منع الاختلاط وآثاره السلبية أ.د. ميمونة خليفة الصباح
الأخوة النواب الأفاضل الذين مازالوا يصرون على منع الاختلاط والالتفاف على حكم المحكمة الدستورية: لن اتهمكم لا سمح الله بالتكسب السياسي والانتخابي، واقدر ما تحملونه من توجهات لأحزاب لها مسميات ذات مدلول نبيل «الإصلاح» فمن منا لا يتطلع إلى الإصلاح: الإخوان كلنا أخوان في «الدين والوطن والسلف الصالح الذين نسير على خطاهم» فدعونا نتحاور كما يوجهنا ديننا الإسلامي الحنيف «وجادلهم بالتي هي أحسن». أنا مربية أجيال منذ ما يزيد عن ربع قرن ومتخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر لوطننا الغالي هذا التاريخ الذي منحنا دولة مستقلة دولة الدستور والديمقراطية والمؤسسات الذي ارتضيناه جميعا ، وانتم الآن تمارسون دوركم من خلاله ممثلين للأمة تحت قبة عبدالله السالم طيب الله ثراه محقق الاستقلال وأبو الدستور والديمقراطية بالتعاون مع رجالات الكويت الميامين في نظام حقق العدالة للجميع والمساواة بين الجنسين أمام القانون اهتداء بقوله تعالى: «يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير» صدق الله العظيم. والمرأة اهتداء بهذا التوجه الرباني الكريم تؤدي فروضها ووجباتها الدينية تماما كما يؤديها الرجل ومعيار التقوى واحد للجنسين وفي الوقت ذاته تقوم المرأة بواجباتها الأسرية كاملة فهي أم الأجيال تقع الجنة تحت قدميها وصانعة المستقبل للوطن حيث تقوم بدورها في خدمة وطنها قديما عندما كانت الحياة في الكويت شحيحة وفي الحاضر عندما تسلحت بالعلم فشاركت في كل ميادين العمل في وضع الستراتيجيات وتنفيذها جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل. لكن البعض منكم وقف أمام الحقوق السياسية للمرأة رافضاً مشاركتها باعتبار أن عضوية مجلس الأمة ولاية عامة في حين أن الولاية العامة للحاكم لقولة تعالى «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» صدق الله العظيم. وبعد أن تحقق للمرأة الحصول على حقوقها السياسية بإصدار المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح المرسوم الأميري بقانون وبمساندة المغفور له ولي العهد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ونجاح صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حين كان رئيسا للوزراء بإقراره بتأييد شعبي كبير فسر البعض منكم هذا الحق على إن الدين الإسلامي يعطيها حق الانتخاب ويمنعها من الترشح وذلك للاستفادة من صوتها الانتخابي ومنعها من الترشح ، ولكنها والحمد لله حصلت على حقها كاملا. أعود إلى تجربتنا مع منع الاختلاط الذي كان له أثار سلبية كبيرة على النواحي التعليمية والاقتصادية والتربوية والنفسية لأبنائنا الطلبة من الجنسين ففي حين كانت العملية التعليمية تسير في يسر وانتظام في ظل الاختلاط يجلسون في القاعات الدراسية منقسمين بين جانبيها الطلبة في جانب والطالبات في الجانب الأخر تجمعهم الزمالة والإخوة والتعاون في الدروس العلمية يستعين كل منهم بالأخر في ما يعترضنه من صعوبات نتيجة غياب قسري أو صعوبة في فهم جانب علمي … ولم تقع أي أحداث مخلة أو معيبة بينهم كتلك التي وقعت على قلتها في ظل منع الاختلاط فضلا عما خلفه منع الاختلاط من شعور بعدم الثقة بأبنائنا من الجنسين فاهتزت ثقة البعض منهم بأنفسهم كما اوجد نظام منع الاختلاط صعوبات في الناحية التعليمية شعب مغلقة وصعوبات في التحصيل، وما نتج عنة من مضاعفة أعداد أعضاء هيئة التدريس ولا يزال هناك نقص في أعداد هيئة التدريس والحاجة إلى مضاعفة إعداد القاعات الدراسية ما سبب ضرراً اقتصادياً جسيماً حيث استوجب مضاعفة الميزانية أضعافاً عدة وأدى إلى تراجع في العملية التعليمية والاضطرار إلى رفع درجات القبول من دون مبرر علمي وتعليمي ..ولم توف حتى الجامعات الخاصة بسد حاجة القبول بالنسبة للأعداد المتزايدة في مخرجات الثانوية العامة واضطرار أولياء الأمور إلى إرسال أبنائهم إلى ارض الشتات للدراسة في الدول العربية والأجنبية بمستوياتها المختلفة …وفى هذا الصدد نستذكر بالاعتزاز أخواتنا اللواتي كن أول المبعوثات للخارج في دول قد تختلف عنا مجتمعاتها في القيم والتقاليد ولكنهن حافظن على قيمن والتزمنا بتقاليدنا المحافظة وعدن متسلحات بالعلم الذي استثمرنه في مساهمتهن في تعليم أجيال وفي عملية التنمية لوطنهن. كما نتج عن الأضرار التي سببها منع الاختلاط تراجع مستوى جامعة الكويت وفقا لتقيم مؤسسات التقييم الدولية فهل نرضى لجامعتنا الوحيدة ذلك وما نتج عنه من انعكاسات وخيمة على الوطن الغالي؟ فالتعليم عماد التنمية وأساس تقدم الأوطان التي يقاس تقدمها ونموها واستقرارها بقدر ما تقدمة لشعبها من علم وثقافة. الاختلاط موجود في أشرف بقاع الأرض في الحرمين الشريفين وفي أولى القبلتين المسجد الأقصى في القدس الشريف وفي دوائرنا الحكومية وفي الأسواق والأماكن العامة. فتعالوا يا نواب الأمة نتفق على كلمة سواء ونعمل على تجاوز السلبيات في العملية التعليمية ونبعد كل ما يؤثر منها سلبا على الوطن الغالي وأجيال المستقبل والأمل معقود على الأغلبية من نواب مجلس الأمة التي ستقف مع حكم المحكمة الدستورية وتقر الالتزام به. وكلنا للكويت والكويت لنا.
مؤرخة كويتية