كتاب أكاديميا

هل التعليم أولوية للحكومة؟  كتب د. محمد الدويهيس

  
 

د. محمد الدويهيس
لا يختلف اثنان على أهمية التعليم في تطور وتقدم الدول، والعلم نور ليس فقط لطالب العلم بل للمجتمع وللمؤسسة والدولة، وكثير من الحضارات اندثرت بسبب عدم اهتمامها بالعلم والتعليم والعلماء وتركيزها على وسائل اللهو والعيش الرغيد.
ويلاحظ المتابع للسياسات والتوجهات الحكومية خلال السنوات القليلة الماضية عدم وضع التعليم ضمن الأولويات الحكومية بقدر الاهتمام بالمشاريع الإسكانية الورقية، وبالتركيز على المشاريع الكبرى والتي لا أستطيع أن أصفها بالمشاريع التنموية لأن هناك فرقاً كبيراً بين الاثنين.

كان التركيز على بناء الحجر أكثر من بناء البشر،فجميع مؤشرات التنمية البشرية تشير الى تراجع الكويت في أغلب هذه المؤشرات رغم توفر الموارد المالية وارتفاع معدل الملاءة المالية للدولة، فهل ننتظر حتى تأتي سنوات العجز والضوائق المالية والأزمات الاقتصادية لنبرر تقاعسنا وكسلنا وعدم اهتمامنا ببناء البشر وتنمية الدولة بسبب العجز المالي وندرة الموارد المالية؟

كثير من الدول لم تكن لديها الموارد المالية مثل اليابان وسنغافورة،ولكن لم يمنعها ذلك من التركيز على أهم عنصر من عناصر الانتاج وهو «الانسان» من خلال تعليمه والاهتمام بالتنمية البشرية، فهذا لي كيوان يو مؤسس سنغافورة الحديثة حيث وجد الفساد مستشرياً في معظم أجهزة الدولة فأخذ عهدا على نفسه بالاهتمام بقيمة ومركز المعلم وبالتعليم من خلال التنمية البشرية جنبا الى جنب مع تنمية وبناء المؤسسات والأجهزة الحكومية،وخلال فترة وجيزة استطاع لي كيوان يو أن يحول سنغافورة من دولة فقيرة تنتشر فيها الأمراض والجريمة والفساد الى دولة في مصاف الدول المتقدمة.

واليابان، المشهورة بقلة الموارد الطبيعية استطاعت من خلال اهتمامها بجودة التعليم والمعلم وسن قانون يتم بموجبه تحديد الرواتب على الدرجة العلمية والخبرة العملية استطاعت أن تنافس الدول المتقدمة بل وتغزو أميركا والعالم اقتصاديا وتكنولوجيا.

وعندما ننظر لوضعنا التعليمي في الكويت نجد مع الأسف الشديد أن المعلم وجودة التعليم ليسا من ضمن الأولويات الحكومية، حيث تشير المعايير والمؤشرات الدولية الى تردي وتدني مستوى التعليم وعدم الاهتمام بجودة التعليم والعملية التعليمية وبروز بعض الممارسات التي تدل على التخلف في النظام التعليمي مثل ظاهرة الدروس الخصوصية والغش الدراسي والشهادات العلمية المزورة والبحوث العلمية المسروقة وغيرها من الممارسات البعيدة عن العلم والمهنية العلمية، كذلك فإن عدم الاهتمام والتقدير للمعلم ومكانته في المجتمع الكويتي وفي سلم الوظائف الحكومية دليل على غياب الرؤية الاستراتيجية الحقيقية بالاهتمام بالمعلم وبالتعليم وبجودة العملية التعليمية،أضف الى ذلك تدني نسبة الاستثمار في البحوث والدراسات العلمية والبحثية.

وعندما نرى تدني رواتب المعلمين مقارنة بالوظائف الحكومية الأخرى،وكذلك في ظل ما يتم دفعه للوظائف في مجال الترفيه والفن والتمثيل والرياضة،يصاب الانسان بهول الصدمة بنوعية وأنظمة التحفيز والتشجيع التي تضعها الدولة للأجيال المقبلة.

لا بد أن تقف الدولة وتراجع أولوياتها الحكومية وأن تضع التعليم في المرتبة الأولى من سلم الأولويات الحكومية اذا كانت فعلا جادة وتريد أن تبني الانسان والمواطن جنبا الى جنب مع بناء المؤسسات الحكومية حتى يمكنها أن تتطور وتنافس الدول المتقدمة.

إن الوقت يمر بسرعة والزمن لا ينتظر الكسالى والمتقاعسين،فهل نتحرك قبل فوات الأوان؟!

ودمتم سالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock