكتبة خدمات لشبكة الانترنت اللاسلكية، وقسم خدمة الطباعة والنسخ مقابل مبلغ رمزي بسيط، ويوجد أيضاً المسح الضوئي لتدريب المستفيدين على كيفية البحث في الفهرس الآلي، وقسم للمطالعة الداخلية، هناك أماكن مهيأة للمطالعة والقراءة، ولا تسمح المكتبة بإعارة أي من مصادر المعلومات خارج مبنى المكتبة.

وأضافت: نأمل ان تكون هذه المكتبة منظومة ثقافية، وتوفر أوعية للمعلومات، ودائماً نسهل الوصول الى القارئ والباحث معلومات لازمة له للاستفادة، ونتابع على الاستمرار للحصول على الاصدارات الجديدة، واهدافنا ثقافية وتربوية وعلمية، مكتبة جامع السلطان قابوس الأكبر معلم ثقافي وفكري، تستقبل آلاف الزوار في السنة، ونقوم بأنشطة ثقافية وعلمية للناشئة سنوياً، وموقع المكتبة جذب سياح العالم لزيارتها بشكل دوري.

القبس